الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

من معاني الإيمان في مناسك الحج -1

يحمل كل حاج زاده معه؛ حتى لا يمد يده لغيره، ولا يتوجه بقلبه إلى غير الله

من معاني الإيمان في مناسك الحج -1
محمد سرحان
الأحد ٠٤ أغسطس ٢٠١٩ - ١٩:٣٤ م
940

من معاني الإيمان في مناسك الحج (1)

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ أما بعد؛

فرحلة الحج رحلة بالقلوب لا بالأبدان، رحلة إلى الغفار لا رحلة إلى الأحجار، وفي كل منسك مِن مناسك الحج معانٍ إيمانية لمَن تدبر وتأمل، وليست مناسك جافة جامدة لا معنى لها، يستشعر هذه المعاني الحجاج، فمنهم مَن يستطيع التعبير عنها، ومنهم مَن لا يستطيع، وتظل معان يستشعرها ويحس بها، ولا يستطيع لسانه التعبير عنها.

ومِن هذه المعاني:

فرض الله الحج في العمر مرة، قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (آل عمران:97)، فالفرصة قد لا تأتي إلا مرة واحدة؛ فاحذر أن تضيع فرصة في طاعة الله والتقرب إليه، فقد تبحث عنها بعد ذلك فلا تجدها إذا فرضت فيها، وتأمل هذا المعنى في قوله -تعالى-: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الأنعام:110).

يحمل كل حاج زاده معه؛ حتى لا يمد يده لغيره، ولا يتوجه بقلبه إلى غير الله؛ فلتكن عبوديتك لله وحده، وذُلُّك له وحده سبحانه، ودعاؤك وتوجه قلبك لخالقك وحده، فلا يكون ذلك ولا يصح ولا يحق إلا له -سبحانه وتعالى-، ولنتعلم أن لكل رحلة زادًا، وزاد رحلتك إلى الآخرة: تقوى الله -تعالى-: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (البقرة:197).

أما ملابس الإحرام: فتذكرك ببدايتك فقيرًا محتاجًا، لا مال لك ولا قوة، وأنت كذلك دومًا أمام ربك الغني -سبحانه-، فلا تغتر بمالٍ، ولا قوة، ولا سلطان ولا جاه، ولا غير ذلك مِن متاع الدنيا؛ فاجعل فقرك لله، ومالك لله، وقوتك في رضا الله.

وهي تذكرك بكفنك؛ لفائف لا جيوب لها ولا أكمام، ولا زخرف ولا زينة ولا جمال، وتذكرك بمحشرك: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا) (متفق عليه)، وهذا الحال يبعثك على الخشوع والانكسار لله، والشعور بخلق الله، فإن أنساك زخرف الدنيا شيئًا مِن ذلك ذكَّرك الحج به، وذكرك أن الناس سواسية؛ الملوك كالصعاليك، لا فضل إلا بالتقوى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13).

وتذكرك ملابس إحرامك: الزهد في الدنيا، ومِن باب أولى الزهد في الحرام، وتذكرك أن تطهر قلبك كما بيضت ثيابك، فكم مِن مبيض لثيابه مدنس لدينه، ورب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة.

والإحرام مِن الميقات بداية الدخول في النسك؛ فانتبه إلى بدايات عملك، ففساد النهايات مِن فساد البدايات، وطالمًا أحرمتَ حرُم عليك أشياء حتى تتحلل في فترة هي حقيقة قصيرة مِن عمرك، وهكذا الحياة فترة وفرصة قصيرة أُمرت فيها بأشياء ونهيت عن أشياء، فإن ارتكبت المحظور وخالفت المأمور عرَّضت نفسك للعقاب وتعرضت للخسران.

وهكذا في كل منسك وعمل مِن أعمال الحج معانٍ مِن معاني الإيمان.

وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على عبدك وخليلك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً