تأملات في حجة الوداع (26)
أحكام عامة في الرمي
كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قال جابر
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ
عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ
الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ
مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي. ثُمَّ انْصَرَفَ
إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى
عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ؛ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ" (رواه مسلم).
قال الشيخ الشنقيطي -رَحِمَهُ اللهُ-: "اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا
فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنَ
الضَّعَفَةِ وَغَيْرِهِمْ، مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ رَمَاهَا بَعْدَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ، إِلَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ الَّذِي يُجْزِئُ فِيهِ رَمْيُ جَمْرَةِ
الْعَقَبَةِ هُوَ ابْتِدَاءُ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ،
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي
لَيْلَى، وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي
الْمُغْنِي، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ،
وَأَحْمَدُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ: إِلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ يَبْتَدِئُ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ
الشَّمْسِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ
الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ لِلضَّعَفَةِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ
وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَهُوَ اخْتَيَارُ ابْنِ
الْقَيِّمِ.
وَإِذَا
عَلِمْتَ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَهَذِهِ تَفَاصِيلُ
أَدِلَّتِهِمْ.
أَمَّا
الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَجُوزُ فِي النِّصْفِ
الْأَخِيرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ فَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "أَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ
الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ، فَأَفَاضَتْ وَكَانَ ذَلِكَ
الْيَوْمُ الْيَوْمَ الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَعْنِي عِنْدَهَا انْتَهَى مِنْهُ.
قَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَأَمَّا حَدِيثُ
عَائِشَةَ فِي إِرْسَالِ أُمِّ سَلَمَةَ فَصَحِيحٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
بِلَفْظِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ...
قَالَ
مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ-: وَتَعْتَضِدُ بِمَا رَوَاهُ
الْخَلَّالُ بسَنَدِه عن أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: "قَدَّمَنِي رَسُولُ
اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَنْ قَدَّمَ مِنْ أَهْلِهِ
لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ، قَالَتْ: فَرَمَيْتُ بِلَيْلٍ، ثُمَّ مَضَيْتُ إِلَى
مَكَّةَ، فَصَلَّيْتُ بِهَا الصُّبْحَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مِنًى"،
انْتَهَى مِنْهُ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ ابْنِ الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ؛ فهذه
الرِّوَايَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ تُقَوِّي الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَنْ
عَائِشَةَ... هَذَا هُوَ حَاصِلُ حُجَّةِ مَنْ أَجَازَ رَمْيَ الْجَمْرَةِ قَبْلَ
الصُّبْحِ.
وَأَمَّا
حُجَّةُ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ رَمْيُهَا، إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ،
فَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَاهَا وَقْتَ
الضُّحَى. وَقَالَ: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ".
وَمِنْهَا: مَا
رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بَعَثَ بِضَعَفَةِ أَهْلِهِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى
تَطْلُعَ الشَّمْسُ". وَفِي لَفْظٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدَّمَنَا
رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ
-أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- عَلَى حُمُرَاتٍ، فَجَعَلَ يَلْطَحُ
أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ: "أَيْ بَنِيَّ، لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى
تَطْلُعَ الشَّمْسُ"، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: اللَّطْحُ: الضَّرْبُ اللَّيِّنُ،
وَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ
حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ
الْعِلْمِ.
وَأَمَّا
حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلضَّعَفَةِ بَعْدَ
الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَأَنَّ غَيْرَهُمْ لَا
يَجُوزُ لَهُ رَمْيُهَا إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَمِنْهَا حَدِيثُ
أَسْمَاءَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ. <يعني -رَحِمَهُ اللهُ- حديث عبد الله مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ
أَسْمَاءَ، أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ
تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟
قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ
الْقَمَرُ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا؛ فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا
حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِي مَنْزِلِهَا،
فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ، مَا أُرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا، قَالَتْ:
"يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَذِنَ لِلظُّعُنِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)؛ فَهَذَا الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ
عَلَيْهِ، صَرِيحٌ أَنَّ أَسْمَاءَ رَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ،
بَلْ بِغَلَسٍ، وَهُوَ بَقِيَّةُ الظَّلَامِ، وَصَرَّحَتْ بِأَنَّهُ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَذِنَ فِي ذَلِكَ لِلظُّعُنِ؛ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ
لَمْ يَأْذَنْ لِلْأَقْوِيَاءِ الذُّكُورِ كَمَا تَرَى.
وَمِنْهَا:
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا،
فَإِنَّ فِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ، وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ
يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ،
فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوُا الْجَمْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا- يَقُولُ: "أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"؛ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا الْمُتَّفَقُ
عَلَيْهِ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى التَّرْخِيصِ لِلضَّعَفَةِ فِي رَمْيِ
جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا تَرَى،
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ لِغَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ -عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ-: إِنَّ الَّذِي يَقْتَضِي الدَّلِيلُ رُجْحَانَهُ
فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الذُّكُورَ الْأَقْوِيَاءَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ
رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَأَنَّ
الضَّعَفَةَ وَالنِّسَاءَ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِي جَوَازِ رَمْيِهِمْ
بَعْدَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ، وَابْنِ عُمَرَ
الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمَا الصَّرِيحَيْنِ فِي التَّرْخِيصِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ،
وَأَمَّا رَمْيُهُمْ أَعْنِي الضَّعَفَةَ وَالنِّسَاءَ، قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ،
فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ، فَحَدِيثُ عَائِشَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ يَقْتَضِي
جَوَازَهُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ: يَقْتَضِي
مَنْعَهُ" (انتهى مِن أضواء البيان في إيضاح القرآن
بالقرآن، 4/ 449 - 452).
وقد رَجَّحَ الشوكانيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- أن الإذن في الرمي قبْل طلوع الشمس
خاص بالنساء، وأما الصغار وضعفة الذكور؛ فإنهم لا يرمون إلا بعد طلوع الشمس، فقال
في "نيل الأوطار" في حديث عائشة: "أَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتْ
الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ": "هَذَا مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ؛ فَلَا
يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى جَوَازِ الرَّمْيِ لِغَيْرِهِنَّ مِنْ هَذَا
الْوَقْتِ لِوُرُودِ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ،
وَلَكِنَّهُ يُجَوِّزُ لِمَنْ بَعَثَ مَعَهُنَّ مِنْ الضَّعَفَةِ: كَالْعَبِيدِ
وَالصِّبْيَانِ أَنْ يَرْمِيَ فِي وَقْتِ رَمْيِهِنَّ، كَمَا فِي حَدِيثِ
أَسْمَاءَ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآخِرِ" (نيل الأوطار،
5/ 82).
قال الشيخ الشنقيطي -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَالْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي
الْأُصُولِ: هِيَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ النَّصَّيْنِ إِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ؛
وَإِلَّا فَالتَّرْجِيحُ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ جَمَعَتْ بَيْنَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْعِلْمِ، فَجَعَلُوا لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقْتَيْنِ: وَقْتَ
فَضِيلَةٍ، وَوَقْتَ جَوَازٍ، وَحَمَلُوا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَلَى وَقْتِ
الْفَضِيلَةِ، وَحَدِيثَ عَائِشَةَ: عَلَى وَقْتِ الْجَوَازِ، وَلَهُ وَجْهٌ مِنَ
النَّظَرِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
أَمَّا
الذُّكُورُ الْأَقْوِيَاءُ فَلَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ دَلِيلٌ
يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ رَمْيِهِمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛
لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي التَّرْخِيصِ فِي ذَلِكَ كُلُّهَا
فِي الضَّعَفَةِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْأَقْوِيَاءِ الذُّكُورِ، وَقَدْ
قَدَّمْنَا أَنَّ قِيَاسَ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي رَخَّصَ لَهُ مِنْ
أَجْلِ ضَعْفِهِ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ كَمَا هُوَ
مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ" (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، 4/ 452).
ثم قال
-رَحِمَهُ اللهُ-: "اعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ
يَمْتَدُّ إِلَى آخِرِ نَهَارِ يَوْمِ النَّحْرِ، فَمَنْ رَمَاهَا قَبْلَ
الْغُرُوبِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ رَمَاهَا فِي وَقْتٍ لَهَا.
قَالَ ابْنُ
عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ رَمَاهَا يَوْمَ
النَّحْرِ قَبْلَ الْمَغِيبِ فَقَدْ رَمَاهَا فِي وَقْتٍ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
مُسْتَحَبًّا لَهَا، انْتَهَى مِنْهُ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ ابْنِ قُدَامَةَ فِي
الْمُغْنِي؛ فَإِنْ فَاتَ يَوْمُ النَّحْرِ وَلَمْ يَرْمِهَا: فَقَالَ بَعْضُ
أَهْلِ الْعِلْمِ: يَرْمِيهَا لَيْلًا، وَالَّذِينَ قَالُوا: يَرْمِيهَا لَيْلًا:
مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: رَمْيُهَا لَيْلًا أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ، وَهُوَ أَحَدُ
وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ التَّقْرِيبِ،
وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَوَلَدُهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ،
وَآخَرُونَ.
قَالَ
النَّوَوِيُّ: وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ
مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَةَ أَخٍ لِصَفِيَّةَ
بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ نُفِسَتْ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَتَخَلَّفَتْ هِيَ
وَصْفِيَّةُ، حَتَّى أَتَتَا مِنْ بَعْدِ أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ
النَّحْرِ، فَأَمَرَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنْ تَرْمِيَا، وَلَمْ يَرَ
عَلَيْهِمَا شَيْئًا. انْتَهَى مِنْهُ. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ
يَرَى أَنَّ رَمْيَهَا فِي اللَّيْلِ أَدَاءٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ
كَصَفِيَّةَ، وَابْنَةِ أَخِيهَا. وَمِمَّنْ قَالَ يَرْمِيهَا لَيْلًا: مَالِكٌ،
وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ قَضَاءُ الرَّمْيِ الْفَائِتِ فِي اللَّيْلِ
وَغَيْرِهِ.
وَفِي
الْمُوَطَّإِ قَالَ يَحْيَى: سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ نَسِيَ جَمْرَةً مِنَ
الْجِمَارِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ مِنًى حَتَّى يُمْسِيَ؟ قَالَ: لِيَرْمِ أَيَّةَ
سَاعَةٍ ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، كَمَا يُصَلِّي الصَّلَاةَ، إِذَا
نَسِيَهَا، ثُمَّ ذَكَرَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ
مَا صَدَرَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ، أَوْ بَعْدَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ
الْهَدْيُ واجبٌ. انْتَهَى مِنَ الْمُوَطَّإِ.
وَقَالَ
الشَّيْخُ الْمَوَّاقُ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ خَلِيلِ بْنِ إِسْحَاقَ
الْمَالِكِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: "وَاللَّيْلُ قَضَاء":
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ، وَوَقْتُ قَضَاءٍ، وَوَقْتُ
فَوَاتٍ؛ فَوَقْتُ الْأَدَاءِ: فِي يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى
غُرُوبِ الشَّمْسِ، قَالَ: وَتَرَدَّدَ الْبَاجِيُّ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي
يَوْمَ النَّحْرِ هَلْ هِيَ وَقْتُ أَدَاءٍ، أَوْ وَقْتُ قَضَاءٍ؟ وَوَقْتُ الْأَدَاءِ
فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى
مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي اللَّيْلِ كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى مِنْهُ.
وَقَالَ
الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ الشِّلْبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى
تَبْيِينِ الْحَقَائِقِ شَرْحِ كَنْزِ الدَّقَائِقِ فِي الْفِقْهِ الْحَنَفِيِّ:
وَلَوْ أَخَّرَ الرَّمْيَ إِلَى اللَّيْلِ رَمَاهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛
لِأَنَّ اللَّيْلَ تَبَعٌ لِلْيَوْمِ فِي مِثْلِ هَذَا، كَمَا فِي الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ، فَإِنْ أَخَّرَهُ إِلَى الْغَدِ رَمَاهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ. انْتَهَى
مِنْهُ.
وَقَالَ
بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ
لَمْ يَرْمِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ: لَمْ يَرْمِهَا فِي اللَّيْلِ، وَلَكِنْ
يُؤَخِّرُ رَمْيَهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنَ الْغَدِ، قَالَ ابْنُ
قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: فَإِنْ أَخَّرَهَا إِلَى اللَّيْلِ، لَمْ يَرْمِهَا،
حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنَ الْغَدِ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ،
وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَيَعْقُوبُ:
يَرْمِيهَا لَيْلًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"ارْمِ وَلَا حَرَجَ"، انْتَهَى مِنَ الْمُغْنِي.
فَإِذَا
عَرَفْتَ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الرَّمْيِ لَيْلًا/ هَلْ يَجُوزُ أَوْ
لَا؟ وَعَلَى جَوَازِهِ: هَلْ هُوَ أَدَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ؟
فَاعْلَمْ
أَنَّ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الرَّمْيِ لَيْلًا، اسْتَدَلَّ بِمَا ثَبَتَ عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى
مَنْ رَمَى بَعْدَ مَا أَمْسَى؛ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بسَنَده عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فَيَقُولُ:
"لَا حَرَجَ"؛ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ
أَذْبَحَ؟ قَالَ: "اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ"، وَقَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا
أَمْسَيْتُ؟ فَقَالَ: "لَا حَرَجَ")، قَالُوا: قَدْ صَرَّحَ النَّبِيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّ مَنْ رَمَى بَعْدَ مَا أَمْسَى لَا
حَرَجَ عَلَيْهِ، وَاسْمُ الْمَسَاءِ يَصْدُقُ بِجُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ.
وَاعْلَمْ
أَنَّ مَنْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ الرَّمْيُ لَيْلًا، رَدُّوا الِاسْتِدْلَالَ
بِهَذَا الْحَدِيثِ قَائِلِينَ: إِنَّ مُرَادَ السَّائِلِ بِقَوْلِهِ "بَعْدَ
مَا أَمْسَيْتُ" يَعْنِي بِهِ: بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فِي آخِرِ
النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ، قَالُوا: وَالدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى ذَلِكَ:
أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ فِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، الْحَدِيثَ؛
فَتَصْرِيحُهُ بِقَوْلِهِ يَوْمَ النَّحْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ
فِي النَّهَارِ، وَالرَّمْيُ بَعْدَ الْإِمْسَاءِ وَقَعَ فِي النَّهَارِ؛ لِأَنَّ
الْمَسَاءَ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى مَا بَعْدَ وَقْتِ الظُّهْرِ إِلَى اللَّيْلِ.
قَالَ ابْنُ
حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: قَالَ:
"رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ"؛ أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ الْمَسَاءِ،
وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَشْتَدَّ الظَّلَامُ؛
فَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِكَوْنِ الرَّمْيِ الْمَذْكُورِ كَانَ بِاللَّيْلِ. انْتَهَى
مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ
مَنْظُورٍ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: الْمَسَاءُ: بَعْدَ الظُّهْرِ إِلَى صَلَاةِ
الْمَغْرِبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. اهـ.
قَالُوا:
فَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِمْسَاءِ فِيهِ آخِرُ النَّهَارِ
بَعْدَ الزَّوَالِ لَا اللَّيْلُ؛ وَإِذًا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلرَّمْيِ لَيْلًا.
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ: بِجَوَازِ الرَّمْيِ لَيْلًا عَنْ هَذَا
بِأَجْوِبَةٍ.
الْأَوَّلُ مِنْهَا: أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا حَرَجَ" بَعْدَ قَوْلِ السَّائِلِ: رَمَيْتُ
بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ، يَشْمَلُ لَفْظُهُ نَفْيَ الْحَرَجِ عَمَّنْ رَمَى بَعْدَ
مَا أَمْسَى، وَخُصُوصُ سَبَبِهِ بِالنَّهَارِ لَا عِبْرَةَ بِهِ؛ لِأَنَّ
الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ الْأَلْفَاظِ لَا بِخُصُوصِ الْأَسْبَابِ، وَلَفْظُ
الْمَسَاءِ عَامٌّ لِجُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ وَجُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَسَبَبُ
وُرُودِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ خَاصٌّ بِالنَّهَارِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا
الْأَدِلَّةَ الصَّحِيحَةَ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ الْأَلْفَاظِ لَا
بِخُصُوصِ الْأَسْبَابِ.
الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ ثَبَتَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ
صَادِقٌ قَطْعًا، بِحَسَبِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ بِبَعْضِ أَيَّامِ
التَّشْرِيقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّمْيَ فِيهَا لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ
الزَّوَالِ؛ فَقَوْلُ السَّائِلِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
"رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ" لَا يَنْصَرِفُ إِلَّا إِلَى
اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ فِيهَا بَعْدَ الزَّوَالِ مَعْلُومٌ فَلَا يَسْأَلُ
عَنْهُ صَحَابِيٌّ.
رَوَى أبو عبد
الرحمن النسائي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسْأَلُ أَيَّامَ مِنًى فَيَقُولُ: "لَا حَرَجَ"؛
فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ قَالَ: "لَا
حَرَجَ"، فَقَالَ رَجُلٌ: رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ؟ قَالَ: "لَا
حَرَجَ". انْتَهَى مِنْهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
الْجَوَابُ الثَّالِثُ: هُوَ مَا قَدَّمْنَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ؛ مِنْ أَنَّهُ أَمَرَ زَوْجَتَهُ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ،
وَابْنَةَ أَخِيهَا، بِرَمْيِ الْجَمْرَةِ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَرَأَى أَنَّهُمَا
لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ مِنَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ الرَّمْيَ لَيْلًا
جَائِزٌ" (انتهى باختصارٍ وتصرفٍ مِن أضواء البيان في
إيضاح القرآن بالقرآن، 4/ 453 - 457).
والصحيح أنه يجوز لمَن تَأَخَّر في الرمي أن يرميها ليلًا، ولا شيء عليه، والله
أعلى وأعلم؛ فإن فاته ذلك؛ فليرمِها مِن اليوم التالي قبْل أن يرمي الجمرات الثلاث
مِن يوم الحادي العشر؛ فيرميها بعد الزوال قضاءً، والله أعلى وأعلم.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com