الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

منح من بوابة غزة بين المؤمنين والمنافقين

منح من بوابة غزة بين المؤمنين والمنافقين
الشيخ / أحمد عبد السلام
الأربعاء ١٨ فبراير ٢٠٠٩ - ١٣:٤٤ م
2289

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فمن المحن تأتي المنح، ومن الآلام تأتي العطايا.

إذا كان المسلم يتألم لما يجري لإخوانه في غزة وغيرها من هذه الجراح والآلام؛ ولكن لا يخلو الأمر من عِبر ومنح وعطايا، منها:

1- التذكير بقضية الصراع بين الحق والباطل: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ)(البقرة:251).

وتعميق عقيدة الولاء والبراء: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)(البقرة:120)، (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)(البقرة:109)، (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)(البقرة:217).

لكي نستمع ونرجع إلى كتاب ربنا وهو يوجهنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(المائدة:51).

2- اختبار عزيمة المؤمنين وإيمانهم وتضحيتهم في سبيل الله: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)(محمد:4).

3- استخراج عبادة الاستكانة، والخضوع، والتذلل والانكسار لله -سبحانه وتعالى- في السراء والضراء، وفيما يحبون وفيما يكرهون.

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "إنه سبحانه لو نصرهم دائما -أي المؤمنين- وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا؛ لطغت نفوسهم، وشمخت وارتفعت كما لو بسط لهم الرزق، فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء، والشدة والرخاء" اهـ.

لأن من الناس من يعبد ربه على الرخاء فقط، كما قال -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)(الحج:11).

4- ومن ذلك اصطفاء الشهداء، وهذا لا يكون إلا ببذل وتضحية وآلام: (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ)(آل عمران:140)، والشهداء هم خواص الله والمقربون من عباده (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(آل عمران:169).

5- ومن ذلك أنه قد يكون لعباده المؤمنين منزلة عنده -سبحانه وتعالى- في الجنة لا تبلغها أعمالهم، فيبتليهم ليرفعهم إليها، وقد مر -صلى الله عليه وسلم- على بعض الصحابة وهم في شدة وضر وفاقة فقال: (لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة) رواه الترمذي، وصححه الألباني، وفي الحديث: (إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى) رواه أبو داود، وصححه الألباني.

6- ومن ذلك إظهار شرف هذه الأمة: فإنها الأمة الوحيدة التي تقاتل في سبيل الله، رغم ما بها من ضعف وقلة إلا أنها لا تزال فيها طائفة تقاتل عن هذا الدين حتى تقوم الساعة، ولا يضرها من خذلها أو خالفها (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً)(النساء:76).

7- ومن ذلك أيضا كشف حال المنافقين: الجبناء الذين يتخاذلون عن نصرة دين الله؛ لأنهم في الواقع لا يؤمنون به، ويتخاذلون عن نصرة إخوانهم؛ لأنهم لا ينتمون إليهم.

ولهؤلاء المنافقين مواقف مخزية مع هذا الدين، ومع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة وقت المحن، وهي مواقف متكررة في القديم والحديث.

ولأهمية هذه المواقف سطرها القرآن تتلى إلى يوم القيامة، ولخطورة هذا الصنف من البشر فضحتهم الآيات في أكثر من سورة، بل هناك سورة تسمى سورة "المنافقون".

فهيا بنا نقف مع فضائحهم وخزيهم في غزوة أحد، والأحزاب، وتبوك:

موقفهم يوم أحد:

يوم أحد تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ . الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا)(آل عمران:167-168).

تأمل في موقفهم هذا... تخاذل وجبن... أبوا أن يخرجوا للقتال أو حتى الدفع عن المسلمين!!

لِمَ يفعلون ذلك؟!

لاضمحلال إيمانهم، لا يستشعرون بانتمائهم لهذه الأمة وهذا الدين، ولذلك يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، ثم يثبطون الناس، ويخذلون المؤمنين عن قتال الكافرين، وبأنهم لو أطاعوهم ما قتلوا.

إن الانتماء هو الذي يحرك العبد للدفاع عن دينه وعن إخوانه، إن الإيمان هو الذي يدفعه إلى التضحية في سبيل الله، ونصرة دينه.

فإذا لم يكن منتمياً ولم يكن مؤمناً، لِمَ يجاهد إذاً؟! ولمَ يضحي؟ ولِمَ يبذل إذاً؟

إن كشف حال هؤلاء من الأهمية بمكان، وهذا من فوائد المحن.

موقفهم يوم الأحزاب:

في هذا اليوم العصيب، وقد أحاطت بدولة الإسلام الناشئة جيوش الكفر، وتحزبوا عليهم، وأرادوا استئصال شأفة الإسلام (هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا)(الأحزاب:11)، ماذا فعل المنافقون؟؟ تأمل... (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا)(الأحزاب:12).

نطقوا بالكفر وخذلوا المؤمنين، ثم (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا)(الأحزاب:13)، يشيعون الإرجاف في صفوف المؤمنين.

ثم ماذا؟ (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا)(الأحزاب:13).

إنهم جبناء... مخذولون، يريدون الفرار من نصرة الدين، ويبحثون عن ذرائع وأسباب تبرر لهم ذلك.

إنهم لا يهتمون إلا بأنفسهم ومصالحهم وبيوتهم ومناصبهم، ولذلك يكذبون لأجل الفرار والحفاظ على تلك المصالح الذاتية.

واستمع إلى التقريع والتوبيخ لهم: (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا . قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا)(الأحزاب:16-17).

يوم تبوك، والفضيحة الكبرى، وسورة التوبة الفاضحة التي كشفت سترهم وأظهرت عوارهم:

هم هم يكذبون مرة أخرى، ويتعللون للفرار من الجهاد، ويستأذنون للتخلف عنه، وقد أذن لهم.

يقول الله -تعالى- مخاطباً نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِين)(التوبة:43)، أهلَ النفاق.

ثم يبين الله -تعالى- باطنهم: (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُون)(التوبة:45).

إنهم استأذنوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للتخلف عن الجهاد مع قدرتهم، وسعة ما بأيديهم، ثم ها هم يفرحون بهذا الخزي، ويظنونه نعمة -نعوذ بالله من الخذلان-؛ ذلك بأنهم كرهوا الخير، كرهوا الجهاد، كرهوا البذل والتضحية في سبيل الله.

إنهم أهل كفر ونفاق، وقد طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، لا يفقهون الخير والإيمان، ولا يعرفون سنن الله الكونية والشرعية.

بل استمع إليهم فرحين أنهم لم يشهدوا ذلك مع المؤمنين (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً)(النساء:72).

فيعدون التخلف عن الجهاد نعمة والخذلان الذين هم فيه رخاء! قال -تعالى-: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ)(آل عمران:179).

اسمع: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ)(التوبة:46)، ما منعهم أن يستعدوا للجهاد؟!

وبيـَّن -سبحانه وتعالى- كراهته لخروجهم في صفوف المؤمنين، والحمد لله أنهم لم يخرجوا ولم يقاتلوا... لماذا؟! (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)(التوبة:47).

إنها نعمة من الله -تعالى- ألا يشارك المنافقون في الحرب ولا يعلنونها، كيف لا وهم سبب التخذيل والهزائم والفتنة والشرك والشك؟!

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا)(التوبة:49)، يتعلل بخوف الفتنة على نفسه، وقد وقع فيما هو أعظم فتنةً، وهي البراء من نصرة الدين، والولاء للشيطان وحزبه من حيث يشعر أو لا يشعر.

ثم يبين -تعالى- فرحهم بمصاب المؤمنين وحزنهم لانتصارهم (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ)(التوبة:50).

إن لهم صفات دائمة: (كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ)(التوبة:54).

وتمضي بنا السورة لتبين كذبهم وحلفهم الباطل أنهم من المؤمنين وما هم منهم، وإنهم أهل جبن يريدون الفرار، وإنهم يؤذون الله ورسوله والمؤمنين، وإنهم إذا اجتمعوا استهزءوا بالله وآياته ورسوله، وإنهم يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف، ويعاهدون ولا يوفون.

فبينما المؤمنون تتقطع قلوبهم لما يصيب إخوانهم، ويبكون على فوات الخير والجهاد في سبيل الله؛ إذ بالمنافقين على العكس تماما، بل إنهم ليفرحون بجبنهم وتخلفهم.

وبين الله -تعالى- فرحهم بالتخلف عن الجهاد؛ لأنهم لا يؤمنون (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ . فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(التوبة:81-82).

قال -تعالى-: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ)(التوبة:92). انظر إلى ثناء الله عليهم، فالله يعذرهم بأنهم ليس عليهم سبيل وقد أدوا ما عليهم.

إنهم يبكون على فوات الجهاد والخير، وتأمل.. لم يبكوا أمام النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل تولوا وأعينهم تفيض من الدمع، فهذا دليل على الصدق والإخلاص.

ثم إنهم يبكون حزنا -حقا يبكون حزنا- ليس تكلفا ولا رياء، تتحرق قلوبهم على فوات البذل والتضحية في سبيل الله، إنها صفحة رائعة من صدق وإخلاص المؤمنين.

وقد تسأل: لمَ هذا الإطناب في ذكر المنافقين؟

أقول لك: لأنهم يتدسسون في صفوف المؤمنين، ويلبسون زيـّهم، ويتسمون بأسمائهم، وربما يصلون في مساجدهم، وربما يظهرون التعظيم لدينهم، ويدعون أنهم منهم، وينطلي حالهم على كثير من المسلمين حَسَنِي النية، وطيبي القلب، فيـُخدعون بهم، ومن ثمَّ يطالبونهم بنصرة الإسلام وأهل الإسلام.

فالحذرَ الحذرَ من أولئك! إنهم أكبر أسباب الخبال والهزيمة (وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)(آل عمران:126).

فنعوذ بالله من النفاق وأهله، ونسأل الله أن يقينا وأمتنا شر النفاق والمنافقين، والحمد لله رب العالمين.

ربما يهمك أيضاً

من فقه الخلاف
778 ٠٦ يناير ٢٠٢٠
من محاسن الشريعة
646 ٢٤ ديسمبر ٢٠١٩
المرجع عند الخلاف
751 ٢٤ نوفمبر ٢٠١٩
نظرة الإسلام للمال
1032 ١٨ نوفمبر ٢٠١٩
هل تفرِّط في النعم؟!
1034 ١٧ مايو ٢٠١٨