الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

البركة -1

فالبركة عامل عظيم مِن عوامل السعادة والنجاح

البركة -1
حسن حسونه
الأحد ٢٥ أغسطس ٢٠١٩ - ١٩:٠٤ م
842

البركة -1

كتبه/ حسن حسونة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

البركة هي: كثرة الخير والنماء.

وهي جند مِن جنود الله يرسله لمَن شاء مِن عباده، ويمنعه عمن شاء، فقد أرسله لأنبيائه ورسله والصالحين مِن عباد الله المؤمنين، فتمتعوا بالبركة في العمر والصحة، والعافية والمال، وفي أحوالهم، وسلبَ البركة عن أقوام عاشوا في بُعد عن منهج الوحي والرسالة، فعاشوا في محق وضنك وعمى.

فإن الإنسان وهو يسير في الدنيا يرجو أن يبارك الله له في وقته وعمره، وأبنائه وماله، فهناك مَن يأخذ القليل ويُبارَك له فيه، وعلى النقيض يأخذ الكثير ولا يبارك فيه.

ولأهمية وجود البركة في حياة المسلمين كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو دعاءً عامًّا للأمة كما قال: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، ودعاءً خاصًّا لبعض الصحابة كما قال لعبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-: (بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) (متفق عليه)، لما علم بزواجه.

كذا دعا لأنس بن مالك -رضي الله عنه-: (اللهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ) (متفق عليه)، ونتيجة هذه الدعوة، فكان له بستان يجني ثماره مرتين في العام، قال أنس: "فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا، وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ" (متفق عليه).

فالبركة عامل عظيم مِن عوامل السعادة والنجاح، والحياة الطيبة؛ ولهذا سن لنا أن ندعو للمتزوجين: "بارك الله لكما وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير"، ومناسبة هذه الدعوة مع الإقبال على الزوج مناسبة اقتران، حيث المقبل علي الزواج يعتقد بزواجه أنه سيتحمل أعباء ومصاريف كثيرة، فالدعاء له بالبركة يُقال له: هون على نفسك، وهدِّئ من روعك؛ فليست العبرة بكبر حجم دخلك، ولكن المهم البركة فيه.

وكذلك إن قدر بينهما الولد شرع لنا الدعاء له بالبركة: "بورك في الموهوب"؛ فتأمل وتدبر كيف أن الدعاء بالبركة دائر مع المسلم مِن ولادته إلى زواجه، وفي مراحل حياته، وما ذاك إلا لأهمية هذا الجند الخفي الذي يُرَى أثره في الحياة، وانعدام أثره إذا انعدم؛ فتدبر وتأمل.

وكثير مِن الناس يشتكي مِن محق البركة، وعدم وجود أثرها في المرتب، وأنه لا يمكث إلا القليل، وآخر يشتكي مِن عدم البركة في العمر، وكذلك الولد والحياة يشتكي من عدم بركتها.

وفي السطور القادمة -بإذن الله- سنتكلم عن أسباب تحقيق البركة وتحصيلها؛ لأن بضدها تمحق، ولا يكون لها أثر.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة