الأربعاء، ٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

عبر مِن قصص الأنبياء (6)

ويبدو أن قوم عاد كانوا أيضًا مصدرًا لتأصيل الكفر وتبريراته وشبهاته في العالم والحضارات

عبر مِن قصص الأنبياء (6)
أسامة شحادة
الخميس ١٣ سبتمبر ٢٠١٨ - ١٧:١١ م
938

عبر مِن قصص الأنبياء (6)

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ب- هود -عليه السلام-:

يَعتبر بعض الباحثين في التاريخ قومَ عاد أصل الحضارات القديمة؛ وذلك بسبب قوتهم المادية التي أثبتها القرآن الكريم، ولِما في الحضارات القديمة مِن تشابهٍ برغم تباعد مناطقهم؛ مما يشير لأصلٍ واحدٍ انبثقوا منه، ولكون قوم عاد هم خلفاء قوم نوح -عليه السلام-.

ويبدو أن قوم عاد كانوا أيضًا مصدرًا لتأصيل الكفر وتبريراته وشبهاته في العالم والحضارات اللاحقة -ولليوم-! فحين جاءهم هود -عليه السلام- بدعوة التوحيد (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) (الشعراء:124-126)، كان موقفهم الرفض والعناد، واتهامه بالكذب والسفاهة والجنون، (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) (الأعراف:66)، و(قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا) (الأحقاف:22)، (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ) (هود:54).

ولا يزال الكفار والملحدون منذ زمن قوم عادٍ -ولليوم- يتهمون الأنبياء والعلماء والمصلحين بالكذب والسفاهة والجنون! فلما كذبت قريش نبينا محمدًا -عليه الصلاة والسلام- قال الله -تعالى- عن موقفهم الباطل: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ . أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) (الذاريات: 52-53).

وفي هذه المرحلة مِن تاريخ المسلمين تكاثرت (تغريدات) و(بوستات)؛ فضلًا عن المقالات والكتب والروايات وغيرها، مِن المجرمين والحاقدين على الدين والإسلام والنبي -صلى الله عليه وسلم-، مِن كثيرٍ مِن الدول المسلمة، والتي تطعن في الإسلام والقرآن الكريم والنبي -صلى الله عليه وسلم- باتهامه بالخداع والكذب والجهل! وليس آخرها تصريحات "السبسي" الطاعنة في آيات المواريث بدعوى إنصاف المرأة، ورفع الظلم عنها!

ومنذ زمن قوم عاد -ولليوم- فإن الكفر والإعراض عن دعوة التوحيد ورسالة الأنبياء ورفض الإيمان تفتقد للدليل والبرهان، وتقوم على الجهل والهوى، كما قال هود -عليه السلام-: (أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) (الأعراف:71)؛ ولذلك كلما خسر الكفار معركة نصرة الكفر بالمنطق والعلم لجأوا للبطش والظلم والعدوان، فها هو هود -عليه السلام- يفضح عدوانهم وكيدهم: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ . إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) (هود: 54-56).

ولكن سنة الله -عز وجل- ماضية في هذه القوى العاتية الظالمة، والمعاندة لتوحيد الله -عز وجل-، وهي العقوبة والعذاب حتى يبزغ فجر أمة مؤمنة جديدة، كما قال هود -عليه السلام-: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ . قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ) (المؤمنون:39-40)، ولما انتهى وقتهم (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (المؤمنون:41)، فللعقوبة والعذاب مهلة زمنية فلا يستيئس المؤمنون، وليثبتوا على الإيمان والحق ويصبروا قليلًا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً