الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رحلة إلى الجنة!

الجنة دار غرسها الله بيده وجعلها مقرًّا لأحبابه

رحلة إلى الجنة!
سعيد صابر
الثلاثاء ٠٧ مايو ٢٠١٩ - ٢١:٤٧ م
658

رحلة إلى الجنة!

كتبه/ سعيد صابر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فننطلق الآن -بإذن الله- سويًّا عبر تلك الأسطر إلى الجنة.

ومهما كَتبَ في الجنة الأدباء ووصفها البلغاء، وتخيل حسنها عباقرة البشر؛ فإنها فوق ذلك وأجل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى-: (أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17) (متفق عليه).

- الجنة هي الفوز العظيم: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) (آل عمران:185).

- الجنة هي التي هيج عبيرها أنس بن النضر فهتف قائلًا: "واهًا لريح الجنة! إني لأجد ريح الجنة دون أحد"، وما استطاع أن يصبر على ذاك الشوق؛ فجعل يقاتل حتى قتل وبه بضع وثمانون جرحًا؛ كل جرح بمثابة شاهد الإثبات على صدقه وبذله وعشقه للجنة.

- الجنة دار غرسها الله بيده وجعلها مقرًّا لأحبابه؛ فإن سألتَ عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران، وإن سألت عن سقفها، فهو عرش الرحمن، أما حصباؤها وأحجارها فاللؤلؤ والجوهر، وأما أنهارها؛ فخذ وصفها من خالقها: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) (محمد:15).

- الجنة دار الرغد والرفاهية والنعيم: عن البراء -رضي الله عنه- قال: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَلْمِسُونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَالَ: (أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنْهَا وَأَلْيَنُ) (متفق عليه).

- الجنة حظيرة القدس وقد سُميت بذلك؛ لخلوها مِن الآفات.

- الجنة دار السلام التي دعانا الله إليها بقوله: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (يونس:25). وقد قيل لها ذلك؛ لسلامتها مِن المنغصات، فالكد والكدح، والكرب والنكد، والهم والغم، والنصب والوصب؛ كلمات لا وجود لها في قاموس الجنة؛ ولذلك يقول السعداء المحظوظون مِن أهلها: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ . الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ) (فاطر:3435).

- الجنة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، ونهر مضطرد، وقصر مشيد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء، وحلل كثيرة، ومقام في أبدٍ، وُيقال لسكانها: (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ . ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ . يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) (الزخرف:68-73).

الجنة صفاء بلا كدر، وخلود بلا ملل، ولذة بلا انقطاع؛ ولذا يقول أربابها: (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ . إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ . إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) (الصافات:58-61).

أما ألذ لذاتهم؛ فالقرب مِن ربهم، والنظر إلى وجهه الكريم، ولله در القائل: "ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا الآخرة إلا بعفوه، ولا الجنة إلا برؤيته"، وفي الحديث: (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، يَقُولُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ -عَزَّ وَجَلَّ-) (رواه مسلم).

معاشر العقلاء... إن الفشل كل الفشل، والحرمان كل الحرمان، والخسارة التي ليس بعدها خسارة: ألا يكون لأحدنا -بشؤم معصيته ونحس تقصيره- موضع قدمٍ في جنةٍ عرضها السماوات والأرض!

فتب أيها المذنب مِن ذنبك، وأقبل على ربك، واهتف بنفسك:

ألا يـا نـفـس ويحـك سـاعديني            بسعـي مـنـك في ظُـلَم الـليالـي

لـعـلـك فـي الـقـيامة أن تفوزي            بطيب العيش في تلك الـعـلالي

والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آن الرحيل!
866 ٢٦ يونيو ٢٠١٩
رحلة إلى النار!
1172 ٠٤ مارس ٢٠١٩
كن منصفًا لا منسفًا!
751 ٠١ يناير ٢٠١٩
وحل الغفلة
1049 ٣١ مايو ٢٠١٧
مناجاة
2254 ١٩ مايو ٢٠١٤
الانقلاب!
1820 ٠٨ نوفمبر ٢٠١٣