الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

امتحان أم قرارٌ؟!

الحياة امتحان طويل، لا أقول في الصباح والمساء، بل كل لحظة وأختها اختبار

امتحان أم قرارٌ؟!
عصام زهران
الاثنين ٢٧ مايو ٢٠١٩ - ١٢:١٨ م
707

امتحان أم قرارٌ؟!

كتبه/ عصام زهران

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالإنسان يعيش بين قراراتٍ كثيرةٍ مختلفة؛ امتحان مِن الله له، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ) (المائدة:94).

لحظة فارقة في حياتنا عند مواجهة المحن والفتن... في أي طريق أسير؟ وأيهما أصوب؟ وأي المصلحتين أقدِم؟! (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (هود:7)، والناس منهم صاحب علم ليس بصاحب عقل، وصاحب عقل ليس بصاحب علم، فهذا عنده علم مِن جهة أنه يحفظ المعلومات، ولكن لا عقل لديه راجح للاستنباط منها وفهمها، أو القياس عليها، وهذا عنده عقل قوي عميق، وتفكير دقيق، ولكن ليس عنده علم، فلا يعرف نصوص الوحي، ولا يعرف ما أنزله الله -تعالى- وما جاء به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الذي جاء به الشرع مِن أمر الناس بمعرفته وفهمه (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الرعد:4).

الحياة امتحان طويل، لا أقول في الصباح والمساء، بل كل لحظة وأختها اختبار؛ لذلك يقول نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: (بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعرْض من الدُّنْيَا) (رواه مسلم). (بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ) أي: الصالحة.

هذا الاختبار مليء بالمشاق والصعاب، والمؤمن في كل ذلك صابر، يتذوق مرارة الصبر بكل رضا وانقياد لأمر الله -تعالى-؛ فهذا آدم -عليه السلام- يصبر صبرًا جميلًا وعجيبًا، وأنا أتساءل: كيف رأى ابنه المقتول في دمه على الارض؟ ماذا قال لابنه القاتل؟ كيف تعامل معه بعد جريمته الشنعاء؟! لقد انكسر قلب حواء على ابنها الصالح الطيب. كيف استقبلت خبر قتل ابنها؟! كيف عاشت زمنًا يئن قلبها بالحزن، ولسان حالها: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) (يوسف:86).

إننا نسكن الدنيا الآن ولا نسكن في الجنة؛ الواحد منا إذا فقد شيئًا مِن الدنيا يطير عقله، ولا يستطيع أن يفكر، ولا يشعر بأي طعم للحياة؛ كأنه تفاجأ بطبيعة الدنيا!

أليست هذه الدنيا؟!

لماذا نعظِّم أمرَ الدنيا إلى هذا الحدِّ حتى يصبح فوات جزءٍ منها يضيع علينا لذة الجزء الباقي، ونعيش في النكد لمجرد فوات بعض لذتها؟!

نأتي إلى الدنيا ونحن سواسية

طفلُ الملوك هنا، كطفل الحاشية

ونغادر الدنيا ونحن كما ترى

متشابهون على قبور حافية

أعمالنا تُعلي وتَخفض شأننا

وحسابُنا بالحق يوم الغاشية!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة