الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

لَمْ ولَن نكونَ دُعَاةَ هَدم

لن نُهمِل ما نَقدر عليه من نصيحة الأمة قيادةً وشعبًا

لَمْ ولَن نكونَ دُعَاةَ هَدم
ياسر برهامي
الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠١٩ - ٠١:٠٧ ص
1854

لَمْ ولَن نكونَ دُعَاةَ هَدم

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فتَمُوجُ منطقتُنا بأمواج فتنٍ وغيومٍ تلوح في الأفق، وتنذر بِجَرِّ ما تبقى مِن بلاد المنطقة مستقرًا إلى بحور الفوضى، والهدم والخراب، والانقسام المجتمعي؛ الذي لا يبقي دولة، ولا يذر شعبًا مُتَمَاسِكًا يواجه مخاطر هائلة حتى في ضروريات حياته؛ في غذائه ومياهه، في الوقت الذي تنزل فيه الصواريخ الغادرة المجرمة على حقول النفط السعودية توقف نصف إنتاجها النفطي، وهو ما لم يقع حتى في حرب الخليج الأولى والثانية!

ولا شك أن "إيران" وما تسعى من تأسيس إمبراطوريتها الشيعية مِن وراء ذلك؛ سواء بطريقة مباشرة أو مِن خلال عملائها في اليمن أو في العراق أو غيرها، والهدف واضحٌ مُعلَن؛ وهو إسقاط الدولة السعودية، ومُحارَبة دعوة التوحيد والإصلاح التي قادها الشيخ محمد بن عبد الوهاب مُحارَبة إبادةٍ وإزالةٍ بالكُلِّية.

في نفس الوقت تخرج دعوات الخروج في مظاهراتٍ في مصر لإسقاط النظام، والذي لا نشك أنه يؤدي إلى إسقاط الدولة ذاتها؛ فلا الأوضاع الاقتصادية، ولا الاجتماعية، ولا حتى ما يتعلق بمصدر الحياة -نعني نهر النيل ومياهه-، فضلًا عن الاستقرار الذي تريد جماعات الصدام المنحرفة هدمَه وتَقويضَه؛ كل هذه الأوضاع لا تحتمل التفكير في ثورةٍ وفوضى ومظاهرات.

وإذا كنا دائمًا دُعَاةَ إصلاحٍ متدرج، نبتعد عن سفك الدماء، وإهدار الأموال العامة والخاصة، وانتهاك الحرمات، ونراعي ضوابط المصلحة والمفسدة، ونقرر أننا لا يمكن أن نسعى إلى إصلاح فسادٍ بما يؤدي إلى ما هو أفسد منه، ولا نقبل محاولة استدراك حرمةٍ بانتهاك أضعافها مِن الحرمات وما هو أشد منها.

وإذا كنا عبر مسيرتنا قد تَحَمَّلْنا أنواع الأذى والاضطهاد والإقصاء الذي وصل في عهود مضت إلى السجن والتعذيب لأبنائنا، ومع ذلك لم نخرج عن مسيرتنا الإصلاحية؛ فلأن نؤكد في هذه الظروف على ذلك أَولَى وأَوجَب.

وإذا كان بعض أبناء دعوتِنا يُعانُون مِن التهميش أو الظلم أو الإقصاء، وكذا يشعر كثيرٌ من أبناء وطننا، إلا أن ذلك لا يمكن أبدًا أن يكون مسوغًا لكي نكون وقودًا لنارٍ تحرق الأخضر واليابس، ولا تذر الوطن إلا أطلالًا، ولا تُنقِذ الأمة، بل تُهلِكها.

لن نكون دُعَاةَ هدمٍ -كما لم نكن قبل ذلك-، لن نسعى إلى مقاومة فساد مُدَّعَىً أو موجود بالفعل بأفسد منه!

لن نُهمِل ما نَقدر عليه من نصيحة الأمة قيادةً وشعبًا، ونَبذُل عِرضنا في سبيل إقامة الحق لمَن اتهمنا بالباطل والزور؛ لأن قيام الدين لا يكون إلا بقيام البلاد والمجتمعات، مع التضحية في سبيل ذلك الحق بما يُقَال عنا، لا نطلب ثأره، ولا نرد عليه بباطل مثله، ونعفو ونصفح؛ (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (الشورى:40).

لن نكون أداةَ هدمٍ بألسنتنا ولا بأيدينا؛ سنحافظ على وطننا وشعبنا وأبنائنا وبناتنا.

نسعى للاستقرار، وندعو إلى الخير، ونأمر بالمعروف وننهي عن المنكر، ونُحَذِّر من الظلم والفساد من غير أن نهدم البلاد والأوطان.

حافِظوا على بلادكم وأوطانكم بطاعة الله، وعَمِّروها باتباع سُنَّةِ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وتَجَنَّبوا الشبهات والشهوات المُحَرَّمة، وامتَثِلُوا أمرَ الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)، ولْتُطَبِّقُوا شعارَ الأنبياء الذي قاله شُعَيْب -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88)، وحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة