الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفوائد الحسان من رحلة سلمان -رضي الله عنه- (1)

يحتاج المرء أن يأخذ قرارات صعبة لابد منها ليدرك الحق والحقيقة

الفوائد الحسان من رحلة سلمان -رضي الله عنه- (1)
وليد شكر
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٩ - ١٧:٣٩ م
1007

الفوائد الحسان من رحلة سلمان -رضي الله عنه- (1)

كتبه/ وليد شكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيزخر تاريخنا الإسلامي بقصصٍ فريدة تفيض بها كتب السير والتراجم، ومِن هذه الأمثلة: رحلة سلمان الفارسي -رضي الله عنه- في البحث عن الحقيقة.

حيث يروي رحلته فيقول:

- "كنتُ مِن أهل فارس، وكان أبي دهقان أرضه -أي كبير المكان الذي يسكن فيه-، وكان يحبني حبًّا شديدًا حتى حمله حبي أن يحبسني في البيت كما تحبس الجارية، وترقيت في المجوسية حتى صرت قطن النار -أي القائم على شأنها، وهذا كالسدنة بالنسبة للأصنام- فخرجتُ يومًا أنظر إلى ضيعة لنا، فمررت ببناء سمعت فيه ترانيم، فقلتُ: ما هذا؟ فقالوا: هؤلاء هم النصارى وهذه كنيستهم؟ فدخلت فسمعتُ فأعجبني ما سمعت".

وهنا فائدة: "لا تستكثر الهداية على أحد".

اجتمع لسلمان المكانة الاجتماعية -فهو ابن كبير القوم-، والمكانة الدينية -حيث هو القائم على شأن النار-، ومع ذلك لم يمنعه ذلك أن يترك الباطل الذى هو عليه عندما رأى ما هو خير منه؛ وهذا لأنه ليس أحد بعيدًا عن الهداية إذا شاء الله له ذلك، لقد كان أبوه حريصًا ألا يرى أحدًا أو يختلط بأحدٍ، ومع ذلك قدَّر الله أن يخرج ليسمع ويرى.

وهنا نقول: لا تيأس مِن هداية أحد مهما كانت معصيته، ومهما كان بُعده، حتى أولئك الذين هم رأس في الضلال؛ متى وجدت الفرصة لدعوتهم لا تضيعها، فقد كان سلمان قائمًا على أمر النار، وكم مِن داعية إلى الباطل أخذ الله بناصيته إليه ونحن مطالبون أن يسمع هؤلاء منا بعد ما ظلوا زمانًا طويلًا يسمعون عنا.

ثم ذكر سلمان: "أن أباه علم بحاله فوضعه في الحديد حتى جاء وفد الشام إلى الكنيسة، وهو وفد يأتيهم كل عام فأرسلوا إلى سلمان فطرح الحديد وخرج معهم".

وهنا فائدة:

يحتاج المرء أن يأخذ قرارات صعبة لابد منها ليدرك الحق والحقيقة، وقد يترتب على هذا القرار أن يهجر بيته الذي فيه تربى، وقريته التي بين جنباتها ترعرع، ويترك مكانته الاجتماعية التي يتمتع بها بين أفراد هذا المجتمع ليذهب إلى مكانٍ آخر لا يعرف أشخاصه، وإلى بيئة لا يعلم طباعها.

إن الإقدام على هذا القرار ليحتاج إلى نفوسٍ أبية كتلك النفوس التي حملها المهاجرون بين صدورهم، ومِن أجل هذا كله كان تفضيل المهاجرين على غيرهم.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة