الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الدعوة أمانة في أعناق أبنائها!

إن الأمانة تقتضي أن يسعى كل واحد منا إلى دورٍ يخدم به الدين قلَّ هذا الدور أو كثر

الدعوة أمانة في أعناق أبنائها!
محمد القاضي
السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٠:٣٦ ص
696

الدعوة أمانة في أعناق أبنائها!

كتبه/ محمد القاضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فمما لا شك فيه أن مشايخ الصف الأول أو الجيل المؤسِّس لهذه الدعوة المباركة قد بذل جهدًا خرافيًّا في توضيح المنهج، وتنقية العقائد مِن بدع الغلاة والجفاة على حدٍّ سواء.

وهذا الجهد المبارك ظهر في القوة العلمية والفكرية لرواد هذا الجيل، والأطر الفكرية التي وضعوها لمَن جاء بعدهم، والتي حافظت على أبناء هذه الدعوة أولًا مِن الفتن المتلاطمة التي أخذت أبناء الجماعات الأخرى يمنة ويسرة، وحافظت على مقدرات البلاد والعباد ثانيًا.

وكان لها أبلغ الأثر في الخروج بالبلاد مِن آتون الفتنة الذي يحرق كل شيء، ولكن هذا الجهد العلمي التأصيلي لابد أن يُستكمل بجهودٍ أخرى مِن الأجيال المختلفة المنتمية لهذه الدعوة، والتي تأتي في مقدمتها: الحفاظ على كيان الدعوة قويًّا متماسكًا، ولا شك أن هذا يحتاج إلى جهودٍ مضنيةٍ ومتجردة؛ للحفاظ على  وجود الكيان كوسيلةٍ لحفظ منهج أهل السُّنة والجماعة والدفاع عنه مِن كل السهام المغرضة التي تستهدفه  وأن ترتفع عن الأغراض الشخصية والمآرب الذاتية التي متى استفحلت أضاعتْ أي دعوة إصلاحية، وتبعثر أبنائها واستهلكوا في خلافاتٍ تصب في النهاية في حظوظ النفوس والرغبات غير المحمودة في التصدر والاستئثار بالعمل.

إن الأمانة تقتضي أن يسعى كل واحد منا إلى دورٍ يخدم به الدين قلَّ هذا الدور أو كثر، برز أو خفي؛ المهم أن يسعى مِن خلال العمل إلى هدفٍ واحدٍ هو وصول الخير والهدى إلى الناس؛ بغض النظر عن أن يكون هو مَن يمسك بالميكرفون أو غيره؛ هذا مِن جهةٍ.

وكذلك فإن الأمانة تقتضي أن يكون الواحد منا صادقًا مع نفسه أولًا، ومع الآخرين؛ فإن كان هناك كفاءات أو مواهب بارزة في الدعوة إلى الله أن يسعى إلى إبرازها وتحملها هم الدعوة مع مَن هو أكبر منها.

وهذا لن يكون إلا إذا طهرت القلوب وعملت لله متجردة، فكل أخ مَنَّ الله عليه بالدعوة والعمل لدين الله -ويا لها مِن نعمةٍ- يسعى إلى بقاء العمل مِن بعده؛ ليظل الثواب دائمًا ومتصلًا؛ ولذلك يبحث عمَن يتحمل الأمانة بعده فينشغل بدفعه وإعانته، وتقديم الخبرة له حتى يؤدي العمل على أكمل وجهٍ في حياته.

وهذه القضية ألا وهي: البحث عمَن يحمل همَّ الدِّين جاءتْ في السُّنة في قصة الراهب والغلام التي توسم فيه الصدق وإنه قادر على إيصال الحق إلى الخلق، فأولاه الرعاية الخاصة حتى وصل إلى مستوى قال له فيه: (أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي) (رواه مسلم)، وهذا يدل على تجردٍ كبيرٍ مِن الرجل، فلا حرج لديه أن يتصدر مَن هو أصغر منه أو مَن كان نتاج تربيته إن رأى فيه كفاءة لذلك.

بمثل هذه الأخلاق يحافظ أبناء الدعوة على دعوتهم، ويكون مستقبل الدعوة مشرقًا وأقوى مِن واقعها الحالي.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة