الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

سقوط الأمم والدول

فساد الاعتقاد مِن أعظم أسباب الانهيار

سقوط الأمم والدول
أحمد حمدي
الخميس ٠٣ يناير ٢٠١٩ - ١٥:٠٠ م
934

سقوط الأمم والدول

كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعند القراءة للتاريخ تجد أممًا ودولًا وحضارات، كانت قوية ثم زالت، مثل: الحضارة الإغريقية واليونانية، والهندية، والبابلية، والآشورية، والفرعونية، والرومانية، والبيزنطية، وحضارة الفرس، حتى الحضارة الإسلامية مرت بمراحل مِن الضعف، وفي وقتٍ مِن الأوقات كانت بريطانيا وفرنسا هي القوى العظمى في العالم، ثم أصبحت الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، ثم تفكك الاتحاد السوفيتي، فأصبحت أمريكا شرطي العالم ثم صعدت قوى مثل: الصين، والاتحاد الاوروبي.

 لكن الذي يخصنا بالذكر هنا هي أسباب الضعف والسقوط التي أصابت الأمة الإسلامية عبْر تاريخها، مثل سقوط الدولة الأموية أو ضعف الدولة العباسية بعد العصر العباسي الأول، وسقوط الخلافة الإسلامية في بغداد على يد التتار، وسقوط بيت المقدس عام 88 عامًا في يد الصليبيين، وسقوط بلاد الأندلس بعد حضارة ثمانية قرون، وسقوط الخلافة العثمانية الإسلامية عام 1924م على يد مصطفى كمال أتاتورك، وسقوط الأقصى وبيت المقدس في يد اليهود في العصر الحديث، وحالة الضعف والتدهور التي أصابت المسلمين في كل بقاع الدنيا اليوم.

وهذا له أسباب عدة نتعرف على بعضها:

أولًا: فساد الاعتقاد مِن أعظم أسباب الانهيار، مثل: سقوط بيت المقدس في يد الصليبيين في زمن الدولة الفاطمية الباطنية الشيعية العبيدية، وانتشار عقيدة الرافضة الخبيثة، وسقوط بغداد على يد التتار؛ بسبب خيانة ابن العلقمي الشيعي، ونصير الدين الطوسي، وسقوط الأندلس بسبب موالاة بعض ملوك الطوائف النصارى في قشتالة وليون للفرنجة، وسقوط الدولة العثمانية؛ بسبب تحالف الدولة الصفوية المجوسية الشيعية مع البرتغال ضد الدولة العثمانية، وكذلك انتشار عقائد الصوفية، وشرك القبور والخزعبلات والخرافات.

ثانيًا: التفرق والتشرذم والنزاع يؤدون إلى الفشل، مثل: تفرق ملوك الطوائف إلى 22 دويلة في الأندلس، وكذلك في العصر العباسي الثاني إلى دولة القرامطة والبويهية، وكذلك الدولة الطولونية والإخشيدية، والفاطمية والأيوبية، قال -تعالى-: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال:46).

ثالثًا: حب الدنيا والحرص عليها، والجاه والملك والسلطان، والترف والدعة، والبذخ والإسراف، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) (آل عمران:152)، قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَوَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) (متفق عليه)،  وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا) (متفق عليه)، وهذا ما حدث في ملوك الطوائف في الأندلس، والتوريث للأبناء في بني أمية وبني العباس وبني عثمان.

رابعًا: الظلم والجور، والجرأة على سفك الدماء والفساد، مثل ما حدث في بني أمية وبني العباس وغيرهم، فالظلم ظلمات يوم القيامة، وعقوبة الظلم وخيمه، وإياك ودعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب، وكما قال ابن تيمية رحمه الله-: "دولة العدل تدوم وإن كانت كافرة، ودولة الظلم تزول وإن كانت مسلمة!"، والعدل أساس الملك، وبه قامت السماوات والأرض.

خامسًا: انتشار المجون والسكر وشرب الخمور، وسماع الأغاني والموسيقى، والرقص والطرب، والعري والفواحش، والذنوب والمنكرات والربا، فهي مِن أكبر أسباب الانهيار والخراب والهزيمة، فما نزل بلاء إلا بذنبٍ، وما رفع إلا بتوبة، قال -تعالى-: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (الشورى:30)، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41)، وقالت إحدى أمهات المؤمنين: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: (نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ) (متفق عليه).

وهذا حدث في عهد الدولة العباسية، كانت الجارية ترقص أمام الخليفة والتتار يحاصرون بغداد، وكذلك في نهاية العصر العباسي الأول، وكذلك في الأندلس عندما أرسلوا جاسوسًا فرأي غلامًا يبكي، قال: "علام تبكي؟ قال: لأنني أصبت 9 أهداف بالسهام -وهو يجري على الخيل مِن موضع الحركة، وأخطأ في العاشر-، فرجع وقال لملوك قشتالة: لا قِبَل لكم بهم، فغلمانهم تربوا على الجهاد و الفروسية، فقالوا: أغرقوهم في الشهوات"، كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع.

 وبعد سنوات أُرسل الجاسوس فوجد شيخًا كبيرًا ظهره منحني يبكي، قال: "علامَ تبكي؟ قال: لأن خاتم حبيبتي سقط في هذا البئر، فقالوا: الآن الآن نغزوهم!".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
621 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
781 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
612 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
930 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
621 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
677 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠