الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أسرار هجوم جماعة الإخوان على (حزب النور)

وما لا تدركه تلك القيادة الفاشلة لجماعة الإخوان أن الانحطاط الأخلاقي والانحراف السلوكي والخلل المنهجي أسهم أول ما ترتد ترتد في صدر من أطلقها

أسرار هجوم جماعة الإخوان على (حزب النور)
غريب أبو الحسن
الأحد ٠٥ مايو ٢٠١٩ - ١٧:١٥ م
1435

أسرار هجوم جماعة الإخوان على "حزب النور"

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد دأبت جماعة الإخوان المسلمين على الهجوم الدائم والمتواصل على حزب النور، وخاصة بعد الإعلان عن مبادرته الشهيرة في فترة حكمهم كمحاولة للخروج بالبلاد مِن الأزمة، والتي قوبلت بتجاهل الجماعة ثم بدفع وكلائهم وأذرعهم لشن حملة تشويه ممنهجة لم تهدأ ليومنا هذا؛ استخدمت فيها الجماعة كل ما لديها مِن أوراق، فاستخدمت لجانها الإلكترونية والتي تجردت مِن كل خُلُق اسلامي فاستحلت الكذب ونشر الشائعات والبهتان، واستخدمت أقذع الألفاظ وأقذرها، واستوى في ذلك معرفاتهم الذكورية والنسائية إلى حد استمراء ذكر العورات المغلظة في سب خصومهم.

وكذلك استخدمت شريحة أخرى من المنتفعين من "عمال اليومية" أمثال: "معتز مطر" و"محمد ناصر" و"محمد الصغير"، وغيرهم...

مرورًا باستخدام المحسوبين عليها، مثل: "وجدي غنيم" و"سلامة عبد القوي" في تكفير خصومهم السياسيين، ووصل الخبل التكفيري إلى تكفير المدعو "وجدي غنيم" لكل مَن سمع أغنية: "تسلم الأيادي"!

واستخدام شريحة مِن الدعاة الذين انحرفوا عن المنهج السلفي كأمثال: د."محمد عبد المقصود"، والذي دعا صراحة لاستخدام العنف وحرق سيارات الشرطة، والذي استمر طاعنًا في دعاة الدعوة السلفية ووصفهم بالجبن والخيانة، ثم بعد أن ورط الشباب فقُتل مَن قتل، وسجن مَن سجن؛ ذهب ليستقر في فيلته بين أبنائه في قطر؛ ناهيك عن قنوات إخوانية تبث سمومها مِن تركيا، وأخرى مدعومة مِن قطر، ولا يكاد يمر يومٌ مِن ذلك الحين إلا وهناك وصلة سب وتشويه على مواقعهم أو قنواتهم التي تُبث مِن تركيا أو قنواتهم الداعمة في قطر.

ومَن يدري حقائق الأمور لا يتعجب ذلك التعاون التام بين التيار السروري والإخوان في تلك الحملة المسعورة على حزب النور، فقد تم طباعة كتاب يشوِّه "حزب النور" لأحد الشباب المغمورين بآلاف النسخ، ووزع بالمجان في كثيرٍ مِن البلدان العربية والإسلامية؛ فلماذا هذه الحرب الحثيثة والضروس التي تستخدم فيها أقذر الوسائل وأكذبها، وأحط الكلمات التي يعف اللسان عن ذكرها؟!

فحسبنا الله ونعم الوكيل.

دعونا نستعرض بعض هذه الأسباب؛ لتتضح الصورة لمتابعي الشأن المصري عمومًا والإسلامي خصوصًا:

فمِن أسباب نقمة جماعة الإخوان المسلمين:

أولًا: عدم تحويل الصراع السياسي داخل مصر لصراع ديني:

كان لوجود حزب النور الفضل الكبير في عدم تحويل الصراع السياسي بين سائر قوى المجتمع والإخوان المسلمين بعد فشل الإخوان في إدارة البلاد، وهذا ما حاولت جماعة الإخوان فعله بشحن أبناء التيار الإسلامي في الداخل والخارج بإيهام الجميع أن الجهة التي تعارضهم هم النصارى والملحدين والشيوعيين "والمنافقين!"، محاولين تهيئة أبناء التيار الإسلامي للدخول في صدامٍ عنيفٍ مع سائر القوى؛ إلا أن وجود حزب النور في المشهد فوّت عليهم هذه الفرصة، ونبَّه الجميع أن الصراع إنما هو صراع سياسي، ونزع عنه رايات الحروب المقدسة التي حاولت جماعة الإخوان المسلمين رفع لوائها.

ثانيًا: ‏تخفيف الضغط عن القيادة الفاشلة لجماعة الإخوان:

حولت قيادة الإخوان المسلمين الحالية جماعة الإخوان المسلمين من جماعة تسيطر على مجلس الشعب والشوري والحكومة والنقابات والمحافظين والاتحادات الطلابية، ووضع اقتصادي وتنظيمي جيد، وقبل كل ذلك تأييد شريحة لا بأس بها من الشعب المصري؛ حولت تلك القيادة الفاشلة بسبب غياب الرؤية الشرعية والسياسية الصحيحة، وبسبب سيطرة المنهج القطبي الغارق في العند والأحلام إلى جماعة منبوذة مجتمعيًّا خسرت كل شيء، فقُتل مَن قتل وسُجن مَن سجن، وشُرد من شرد، وصموا آذانهم عن كل نصيحة، حتى ما ظلوا عقودًا يباهون به وهو التنظيم بات منقسمًا على نفسه بين تيار التنظيم الخاص وتيار محمود عزت؛ لذلك ونحو مزيد مِن الغي والظلم عمدت تلك القيادة الفاشلة إلى صرف سخط شباب الجماعة عن تلك القيادات بتوجيه نظرها نحو نقد حزب النور، وتم نحت عبارات التخوين والتشويه لتسوقها لجانهم الإلكترونية.

وإن تعجب مِن تحميلهم أخطاءهم الكارثية لحزب النور حتى يظن السامع أن حزب النور هو ذلك المارد المخيف الذي أجبر تلك القيادة الفاشلة على كل هذه القرارات الكارثية، يزداد عجبك حينما تراهم في ذات الوقت يصفون حزب النور بأنه بلا وزن ولا تأثير.

وعلى كل فقد شنت جماعة الإخوان تلك الحملة الظالمة والمجرمة للتنفيس عن غضب أبناء جماعة الإخوان حتى ينشغلوا عن نقد تلك القيادة الفاشلة، بإشعال حريق خارج الدار لينشغل بها أبناء الجماعة ويتلهون عن ذلك الحريق داخل البيت الذي كاد أن يحرق البيت بمن فيه.

ثالثًا: ‏الرغبة في التفرد بالساحة الإسلامية:

- أثار ظهور حزب النور القوي في انتخابات مجلس الشعب التي أعقبت ثورة يناير بواعث القلق داخل جماعة الإخوان، فها هم السلفيون حصدوا ربع مقاعد البرلمان رغم حداثة عهدهم بالمشاركة الانتخابية، وليسوا هم بالدراويش السذج كما دأبت الجماعة على وصفهم وإقناع أتباعها أن السلفيين عبارة عن صورة مشوهة ومنفرة للإسلام وهم مِن السذاجة بحيث يسهل تسخريهم لخدمة مصالح الجماعة.

- أفاقت جماعة الإخوان على صدمة النتيجة لتبدأ فورًا في محاولة تفتيت حزب النور، ومحاولة استمالة بعض رموزه وتشويه كل مَن يأبى الانصياع لهم ودعم أي بادرة لأي خلاف داخلي، في محاولة جاهدة لبعثرة ذلك الكيان، ليبقى كيان جماعة الإخوان وحده معبِّرًا عن التيار الإسلامي، وما إنشاؤهم للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ومحاولتهم تقديمها كبديل للدعوة السلفية ببعيد.

رابعًا: ‏فضح النموذج السياسي البرجماتي للإخوان المسلمين:

كان لبروز حزب النور كلاعب رئيسي في الساحة، وتلك الصلابة المنهجية والتمسك بثوابته ومنطلقاته الشرعية، مع تلك المرونة الكبيرة التي أبداها في مواقفه السياسية تطبيقًا لقاعدة: "المصالح والمفاسد" أكبر الأثر في كشف الغطاء عن الممارسات السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تتميز بالمداهنة المنهجية والتعنت والعند في المواقف السياسية؛ مما اضطرهم لأخذ بعض المواقف المتشددة على غير عادتهم حتى لا ينتقدوا مِن الجمهور الإسلامي، وإن كان عامة مواقف جماعة الإخوان تدور حول التنازل المنهجي عن ثوابت الدين حيث لا ينبغي التنازل والتعنت في المواقف السياسية الي حد الصدام الصفري من أجلها.

- ظل ذلك الثبات المنهجي والمرونة السياسية لحزب النور مقلقًا لجماعة الإخوان؛ مما دفعها لمحاولة التخلص مِن وجود حزب النور كلاعب في الساحة السياسية؛ حتى لا تتم عقد المقارنات، والتي لن تكون بطبيعة الحال في صالح جماعة الإخوان.

خامسًا: منع الشباب المسلم أن يكونوا وقود معركتهم الخاسرة:

ولعل تلك النقطة هي بؤرة الغضب الإخواني من حزب النور وظهيره الشعبي، ولسان حالهم يقول: أنتم كحزب النور قيادات وأتباع لم تدعمونا في معركتنا الصفرية للصراع على السلطة؛ فلماذا نصحتم غيركم بعدم النزول؟! لماذا لم تعتزلوا كما اعتزل الدعاة الفرديون وتتركوا مريديكم وأتباعكم كما فعلوا ليدخلوا محرقة الصدام مع السلطة نيابة عن الإخوان المسلمين ليحترق الجميع "دولة وإسلاميين"؛ لتبقى جماعة الإخوان قيادة وكوادر للتفاوض على ما تبقى مِن رماد وركام كما فعل الدعاة الفرديون.

ولا تدرك قيادة الإخوان أن حزب النور يرى أن كتم النصيحة وعدم السعي لإنقاذ الشباب المسلم -بل كل الشباب المصري- يرى ذلك مِن تضييع الأمانة، ولا فرق بين دماء أبناء النور ودماء سائر المصريين، وأننا لا نقسِّم الناس لمنتمين لهم ميزات وغير منتمين يحرمون مِن هذه الميزات.

سادسًا: ‏فضح نموذج القيادة الإخوانية المتكلسة:

استطاعت قيادة حزب النور أن تعبر بكيانها وسط عواصف عاتية مِن الأحداث السياسية غير المسبوقة على الساحة المصرية، فلم تنجرف خلف العاطفة الزائفة التي نصب شراكها جماعة الإخوان، ووقع فيها العديد من الرموز الإسلامية وخاصة المتبنين للعمل الفردي، فمَن لم يستجب سلط عليه ماكينة التشويه الإخوانية فدفعت البعض لاعتزال المشهد ليتولى الإخوان توجيه جمهورهم ودفعت البعض الآخر لصعود منصة رابعة ليعطوا الضوء الأخضر لأتباعهم لدخول المحرقة وليصيروا أبواق تدفع جماهيرها لخدمة توجهات جماعة الإخوان الصدامية، بل أخذت قيادة حزب النور زمام المبادرة وأمّنت جماهيرها، بل وشرائح واسعة تثق في رؤيتها، فكانت كالمصباح المضيء في ليلة مظلمة، تشرح الموقف وتوضح الحقائق وتتلمس طريقها على هدي قواعد الشرع.

- فضحت مواقف قيادات حزب النور زيف ثمانين عامًا مِن الخبرة المدعاة، والتي دندنت حولها جماعة الإخوان وخدعت بها الفئام من أبناء التيار الإسلامي، فما تفعل السنون إذا غابت البصيرة.

سابعًا: الرغبة في تشويه نموذج الالتزام السني:

منذ سبعينيات القرن الماضي ومع عودة نموذج الالتزام السني المبني على إحياء عقيدة السلف الصالح وفهمهم للدين المعتمد على الكتاب والسنة، وتعظيم الدليل والتمسك بالهدي الظاهر، ولموافقة هذا النموذج من الالتزام للفطرة؛ حل ذلك النموذج محل نموذج الالتزام الإخواني، نموذج الالتزام الإخواني والقائم على العديد مِن الخطابات المتباينة، خطاب قطبي يصف المجتمع بالجاهلي و يصف غير الإخوان بناقصي الإسلام، ويجمع مظاهر الفساد في المجتمع ويضخم منها؛ ليقنع الأتباع بضرورة الانفصال الشعوري عن المجتمع لتهيئته للدخول في صدام مع مجتمعه، وفي الوقت نفسه يميع قضايا الدين لرؤيته أن ذلك المجتمع غير مهيئ لحمل رسالة الإسلام بشمولها، وذلك تبعًا لرؤيتهم أن جماعة الإخوان هي جماعة المسلمين، وأن أبناءها فقط هم المؤهلون لحمل رسالة الإسلام وتطبيقه، ولكن داخل حدود أسر الجماعة.

نموذج الالتزام الإخواني والذي يلهب العاطفة الإسلامية عند أبناء التيار الإسلامي:

- تارة بحديث الشجن عن ذلك الرئيس المؤمن الذي كان سوف يطبِّق الشريعة.

- وتارة بذكر المظالم والدماء لاستخراج طاقة الغضب من الصدور.

- وتارة بوسم المخالفين بالكفر والنفاق.

المهم هو أن ينطلق شباب التيار الإسلامي في مواجهة صفرية مع السلطة ليخرج بعدها مكتب الإرشاد مرتديًا عباءة الاعتدال ليذم التطرف ويفاوض السلطة!

نموذج الالتزام الإخواني والذي يخاطب الغرب بخطاب أشد تميعًا، ويعزف تلك النغمة التي تطرب لها آذان الغرب ومفكروهم، فيعزف على نغمة المساواة والتي تشمل حقوق الشواذ، وذم الخصوم بأن دستورهم أقرب للشريعة، كما فعل وفد الإخوان في مجلس العموم البريطاني.

أفاق الإخوان على عودة نموذج الالتزام السني، وهم يرون أن ذلك خصم من رصيدهم في الشارع؛ لذلك عمدوا إلى تشويه ذلك النموذج بكل السبل مِن تشويه المنهج وتشويه الرموز، وتشويه المنتمين، ولعل ذلك يفسر سخرية أحد حمقى جماعة الإخوان مِن أحد الدعاة السلفيين في فيديو شهير رغم موافقة هذا الداعية في أحيانٍ كثيرة لمواقف جماعة الإخوان، ولكن عداوة الإخوان لنموذج الالتزام السني جوهرًا ومظهرًا غلب عليها، فعمدت إلى السخرية من مظهر وطريقة إلقاء هذا الداعية.

ثامنًا: عدم تورط حزب النور في تحالفات مع أعداء بلاده الإقليميين:

صنفت أمريكا الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية فاعترضت حماس وقطر وتركيا ، وتحدثت تقارير عن عزم أمريكا أن تصنف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، فتأسفت إيران وقطر وتركيا، فلقد ارتمت جماعة الإخوان في أحضان قطر، وارتميا هما الاثنان في أحضان إيران وتركيا على حساب الأمن القومي المصري والعربي؛ أملًا في وعود "أوباما" بأنهم سيكونون وكلاء أمريكا الإقليميين في السيطرة على الشرق الأوسط الجديد بعد فَوْضتهم الخلاقة، بينما بقي حزب النور يقدِّم مصلحة البلاد واستقرارها وأمنها القومي على أي مصلحة ضيقة أخرى، وهذا أيضًا يمثِّل حرجًا بالغًا لجماعة الإخوان المسلمين.

وتحرص جماعة الإخوان على ألا يتورط أي مِن أعضائها التنظيمين في أي حملة تشويه أو سباب أو دعوة للعنف؛ ليسهل بعد ذلك يومًا مِن الدهر أن تتبرأ مِن كل تلك الأفعال المشينة، ولتصف كل مَن ارتكب تلك الأفعال بأنه ليس من الإخوان؛ تمهيدًا لعودهم لممارسة العمل السياسي مرة أخرى، ولمحاولة غسيل سمعة الجماعة، وأنها جماعة إصلاحية سلمية... وما لا تدركه تلك القيادة الفاشلة لجماعة الإخوان أن الانحطاط الأخلاقي والانحراف السلوكي، والخلل المنهجي أسهم، أول ما ترتد، ترتد في صدر مَن أطلقها!

فإن البغي عواقبه وخيمة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ) (يونس:23).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com