الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أولادنا والانفتاح الإعلامي -2

فاللهَ اللهَ في شبابنا وفتياتنا، كيف لأمةٍ تدمر عمادها وحاملي لوائها ومستقبلها الذين هم شبابها؟!

أولادنا والانفتاح الإعلامي -2
عصام حسنين
الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠١٩ - ١٠:٠٧ ص
731

أولادنا والانفتاح الإعلامي -2

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإذا وصل الطفل إلى سن سبع سنوات فما فوق: صعُب على الوالدين أن يصرفا ولدهما عن الأجهزة الذكية، ومع ذلك فلا بد مِن توفير البديل الذي يساعد على تنظيم الوقت، وتنظيم وقت الجلوس أمام هذه الأجهزة.

- وألا تشغلهم عن الصلاة وعن دراستهم وتفوقهم، ويكون ذلك بحزم، وأن يُسلم جهازه لأحد والديه قبل انتقاله إلى نشاط آخر حتى يستفيد بوقته، ويُنجز نشاطه.

- ويُوجَّه الطفل إلى المساعدة في أنشطة البيت، من ترتيب سريره ودولابه، ونحو ذلك، وأن يُعوّد النظافة والنظام، وذلك بطرق عملية.

- إذا وصل الطفل إلى سن الحادية عشرة (المراهقة المبكرة) فيصعب جدًّا نقله عن هذه الأجهزة؛ فيكون التوجيه بتقليل الجلوس بممارسة الأنشطة الأخرى النافعة.

- نمِّ الشعور بالمسئولية عنده، وأنه قد صار رجلًا كبيرًا يستطيع أن يميز بين الخبيث والطيب، والضار والنافع، فيحصل ما ينفعه، ويتجنب ما يضره.

- ذكِّره بمراقبة الله -تعالى- وأن الله يراه؛ ومِن ثَمَّ فلا يرى منه إلا ما يرضيه -تعالى-.

- وأن يقوم وقت الصلاة إلى صلاته، تاركًا أي شيء في يده مهما كان.

 - راجع على ذهنه: أهمية اختيار الهدف، وممارسة هواية نافعة.

- لا تُكثر من اللوم والعتاب؛ فإنه يقتل الإحساس، ويُضعف من شخصية ولدك.

- غالبًا الصمت الغاضب لغة تحرك المشاعر، ويحمل ولدك على المراجعة والمحاسبة؛ فليكن منك على بالٍ.

- إياك ثم إياك من إهانة ولدك أو إظهار عيبه أمام أحد.

- وإياك ولومه أو عتابه أمام أحد، ثم إياك وأن تقارنه بغيره؛ فلا تعالج الخطأ الذي يمكن تداركه مع الوقت بخطأ مدمر.

- ثم إذا وصل إلى سن الخامسة عشرة (مرحلة المراهقة الوسطى)؛ فاعلم أنه قد أصبح رجلًا، وأنه حر في تصرفاته، وليس لأحد عليه سلطان -هكذا يعتقد- فانتبه، ومِن ثَمّ يصعب جدًّا نقله عن هذه الأجهزة الذكية.

وخير علاج لهذه المرحلة هو ما رُوى عن علىِّ -رضى الله عنه-: "وصاحبه سبعًا".

- فلا بد من المصاحبة بحيث تكون صاحبًا له وقرينًا، واستعمل الرفق واللين، والتوجيه اللطيف من التذكير بحق الله -تعالى-، وحق الوالدين، وحقّ الإنسان نفسه، بأن يراعي عمله الذي سيسأله الله عنه، وهو المذاكرة، أو إن كان يعمل عملًا آخر، وأن يعطي كل ذي حق حقه، وأن تصاحبه في المناسبات، وأن تقترب من دائرته الخاصة بأن تكلمه عن التغيرات التي تحدث في الجسم عند البلوغ، وأحكام ذلك.

وعلى الأم أن تصاحب بنتها خاصة في سن المراهقة بحب ورفق وتوجيه؛ فلأن يتعلم ولدك منك خير من أن يتعلم من غيرك، وما أكثر الدعاة إلى الشر، وتكلمه عن الثمار المرة التي جناها الغرب من انتشار الرذيلة بينهم، وأثر ذلك علي الشعوب التي اتصلت بهم، وتنتقل منه إلي العولمة الإعلامية ومخاطرها، وكيف يتجنب مخاطرها ويستفيد من منافعها، وان الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها، وكل ذلك في جوٍّ من الحب والمرح، ومراعاة أسلوب القصص، والحوار الهادئ البنَّاء.

- ثم الحذر من تحويل البيت إلى ثكنة عسكرية؛ فهذا لا يزيد نار المراهقة إلا اشتعالًا وإعراضًا؛ إنما يكون الحبّ والمرح والمرونة، والنصح المغلف بالحب والرفق من آنٍ إلى آخر.

- إرشادهم إلى المواقع العلمية، والقدوات المعاصرة في ذلك حتى يسعى أن يكون كأحدهم أو في طريقهم.

- مشاهدة الأفلام العلمية والوثائقية، ثم مناقشتهم فيها.

- مشاهدة الفيديوهات التي صوَّرت أماكن الأمم المعذبة: كديار قوم ثمود، ومدين، ولوط، وغيرها، ثم المناقشة، وكذا مكان قوم يأجوج ومأجوج؛ فهذا حديث تحبه النفوس خاصة في هذا السن.

- من الأهمية بمكانٍ في هذا السن: توجيه الشاب المراهق إلى عمل إنتاجي مفيد، وأن يوفِّر له الوالد ذلك؛ فإن هذا فيه ما فيه مِن تربيته على تحمل المسئولية، وعلى أن يكون عضوًا ناجحًا مفيدًا في المجتمع، وعلى أن يقيم علاقات اجتماعية سوية مع الآخرين، وإدراك أهمية أن يتفوق في دراسته لينال شهادة جامعية مرموقة، وأن ينظِّم وقته، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ) (رواه البخاري).

- ثم التحذير مِن المواقع الإباحية:

- فإن مِن البلاء العظيم الذي تتضمنه شبكة الإنترنت بما فيه من خير ونفع عميم هو هذه المواقع الإباحية المدمرة لكل جوانب الحياة الإنسانية؛ فهذه الإباحية المجرمة تضعف رويدًا رويدًا خوف الإنسان من ربه -تعالى-، وتجرؤه على المعصية وإطلاق البصر.

- وتدمره نفسيًّا؛ فإنه يُري عينه ما لا يستطيع الوصول إليه، وغالبه محرم في ديننا؛ فيعيش معذبًا بين نارين: نار الشهوة التي تنادي عليه بإطفائها، ولا سبيل حلال له الآن؛ فليس أمامه إلا الحرام، ونار النفس اللوامة التي تلومه مِن ارتكابه لهذه المعصية.

- وقد تتحول هذه المشاهد إلى إدمانٍ حتى بعد زواجه؛ فيصير مريضًا يحتاج إلى طبيب نفسي ليخرجه مما هو فيه.

- كما أن هذه المشاهدات تضعف مِن قدرته الجنسية؛ لأن إطلاق البصر إلى الحرام يستنفد مِن قوته الجنسية؛ فلا يستطيع أن يعف زوجته الإعفاف الكامل، وقد يقع في الحرام.

- وغالب المشاكل الزوجية اليوم من هذا القبيل، وغالب أسباب الطلاق بسبب مواقع التواصل والسلوكيات الإباحية.

- كما أن له أضرارًا اجتماعية؛ فمثل هذا الإنسان لا يخالط أحدًا، عزوفًا عن العمل والإنتاج، مصابًا بأمراض جنسية.

- ولها أضرار على العقل والتصور؛ فيظل عقل المراهق منغمسَ التفكير فيما رآه مِن إباحيات، ولا يستطيع التخلص منه، وهذا يؤدي إلى فعلٍ، وهو "العادة السرية السيئة" التي تسوء نتائجها، ومِن ثَمَّ يتأخر دراسيًّا، وتضعف مهاراته العقلية التي هي جوهرته في الحياة.

- كما أنها تؤدي إلى العزوف عن الزواج؛ فما يريده في الزواج يجده في الحرام بدون مسئوليات، وهذا حال الكثير من الشباب الآن -إلا مَن رحم الله-.

- ولنعلم أن إدمان هذه المواقع كإدمان المخدرات.

- وعلاج ذلك يكون بـ:

- التذكير بالله -تعالى-، وحرمة إطلاق البصر، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ ... ) (رواه مسلم).

- والتعريف بحقيقة هذه الأفلام، وأن الحقيقة ليس كذلك، وأن هذا تمثيل، وأن هؤلاء الممثلين منبوذون من مجتمعاتهم، وأنهم يريدون تدمير الشباب والفتيات كما قال عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: "ودت الزانية لو زنت النساء كلهن!".

- كما أن هذه الممارسات منها المحرم في ديننا، وأن التعود على مشاهدتها يأتي بأضرارٍ نفسية واجتماعية وأخلاقية، وطبية ودينية.

- ومع ذلك: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

- فالمسلم إذا أخطأ فإنه يسارع إلى التوبة بشروطها، ولا يقنط من رحمة الله، مع الأخذ بالأسباب للبعد عن هذا الدمار الشامل للإنسان.

- خذ قرارًا صارمًا بالتوقف عن المشاهدة أو متابعة هذه المواقع.

- احسم جميع الأسباب التي توصلك لهذه المواقع.

- لا تجلس بمفردك.

- إن شعرت بحرارة الشهوة قم واسكب ماءً باردًا على فرجك.

- اشغل نفسك بما ينفعك؛ فنفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.

- لا تدخل إلى عالم الإنترنت إلا لهدفٍ محددٍ، وبحزم بعد تحصيلك لما تريد تغلقه.

- رافق الصالح الذي يذكرك بالله، ويسعى في منفعتك.

- عليك بالرياضة المفيدة.

- عليك بالدعاء: (اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ) (رواه أحمد بسندٍ صحيحٍ).

- (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- لا تتوقف أيها المربي عن المراقبة والتوجيه.

- وقل له: إن العلاقة بيننا تقوم على الثقة، فلا تفقدني الثقة فيك بأفعال خاطئة.

أيها المربي الحكيم:

- إن فرَّطت أو تعدّيت في تربية أولادك فلا تقل: "فات القطار"، فيصيبك يأس أو قنوط من الإصلاح؛ بل ارجُ رحمة ربك -عز وجل- والجأ إليه أن يُصلح لك أولادك؛ فإن الصلاح من الله وحده.

- وابدأ في التوجيه الصحيح مرة أخرى، متحليًا بالصبر والحلم والرفق.

وقل: هناك فرصة للإصلاح، فما زال باب التوبة مفتوحًا لا يُغلق إلى يوم القيامة.

ثم أيها المسئولون (مِن والد إلى كل مسئول في الدولة) أقول لكم:

"إن مشاهدة أفلام العنف والعُري والإلحاد أثَّرت في كثيرٍ مِن الشباب؛ فأصبحت هذه الأخلاق السيئة تظهر على سلوكياتهم مِثلًا بمثلٍ، وإلى الله المشتكى من كل راعٍ فرط في قيامه بمسؤولياته تجاه رعيته.

فاللهَ اللهَ في شبابنا وفتياتنا، كيف لأمةٍ تدمر عمادها وحاملي لوائها ومستقبلها الذين هم شبابها؟! فيا للعجب! أي مصير ينتظرنا... إن لم نفق؟

وإن كان مِن خطأ؛ فلا يُعالج بخطأ أو انحراف عن جادِّة السبيل.

فإن كان التكفير وسفك الدماء المعصومة خطر؛ فلا يكون علاجه بالعمل على انحراف الشباب عن أمر دينهم، وإنما يكون بتربية النشء على مفاهيم الإسلام الصحيحة التي كان عليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام -رضي الله عنهم-" .

اللهم أصلح لنا أولادنا وأولاد المسلمين.

اللهم احفظهم بحفظك، وتولهم بولايتك، واهدهم سبل السلام.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً