الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

شجرة داعش الخبيثة

والسؤال الذي نحاول الإجابة عليه هنا هو: كيف كانت البداية، ومن هم رجال هذا التنظيم؟

شجرة داعش الخبيثة
محمد البلقاسي
السبت ٢٣ مارس ٢٠١٩ - ١٩:٢٨ م
822

شجرة داعش الخبيثة

كتبه/ محمد البلقاسي

الدواعش”.. أيتام البعث في ملاجئ أمريكا

من التخطيط في سجن بوكا تحت نظر أمريكا إلى تجنيد البعثيين

إبراهيم البدري” زعيم داعش من السجون الأمريكية إلى الخليفة المزعوم

كانت البداية المعلنة لتنظيم داعش في 29 يونيو 2014، حيث أعلن أبو بكر البغدادي، الخلافة وأنه هو خليفة المسلمين الواجب على الجميع مبايعته، والسؤال الذي نحاول الإجابة عليه هنا كيف كانت البداية، ومن هم رجال هذا التنظيم.

أما البداية

كانت البداية المعلنة لتنظيم “داعش” في 29 يونيو 2014؛ فقد أعلن أبو بكر البغدادي، الخلافة المزعومة، وأنه خليفة المسلمين الواجب على الجميع مبايعته.

والسؤال الذي نحاول الإجابة عليه هنا هو: كيف كانت البداية، ومن هم رجال هذا التنظيم؟

البداية كانت في 9 /2003 حينما أعلن أبو مصعب الزرقاوي إقامة تنظيم باسم جماعة التوحيد والجهاد”، وبعد ذلك بعام كامل أعلن الزرقاوي البيعة لأسامة بن لادن زعيم تنظيم “القاعدة”، فقد أعلن في 10 /2004 المبايعة وتغيير الاسم ليصبح تنظيم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” أو ما اشتهر إعلاميًا بتنظيم “القاعدة في بلاد العراق”.

في منتصف 2006 تمّ الاندماج بين تنظيم القاعدة في بلاد العراق وعدد من التنظيمات الأخرى بلغ عددها 14 تنظيمًا ليُعلن تنظيم جديد باسم “مجلس شورى المجاهدين بالعراق”، وخرج أبو مصعب الزرقاوي ليعلن أن المسئول عن التنظيم الجديد هو عبد الله رشيد البغدادي الشهير بـ “أبو عمر البغدادي”، وبعد مقتل الزرقاوي تم إعلان أبي حمزة المهاجر مسئولًا عن التنظيم، وبعدها بأشهر قليلة تم الاندماج مع عدد آخر من التنظيمات ليتم الإعلان في 13 /10 /2006 عن اسم جديد وهو “دولة العراق الإسلامية”.

وخلال الفترة من  2006 و2010 تمكنت القوات المحتلة للعراق من إضعاف التنظيم بشكل كبير، بعدما شُكلت قوات “الصحوة” العراقية من مقاتلي العشائر في المناطق السنّية، وقتلت واعتقلت عددًا ضخمًا من قيادات التنظيمات.

واستمر الأمر حتى يوم الاثنين 19 /4/ 2010 حيث قامت القوات الأمريكية بعملية عسكرية في منطقة “الثرثار” كان نتيجتها مقتل أبي عمر البغدادي، وأبي حمزة المهاجر بعد قصف منزل كانا يختبئان به، ولم يمر الشهر حتى بويع أبو بكر البغدادي ليحل محل أبي حمزة المهاجر وأبي عمر البغدادي في قيادة التنظيم.

وفي نهاية 2011، وبعد الانسحاب الصوري للقوات الأمريكية من العراق شنّ تنظيم “دولة العراق الإسلامية” حملة تفجيرات ضخمة في بغداد وعدد آخر من المدن؛  فقتل بها الآلاف وعرضت أمريكا 10 ملايين دولار لمن يأتي برأس البغدادي، ثم شنّ التنظيم هجمات أطلق عليها “كسر الجدران” استهدف بها السجون كسجن التاجي وأبو غريب.

وبعد اندلاع الثورة السورية والمواجهات المسلحة وفي 8 /4 /2013 توسع التنظيم ليشمل العمل داخل سوريا والعراق، وأطلق عليه اسم جديد وهو “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وجاء ذلك بعد أن أعلن البغدادي في تسجيل صوتي الاندماج بين جبهة النصرة والتنظيم، إلا أن النصرة أعلنت في اليوم التالي أنها غير موافقة على هذا الدمج، ومن هنا بدأ القتال بين التنظيمين الذي يظهر مرة ويختفي أخرى، وهذا ما جعل التنظيم يتجه إلى الرقة ودير الزور بسوريا ليستقر بهما ويعتبرهما محور انطلاق له، ورغم أن تنظيم الدولة لم يُعلن رسميًا بعد، إلا أن الإعلام العالمي بدأ في استخدام لفظ “داعش” من هذا التاريخ.

وبدأ “داعش” في سوريا يعلن الحرب على الجميع، فبدأ بقتال “النصرة، وقتال “الجيش الحر” المكون من ائتلاف المعارضة السورية، وحارب أيضاً الأكراد الذين أعلنوا أكثر من مرة الحكم الذاتي في شمال سوريا، ووصل الأمر بالخلاف بين “داعش” و “القاعدة” أنه قتل ممثل الظواهري في سوريا “أبو خالد السوري” في مقره بحلب.

وفي تطورات سريعة لم تتعد الأشهر القليلة فرض التنظيم السيطرة على الموصل ثاني أكبر مدن العراق، وتقريبًا غالب محافظة صلاح الدين التي تعد نقطة اتصال بين وسط العراق وشماله.

وبعد الانتشار والسيطرة في عدد كبير من المدن العراقية أعلن التنظيم إقامة الدولة الإسلامية المزعومة؛ ففي 29 يونيو أعلن البغدادي أنه خليفة، وأن اسم التنظيم هو “الدولة الإسلامية”، وأنه لا حدود بين العراق وسوريا، ثم ظهر البغدادي، الخليفة المزعوم، للمرة الأولى في خطبة جمعة بالجامع الكبير بالموصل، ودعا فيها إلى وجوب طاعته.

هذه البداية التاريخية لهذا التنظيم، لكن مَن هم الذين قادوا هذا التنظيم؟ وكيف نشأوا؟ نستعرض سويًا هذه الشجرة الخبيثة.

لماذا صنعت أميركا داعش؟

 

كما سنوضح في هذه الكلمات كيف أن أمريكا صنعت “داعش”، وهيأت له المكان المناسب ليكبر، لكن لماذا يدعم اللوبي الصهيوأمريكي هذا التنظيم؟ وحتى نبعد عن الإجابات المطولة، نقول تم ذلك لثلاثة أمور:

الأول: الضغط على المجتمع الأمريكي نفسه، بفتح المجال للتجسس، ورفع الميزانيات الضخمة للأسلحة وتطويرها، وتهيئة الأمر لزيادة دعم إسرائيل وكأنها تحمي أمريكا.

الثاني: أنها الذريعة الأساسية لاستمرار تقسيم المقسم بالشرق الأوسط، وأن تظل تضغط على الحكومات العربية بهذا التنظيم.

الثالث: حماية مقدرات أمريكا بالشرق الأوسط، من بترول وغيره، فغالب بترول العراق بيع في السنوات الأخيرة من “داعش” إلى الشركات الأمريكية.

الشركات الأمريكية.

سجن بوكا الحاضنة الأمريكية لأفراخ داعش

 

نبدأ من الحاضنة الخاصة التي أنشأتها أمريكا وهي معسكر “بوكا”، وتعود النسبة إلى شرطي أمريكي قتل في أحداث 11 سبتمبر، ويقع سجن “بوكا” في أمّ القصر التي تبعد عن الحدود الإيرانية أقل من 25 كيلو متر، وتم استخدام السجن بعد الفضائح التي تعرض لها المسجونون من قبل القوات الأمريكية بسجن أبو غريب”.

بعد فضائح أبو غريب تم انتقاء عدد من السجناء ونقلهم إلى “بوكا، واعتمدت إدارة السجن مراحل تعديل السلوك، حيث سعت أمريكا لأن يكون “بوكاسجنًا نموذجيًا، ليخرج لنا العقول المشوهة، وفرت للسجناء الكتب، والترفيه، والعلاج في مستشفيات الجيش الأمريكي بالعراق، فهذا الجو الذي تشرف عليه الإدارة الأمريكية بعناية فائقة تم تفريخ العقول الداعشية منه.

رأس الشجرة الخبيثة

دخلوا سجن “بوكا” رفقاء كفاح، وخرجوا منه مجاهدين”، هذه الجملة تلخص القصة التي بدأها أبو بكر البغدادي، وكان يُكني قبل ذلك بأبي دعاء، ويسمى إبراهيم البدري، كان يعمل إمامًا لمسجد أحمد بن حنبل بسامراء، ثم إمام مسجد بغداد، اعتقل في 4/2004 وخرج في 2007 ليؤسس جيش أهل السنة، ثم بايع القاعدة، وتولى التنظيم عقب مقتل أبي عمر البغدادي.

أسس تنظيمًا تحت اسم جيش أهل السنة، والتحق بعدها بـ “القاعدة”، وأصبح الرجل الثالث في التنظيم، تولى القيادة خلفًا لأبي عمر البغدادي.

ضباط الجيش العراقي رؤس داعش

 

  • أبو علي العنبري: الشخص الأقرب للبغدادي، يترأس مجموعة الحراسة الخاصة به، ويعتبر “العنبري” العقلية الاستراتيجية في التنظيم، أما عن عمل العنبري قبل الجهاد فكباقي رفقائه كان ضابطًا في الاستخبارات العراقية، ويعتبر المراقبون العنبري هو زعيم الذئاب المنفردة والأب الروحي لها، وأول من أطلق على هذه المجموعات “مؤمنو آل فرعون” ويعتبر العنبري هو المسئول الأول عن كل الهجمات التي تجري بتخطيط وحرفية سواء في سيناء أو ليبيا أو غيرها من الدول.
  • وليد جاسم العلواني أبو أحمد، كان متطوعًا بالجيش العراقي، ثم اعتُقل وأودع سجن “بوكا”، ليخرج منه عضوًا للمجلس العسكري لـ “داعش”.
  • أبو أيمن العراقي، ضابط في الدفاع الجوي العراقي في عهد الرئيس السابق صدام حسين، دخل “بوكا” 3 سنوات ليخرج عضو المجلس العسكري لـ “داعش”.
  • عدنان نجم أبو عبد الرحمن البيلاوي، من متطوعي جيش صدام، دخل “بوكا” في يناير 2005 ليخرج عضوا بالمجلس العسكري لـ “داعش”.
  • سمير محمد الخليفاوي، ضابط بالجيش العراقي، كان يعمل بتطوير الأسلحة، دخل “بوكا” وخرج منها مبايعًا ومسئولًا عن توفير الأسلحة لدى “داعش”.
  • نعمة الجبوري أبو فاطمة الجحيشي، من جيش صدام إلى مسئول عمليات “داعش” بكركوك.
  • أبو سليمان نعمان منصور الزيدي، تولى قيادة “القاعدة” بعد مقتل أبي أيوب المصري، وتولى وزارة الحرب في “داعش”، وأصبح اسمه الجديد “الناصر لدين الله الفاطمي أبو لؤي سليمان”، ولم يغب أبو سليمان عن سجن “بوكا”، فقد اعتقل في “بوكا” سنتين.
  • شوكت حازم الفرحات، الملقب بأبي عبد القادر، يتولى وزارة الإدارة العامة في “داعش”، وهي كوزارة الاقتصاد، ويعتبر “شوكت ” من أبرز ممولي التنظيم، فقد ذُكر في قائمة أبرز الممولين لـ “داعش” التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية.

أبو محمد العدناني صبحي فلاحة، من أكثر الشخصيات ظهورًا في التنظيم، وعلى خلاف أغلب قيادات التنظيم يظهر كاشفًا وجهه، كان يتولى العمليات الخارجية بأوروبا، بايع القاعدة في 2003، وكما ذكر تقرير لمؤسسة “بروكينغز” فقد سجنته القوات الأمريكية من 2005 وحتى  2010، حيث التقى لأول مرة مع أبي بكر البغدادي في ذلك السجن، صنّف في عدد من التقريرات العالمية  بأنه “إرهابي عالمي”.

  • أبو عمر الشيشاني، يعتبرونه وزير الحرب، وتعود أصوله إلى جورجيا، وشغل منصب مستشار البغدادي، ومسئول تجنيد خاصة في منطقة الاتحاد السوفيتي، ويعد الشيشاني من الشخصيات التي ركز عليها البغدادي إعلاميًا ليثبت عالمية دولته المزعومة.
  • أبو مهند السويداوي التونسي، العقل المدبر لكل العمليات العسكرية للتنظيم بالأنبار، ويعد التونسي المسئول المباشر عن عمليات تجنيد الانتحاريين، والعقل المدبر في تنفيذ الهجمات الانتحارية على القطاعات العسكرية.
  • أبو عبد الرحمن عدنان إسماعيل نجم البيلاوي، وهو القائد العسكري الأعلى في “داعش”، وكغيره فهو خريج سجن “بوكا”.
  • أبو عبد الله الكوسوفي لافدريم موهسكري، وهو من كوسوفو، ويعمل في “داعش” كقائد ميداني بالعراق وسوريا.
  • أبو نبيل الأنباري، مسئول “داعش” في ليبيا حتى مقتله في نهاية 2015 بغارة جوية بمدينة درنة بليبيا، وله أسماء كثيرة منها “أبونبيل الأنباري، وسام نجم عبد زيد الزبيدي”، و “أبو المغيرة القحطاني”.

وكان البغددي قد أرسل في 2015 عدة قادة عسكريين بارزين ليسهموا في تأسيس فرع لتنظيم “داعش” في ليبيا وشمال إفريقيا، ووقع اختيار البغدادي على أبي نبيل الأنباري، الذي قاد هجوم التنظيم على مدينتي تكريت وبيجي، ويعد من أكثر قادة “داعش” دموية، حتى أن البغدادي نفسه أقاله من ولاية صلاح الدين لكثرة سفكه للدماء.

  • أبو مسلم فاضل أحمد عبد الله الحيالي التركماني، رئيس المجلس العسكري لدى “داعش”، وكان عقيدًا بالجيش العراقي السابق في الفيلق الثالث الذي تولى مهمة تحرير جزيرة الفاو العراقية والتوغل في الأراضي الإيرانية عام 1987 و احتلال” مناطق عدة في الأحواز العربية.

اعتقل بعد الغزو الأمريكي للعراق، وهناك تعرف على قيادات تنظيم القاعدة، ولدى إطلاق سراحه بات من المقربين لزعيم القاعدة السابق، الأردني “أبو مصعب الزرقاوي”، وشارك فيما بعد بتأسيس مشروع داعش، وقد شغل حتى مقتله منصب نائب زعيم التنظيم ورئيس المجلس العسكري، وإليه تنسب خطط اقتحام المدن العراقية الواحدة تلو الأخرى.

من ذكرناهم إنما هم جزء من رجالات “داعش”، وسنجد في الجميع عاملًا مشتركًا واحدًا وهو سجن “بوكا” فهل هذه مصادفة؟

شهادات تدل على أن داعش أبناء صدام تربية الأمريكان

قال عزة الدوري، الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، بعد احتلال الموصل وتكريت من قبل “داعش”: “إن يومي تحرير نينوى وصلاح الدين من أعظم أيام تاريخ العراق والعرب بعد أيام الفتح الإسلامي، وأن تحرير بغداد الحبيبة قاب قوسين أو أدنى، حيّا الله بعض مجاميع أنصار السنة وفي طليعة هؤلاء جميعًا أبطال وفرسان القاعدة والدولة الإسلامية فلهم منّا تحية خاصة يملؤها الاعتزاز والتقدير والمحبة، تحية طيبة لقياداتهم التي أصدرت العفو العام عن كل من زلت قدمه وخان نفسه والله ووطنه ثم تاب”.

هذا كلام الدوري رجل صدام الأول، وحتى يزداد الأمر وضوحًا فقد شهد شاهد من أهلها، فقد صرح أيمن الظواهري، زعيم تنظيم “القاعدة”، ورغم أنه لم يكشف سرًا، إلا أن حديثه حول حقيقة “داعش”، جاء ليؤكد هذه الحقيقة من أكثر المصادر التصاقًا بالحركات الإرهابية التكفيرية.

فقد قال “الظواهري” في كلمة له نشرتها مؤسسة السحاب التابعة “للقاعدة”: “إن البغدادي ورجاله أصبحوا أسوأ من الخوارج، فلم يكتفوا بتكفير المسلمين والمجاهدين بما ليس بمكفر، بل كفروهم بالافتراء بل وبالأعمال الصالحة، مشيرًا إلى أن التنظيم أعلن أن “كل من يقاتلهم حتى لو كان ساعيًا في تحكيم الشريعة فهو كافر وزوجته زانية، وكأنهم أنبياء يَكفرُ من يقاتلهم”.

ثم اتبع ذلك بقوله: “رغم تكرار نقدنا لهم فلم يذكروا من هم هؤلاء القلة المجاهيل، الذين زعم إبراهيم البدري أنه صار خليفة ببيعتهم له، وها نحن اليوم نطالبهم ونطالب إبراهيم البدري بأن يذكر لنا أسماء وتاريخ وصفات من عقدوا له البيعة المزعومة، وبالخصوص من كان منهم في جيش صدام، وبالأخص من كان منهم في استخبارات صدام، وبأي حق سلطهم على رقاب المسلمين”.

وما نريده من كل كلام الظواهري السابق هو اعترافه بأن المؤسس والعمود الفقري لرجال البغدادي هم “رجال حزب البعث وضباط الاستخبارات في عهد صدام، وكيف تحول هؤلاء بين عشية وضحاها من بعثيين إلى مجاهدين كما يزعمون يكفرون كل  من حولهم؛ فقد ظل رجال البعث أوفياء لمنهجهم الدموي في عهد صدام، إلا أن الفارق أنهم في عهد صدام كان العمل في الخفاء، وفي عهد “الدواعش” كان العمل تحت أعين الكاميرات وبإخراج أفلام هوليوود.

كيف بدأ تلقيح الأفكار بين البعث والقاعدة

 

فقد البعثيون كل شيء بعد سقوط نظام صدام ووجدوا أنفسهم في السجون بعد القصور، وبدأ اللقاء في سجن “بوكا”، حيث اتفق الطرفان رغم وجود معارضة أيديولوجية إلا أنهم يشتركون في وجود عدو مشترك، هو الولايات المتحدة والحكومة التي يقودها الشيعة بدعم من أمريكا، وبدأ التعامل بقاعدة “عدو عدوي صديقي”.

وكان الاتفاق أن يبدأ رجال البعث بتسهيل دخول رجال القاعدة إلى العراق، ولكن كيف تم ذلك؟ بدأ ذلك بمساعدة بشار الأسد الذي بدأ في فتح حدوده البرية مع العراق لتسهيل مرور رجالات “القاعدة” الذين تحولوا بعد ذلك إلى “داعش، حتى أن كثيرًا من الدراسات تؤكد أن غالب من دخل العراق دخل عن طريق الأراضي السورية، وأن ضباط البعث في سوريا هم الذين كانوا يسهلون لهم الأمور.

جميع الأجانب الذين دخلوا إلى العراق بهذه الطريقة، وهذا الكلام ليس سرًا فقد أعلن في نهاية 2011 أن كل التحقيقات التي تمت مع متشددين أوصلت إلى نتيجة واحدة أن “الحكومة السورية تساعد على دخولهم إلى سوريا”.

قال علي الخضيري، المستشار السابق للسفراء الأمريكيين وكبار القادة العسكريين في بغداد: “في أوائل 2004 و2005 بدأت العناصر الجهادية والعناصر البعثية المعزولة بالتلاقي معًا، وكانوا منضبطين بطبيعة الحال، وذوي تنظيم جيد، ويعرفون تضاريس الأرض جيدًا، وبمرور الوقت، تحوّل بعض الأفراد الذين كانوا في الأصل بعثيين إلى متطرفين مع احتدام سعار التمرد”.

ونختم بشهادة أطلقها أحد رجالات “داعش” في إحدى التحقيقات التي نشرتها الصحف في نهاية 2015: “كان السجن بالنسبة إلينا أكاديمية دراسية، ولكنه كان بالنسبة إليهم مدرسة للإدارة، يقصد كبار القادة، لم يكن حلقة مفرغة أبدًا، نظرًا للكثيرين الذين تلقوا توجيهاتهم وإرشاداتهم داخل السجن، حينما تحولت الحرب الأهلية السورية إلى حرب خطيرة، لم يكن من الصعوبة نقل جميع الخبرات إلى ساحة قتال جديدة، إذ يحتل العراقيون المستويات الأكثر أهمية في الأمور العسكرية وفي مجلس شورى تنظيم “داعش” حاليًا، وذلك ناجم عن تلك السنوات الطويلة من الإعداد لمثل ذلك الحدث، لقد قللت من قدر البغدادي، كما استهانت الولايات المتحدة بالدور الذي لعبته حتى جعلته في مكانه الحالي”.

ضد التطرف

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com