الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

البركة -2

الدعاء: فهو من أنفع الأسباب لاستجلاب الخيرات

البركة -2
الاثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٩ - ٢٣:٢٨ م
617

البركة -2

كتبه/ حسن حسونة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أول أسباب تحصيل البركة:

الإيمان بالله وتقواه والعمل الصالح، فما مِن شك أن ذلك مفتاح كل خير في العاجل والآجل، قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف:96).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي: آمنت قلوبهم بما جاء به الرسل وصدقت به واتبعوه واتقوا بفعل الطاعات وترك المحرمات (لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، أي قطر السماء ونبات الأرض" (تفسير ابن كثير).

فحتي تتحقق البركة لابد من تحقيق الإيمان بربوبية الله وألوهيته وأسمائه وصفاته، ولابد من الإيمان بالملائكة والرسل الكرام والكتب المنزلة، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وارتباط هذا الإيمان بحياته وواقعه عمليًّا، ليست دراسة نظرية فحسب، فلابد أن يكون للقلب منها حظ ونصيب.

وتحقيق التقوي بأن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو رحمة الله، وتترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله، فلابد أن تشمر وتجتهد، وتعمل بالتنزيل وترضى بالقليل، وتخاف من الجليل، وتستعد ليوم الرحيل.

فإن تحقق ذلك المعنى تحققت البركات من الأرض والسموات (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق:2-3)، قيل لأحد السلف: "إن الأسعار قد ارتفعت. قال: أنزلوها بالتقوي". وقيل: ما احتاج تقي قط.

وتأملوا قوله -تعالى-: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62)، فأعظم أسباب البركات: الإيمان بالله والتقوي، وبضده تمحق البركة.

السبب الثاني: قراءة القرآن: فإنه كتاب مبارك وهو شفاء لأمراض القلوب والأبدان، وهو كتاب هدي ورحمة ونور وبركة، فمن أقبل عليه نال مِن بركته بقدر إقباله عليه، ومَن أعرض عنه لم ينل شيئًا، وحياته تراكمت بالضنك والعمي.

السبب الثالث: الدعاء: فهو من أنفع الأسباب لاستجلاب الخيرات، ومنها: "البركة"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: "إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن أحمل هم الدعاء"؛ لأن العبد إذا ألهم الدعاء ألهم الإجابة معه.

السبب الرابع: الصدق في المعاملة: سواء في البيع والشراء، والعقود والإيجارات، وغيرها، وعلى قدر الصدق والبيان تأتي البركات، وعلى قدر الكذب والكتمان والغش تمحق البركة.

السبب الخامس: إنجاز الأعمال أول النهار التماسًا للبركة، قال بعض السلف: "عجبت ممَن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يرزق؟!"، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث سرية بعثها أول النهار.

السبب السادس: اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ففيها البركة والخير العظيم.

السبب السابع لاستجلاب البركة: حسن التوكل علي الله: فإن من توكل على الله كفاه، وحسن التوكل في تعلق القلب بالله والأخذ بالأسباب التي شرعها الله مِن وسائل تحقيق البركة في الحياة.

السبب الثامن: البعد عن الحرام بشتي أشكاله وصوره: فإنه لا بركة في الحرام، ولا خير فيه، فعلى المسلم أن يجتنب الربا، والرشوة، والسرقة، وأكل أموال الناس واليتامى، وغير ذلك من الحرام.

السبب التاسع: شكر نعم الله على العبد: ويتحصل ذلك بأركان ثلاثة: الأول: الشعور والإحساس بالنعمة ورؤية ذلك بالقلب، وشهود أثر هذه النعم في حياة الإنسان.

الثاني: نسبة هذه النعم للمنعم، وهو الله -تعالى-، فالله -عز وجل- هو الذي أعطانا ورزقنا.

الثالث: أن ننفق هذه النعم ونستعملها في مرضاة الله ومحابه -عز وجل-، واحذر معصيته وانتقامه، وسلب هذه النعم بكفرانها وجحودها، فإن حققت الشكر بأركانه؛ فأبشر بالخير والزيادة والنماء والبركة.

السبب العاشر: الإنفاق في سبيل الله وعدم البخل والضن بمال الله الذي استخلفك فيه.

وبالجملة: فإن البركة جند مِن جند الله لها أسباب تستجلب بها، وكلها عائد إلى الإيمان والتقوى، والعمل الصالح والاستغفار، فمن التزم بها سعد بعيشة حميدة سعيدة في الدارين، ومَن أعرض عنها كانت معيشته ضنكًا وحشر أعمى ولو كان الدنيا بصيرًا.

أسأل الله أن يبارك لنا في علمائنا ومشايخنا، وفي أعمارنا وأرزاقنا وأولادنا، ونسائنا، وجميع أمورنا، إنه ولي ذلك ومولاه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة