الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفساد (31) الحركة النسوية في أوروبا والمنظمات النسوية في مصر (4-5)

والمراد بالأجندة النسوية: الفكر النسوي الذي تعتنقه مؤسسات الأمم المتحدة والبرامج التي تسعى لتنفيذها في كافة دول العالم بديلًا عن معتنقات شعوبها

الفساد (31) الحركة النسوية في أوروبا والمنظمات النسوية في مصر (4-5)
علاء بكر
الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠١٩ - ١٨:٥٦ م
974

الفساد (31) الحركة النسوية في أوروبا والمنظمات النسوية في مصر (4-5)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيمكن تصنيف أغلب الجمعيات النسوية في مصر والدول العربية على أنها جمعيات علمانية تتبنى ما يتبناه الغرب من أفكار واتجاهات يتم الترويج لها داخل البلاد العربية، ويمكن وصف القائمين عليها بأن لهم نظرة علمانية برجماتية في تقويم الأمور؛ يتضح ذلك من خلال مطالبهم وتقويمهم للأمور سواء في مؤتمراتهم أو في كتاباتهم.

وهذه الجمعيات تقلل دومًا من أمر الأخلاق والقيم، وتصفها بالنسبية، وأنها أثر للتنشئة الاجتماعية؛ لذا سعت سعيًا محمومًا لإقرار وتثبيت ما تراه هي حقًّا للمرأة، ولو تناقض مع الأخلاق والقيم، مقتدية بالأجواء الغربية التي أطاحت بالكثير مِن الأخلاق والقيم حتى أصبحت الطهارة والعفاف عيبًا والتوسع في المتع والشهوات مقصدًا وغاية، (انظر فصل: قراءة في فاعليات الحركة النسوية المصرية، للصحفي المصري محمد فخري من كتاب: "الحركة النسوية وخلخلة المجتمعات الإسلامية: المجتمع المصري أنموذجًا"، تحرير الهيثم زعفان ط. كتاب البيان، ص127 بتصرف).

"ولما كانت هذه الأفكار النسوية معرضة للرفض، بل وللهجوم مِن قِبَل المجتمعات الإسلامية؛ لعدم اتفاقها مع الإسلام؛ لجأ الفكر النسوي الغربي إلى تجنيد لجنة المرأة في منظمة (الأمم المتحدة) للترويج لهذا الفكر في صورة مؤتمرات دولية، وندوات عالمية وإقليمية، وتوصيات وقرارات تقوم على تنفيذها الحكومات والمنظمات النسائية الحكومية وغير الحكومية، بحيث تكون هذه التوصيات ملزمة للدول التي توقع عليها التي عليها تذليل العقبات في طريق تنفيذها" (المصدر السابق، ص149 – 150 بتصرف).

إن مَن يتأمل هذه التوصيات والقرارات والاتفاقيات الصادرة من الأمم المتحدة بهذا الشأن يدرك (كيف يتغلغل الفكر النسوي داخل الأمم المتحدة، وكيف يوظفها لمبادئه وأهدافه المغرضة لكي يسود هذا الفكر العالم كله، ولا شك أن هناك أصابع خفية تحرك هذا الفكر لكي يطرح ويصبغ بصبغة شرعية دولية عن طريق الأمم المتحدة، وبالتالي يسهل تصديرها بصورة شرعية دولية للمجتمعات الإسلامية المستهدفة؛ لهذا نجد أن خطاب الأمم المتحدة المتعلق بقضايا المرأة لا يختلف عن الإستراتيجية العامة التي تشكِّل الفكر النسوي الغربي، حيث يركِّز الخطاب على ثوابت منها:

1- ضرورة تغيير وضع المرأة في العالم العربي والإسلامي، وتمكينها اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا عن طريق برامج موجهة للتوعية بقضايا المرأة من خلال المنظور الغربي.

2- القضاء على القوالب الجامدة التي لا تزال تحدد الأدوار المنوط القيام بها للمرأة وللرجل في الأسرة والمجتمع، والتي تميز بين الذكر والأنثى. والمراد بالقوالب الجامدة في خطاب الأمم المتحدة الدين الإسلامي الذي تحولت أحكامه إلى تقاليد وأعراف متوارثة، تتمسك بها المرأة والأسر المسلمة.

3- ضرورة القضاء على المفهوم السائد عن دور الرجل ودور المرأة في المجتمع، أي تغيير مفهوم المجتمع الذكوري الشائع لدى المجتمعات الإسلامية، وإحلال مفهوم بديل يعتمد على تقبل الصبغة الأنثوية للمجتمع واحترام الجنسية المثلية.

4- القضاء على أشكال اللامساواة والتمييز ضد المرأة، مع الدعوة إلى استخدام لغة غير ذكورية محايدة، لغة جندرية بمفهوم الفكر النسوي.

5- ضرورة تمكين المرأة من شغل الوظائف السياسية والاجتماعية والاقتصادية رفيعة المستوى، مما يمكن المرأة من نشر فكرها والتعبير عن أهدافها النسوية بحرية، والتأثير في البرامج التي تعالج قضايا المرأة (المصدر السابق: 150-151).

علاقة الفكر النسوي بنظرة الاستعمار الحديثة:

يوافق الفكر النسوي النظرة الاستعمارية الحديثة حيث يركز على التـأكيد على تدني الشعوب الإسلامية ثقافيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، ويجتهد في وضع خطاب لتغيير فكر وسلوك المرأة في العالم الإسلامي، خطاب يتهم الرجال بأنهم يضطهدون المرأة ويمارسون كافة أشكال العنف ضدها، في حين أن المرأة الغربية امرأة متحضرة؛ لأن رجال المجتمعات الغربية في زعم هذا الخطاب أكثر تحضرًا وتقدمًا ورقيًّا؛ وعليه فإن الخطاب النسوي الاستعماري الموجه إلى العالم الإسلامي يسعى إلى تشكيل الفكر المستقبلي للمرأة المسلمة عن طريق تغيير المنظومة السياسية والفكرية والثقافية في المجتمعات الإسلامية، وصبغها بالصبغة الغربية من خلال الشباب والشابات الذين تشبعوا بالثقافة الغربية، وتولوا القيادة في هذه المجتمعات ليحققوا التغيير المنشود (انظر المصدر السابق، ص 166 -167).

وفي نفس الوقت، فإن حكام الغرب وقادته يخاطبون شعوبهم خطابًا يجعل تعاطفهم مع التدخل في شئون الدول الإسلامية والعربية بتصوير مجتمعات هذه الدول على أنها مجتمعات متخلفة تمارس الاضطهاد والتمييز والعنف ضد المرأة، وأن المرأة تعاني من الفقر ونقص التعليم والرعاية الصحية، وتخضع للزواج المبكر وكثرة الإنجاب، وتحرم من الميراث وتعاني من هضم حقوقها الاجتماعية والاقتصادية؛ لذا لا يعارض المواطن الغربي تقديم المعونات والدعم للمنظمات النسوية وتخصيص نسب من القروض والمنح الغربية لها، وإلزام حكومات هذه الدول بما تمليه سياسيات القادة والحكام الغربيين والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، علمًا بأن هذا الدعم هو من ضرائب هؤلاء المواطنين في أمريكا وأوروبا.

كما أن القادة الغربيين قد وجدوا في دعاوي نشر الديمقراطية ومكافحة الفقر والتخلف الحضاري مبررًا أخلاقيًّا مناسبًا يقدمونه لمواطنيهم من أجل ممارسة الضغوط على الأنظمة في المنطقة العربية والتدخل بشكل غير مباشر أو بشكل مباشر ولو بالحرب.

يقول (بيل كريستول) رئيس تحرير مجلة (ويكلي ستاندرد) في حديث لصحيفة (ها آرتس الإسرائيلية): "إنه من الصعب إقناع الأمريكان بشنِّ حربٍ من أجل المصالح المجردة، لكن مِن اليسير إقناعهم بشن حرب من أجل فرض القيم... حرب من أجل تحقيق حلم أخلاقي معين... فالأمريكان لديهم إحساس هائل بأنهم أصحاب رسالة، وأمريكا يجب أن تقدم شيئًا ما أكثر رفعة وسموًا من الحياة الرغدة والنجاح المادي الملموس".

أما الكاتب الأمريكي (فريدمان) فيرى في كتابه عن العولمة: أن واجب أمريكا نشر قيمها في ربوع العالم، وتعميم نمط الحياة السائد فيها في شتى البلاد المختلفة (راجع: "أسرى المال السياسي"، لعبد القادر شهيب، ص37).

إن من المسئولين الأمريكان مَن يصرِّحون بالأهداف السياسية لما يقدمونه من تمويل لمنظمات المجتمع المدني، وأنه استثمار في الديمقراطية (المصدر السابق، ص 106).

أما الرئيس الأمريكي الأسبق (كلينتون) فقد ذكر أن كل دولار من المساعدات يسترد منه 80 سنتًا (الدولار يساوي 100 سنتًا) (المصدر السابق، ص 19).

ومعلوم أن المساعدات الأجنبية مِن منحٍ وقروضٍ غالبها مرتبط بشروط، من شراء السلاح والمنتجات الأمريكية، ومراجعة بيوت الخبرة الغربية لدراسات الجدوى، وتقديمها الخدمات الاستشارية للبرامج والمشروعات، واستقدام خبراء ومستشارين أجانب برواتب كبيرة تستقطع من تلك المنح والقروض، إلى جانب الحصول على امتيازات خاصة، وممارسة ضغوط في اتجاه المصالح الغربية.

فالمساعدات والمعونات الغربية أداة تستفيد منها الدول المانحة؛ لذا فهي من ركائز سياسات هذه الدول الخارجية، يقول الرئيس الأمريكي (جون كينيدي) عام 1961م: "إن المعونة الأجنبية وسيلة يمكن للولايات المتحدة عن طريقها أن تثبت مركز نفوذ وسيطرة حول العالم".

ويؤكد الرئيس الأمريكي (نيكسون) ذلك في حديث له خلال حملته الانتخابية عام 1968 م بقوله: "يجب أن نتذكر أن الغرض الأساسي للمعونة الأمريكية ليس مساعدة الشعوب، ولكن مساعدة أنفسنا".

ويقول الاقتصادي البريطاني (لورد باو) محللًا فلسفة هذه المعونات: "إنهما وجهان لعملة واحدة، إن العالم الثالث هو نتاج للمعونة الأجنبية، ومِن دون معونة أجنبية ليس هناك عالم ثالث" (راجع: "الحركة النسوية، ص 223"، وللاستزادة راجع: "أمريكا وصناعة الجوع، تأليف: فرنسيس مور لابيه - جوزيف كولينز - ديفيد كينلي - ترجمة: د. حسن أبو بكر - ط. دار الفكر - القاهرة - 1986 م"، "سادة الفقر، تأليف: جراهام هانكوك - ترجمة ناصر السيد - ط. دار الهيثم ودار الحداثة - بيروت 1994 م"، "سادة العالم الجدد، د. جان زيفلر - مركز دراسات الوحدة العربية 2003 م"، "الجوانب السياسية للمعونات الاقتصادية في مصر، د. مصطفى كامل سيد - مركز دراسات وبحوث الدول النامية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 1998 م"، "علماء وجواسيس: التغلغل الأمريكي الإسرائيلي في مصر، رفعت سيد أحمد - رياض الريس للكتب والنشر - لندن 1990 م"، "اختراق العقل المصري، رفعت سيد أحمد"، "تمويل وتطبيع: قصة الجمعيات غير الحكومية، سناء المصري - ط. سينا للنشر - القاهرة 1998 م"، "حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر: دراسة نقدية إسلامية، تأليف: مثنى أمين الكردستاني - ط. دار القلم - الكويت 2004 م).

إنشاء مؤسسات راعية للمرأة:

بناء على التحول في الخطاب السياسي نحو متطلبات الحركة النسوية، تم إنشاء العديد من المؤسسات الهيكلية التي تساعد على تطبيق أجندة الحركة النسوية، ومنها:

1- المجلس القومي للمرأة.

2- المجلس القومي للطفولة والأمومة.

3- اللجنة الدائمة للمرأة بوزارة القوى العاملة والهجرة.

4- الإدارة العامة لشئون المرأة بوزارة الشئون الاجتماعية.

5- وحدة بحوث المرأة والطفل بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

6- وحدة السياسة والتنسيق للنهوض بالمرأة في قطاع الزراعة التابعة لوزارة الزراعة.

ويعد المجلس القومي أهم وأبرز هذه المؤسسات المعنية بدعم وتمكين المرأة من خلال متابعة وتنفيذ مؤتمرات الأمم المتحدة المتعلقة بالمرأة، خاصة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومقررات مؤتمر بكين في عام 1995م.

وقد تم إنشاء المجلس القومي بالقرار الجمهوري رقم: 90 لعام 2000م ومقره بالقاهرة، وله شخصية اعتبارية، ويتبع الرئاسة مباشرة، وكان قد سبقه إنشاء اللجنة القومية للمرأة في عام 1993م، والمجلس يختص باقتراحات السياسات العامة في مجال تنمية المرأة، وتمكينها من أداء دورها الاقتصادي والاجتماعي، وإدماج جهودها في برامج التنمية الشاملة.

ويختص بوضع خطة قومية للنهوض بالمرأة وحل المشكلات التي تواجهها، ومتابعة وتقويم تنفيذ السياسات العامة في مجال المرأة؛ بالإضافة إلى إبداء الرأي في مشروعات القوانين المتعلقة بالمرأة، والتوصية باقتراح مشروعات قوانين تساهم في النهوض بأوضاعها، وقد انتخبت (سوزان مبارك) لرئاسة المجلس عند تأسيسه، ويعد المجلس نقطة تحول في تاريخ المرأة والمجتمع المصري مع بداية الألفية الثالثة، فهو وإن كان بدون سلطات تنفيذية، لكنه يقوم بالتنسيق مع الجهات المختصة من خلال لجانه الدائمة وفروعه في المحافظات وأمانته العامة، وغالبًا ما يعهد المجلس بتنفيذ برامجه ومشروعاته إلى الجمعيات الأهلية الفعالة في مجال المرأة.

التمويل الأجنبي لأجندة الحركة النسوية:

المراد بالتمويل الأجنبي: كل دعم مادي "قرض أو منحة" يقدَّم مِن دول الشمال المتقدمة إلى دول الجنوب غير المتقدمة، وهو غالبًا يهدف إلى تحقيق أهدافٍ ومصالح غربية غير معلنة، ومنها: مساندة تنفيذ أجندة الحركة النسوية الغربية.

وقد ظهر هذا التمويل في النصف الثاني من القرن العشرين كسياسة اتبعتها الدول الغربية عقب جلاء الاستعمار الأوروبي عن الدول التي كان يحتلها عسكريًّا.

ويتم هذا التمويل على صورتين:

1- تمويل لحكومات دول العالم الثالث: في صورة قروض ترد بفوائد مركبة بعد فترة سماح، أو في صورة منح لا ترد، وفق اتفاقيات مصحوبة غالبا بأجنداتٍ للتنفيذ، ومنها بعض محتويات الأجندة النسوية.

2- تمويل غير حكومي: معظمه موجه للقطاع الأهلي في صورة منح لا ترد، مصحوبة بتوجيهات تتعلق بالأجندة النسوية.

والمراد بالأجندة النسوية: الفكر النسوي الذي تعتنقه مؤسسات الأمم المتحدة والبرامج التي تسعى لتنفيذها في كافة دول العالم بديلًا عن معتنقات شعوبها، وبالطبع فليس كل ما تطرحه هذه الأجندة هو باطل محض، وإلا لرفضت بالكلية، ولكنها تجمع بين ما هو من الحق وما هو من الباطل، عبر أطروحات كثيرة تبدأ من مطالب مقبولة أو الخلاف حولها محتمل إلى ما هو غير مقبول، كالدعوة إلى منع الجور على حرية المرأة مرورًا بالمناداة بالحرية الجنسية للمرأة، ومنها: إباحة المخادنة والسحاق، وصولًا إلى حق المرأة في الإجهاض الآمن، وكالدعوة إلى تمكين المرأة اقتصاديًّا وسياسيًّا وأمنيًّا، مرورًا بالمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وصولًا إلى استغناء المرأة عبر حياتها كلها عن الرجل، وبالتالي: إسقاط حق الولاية أو القوامة للرجل عليها.

ونظرًا لحاجة هذه الأجندة النسوية إلى التمويل الكبير لتنفيذها، فقد ركزت الأمم المتحدة على دعوة المؤسسات الدولية لتبني الأجندة النسوية ودمجها في سياستها، ودفع حكومات دول العالم الثالث إلى تخصيص نسبٍ مِن ميزانياتها للإنفاق على مشروعات نسوية، وهذا معلوم ومطروح صراحة في وثائق الأمم المتحدة، ويتم متابعته من خلال تقارير تقدمها حكومات تلك الدول، ومن خلال تقارير المنظمات غير الحكومية في تلك الدول في هذا الشأن.

وقد أشادت الأمم المتحدة بجهود الجهات الدولية المانحة في وثيقة لها بعنوان: (استعراض وتقييم تنفيذ منهاج عمل مؤتمر بكين)، والتي جاء فيها: (وفي عدد لا يستهان به من البلدان النامية، أمكن تحقيق معظم التنفيذ البرنامجي لالتزامات منهاج العمل -بكين- بفضل أموال من مؤسسات الأمم المتحدة أو وكالات تنمية دولية أخرى، ولولا هذه المساعدات لما توافرت سوى موارد ضئيلة لتحسين وضع المرأة" (راجع فصل: التمويل الأجنبي وأجندة الحركة النسوية، للهيثم زعفان - ماجستير في التخطيط الاجتماعي - جامعة الأزهر - من كتاب: "الحركة النسوية" - كتاب البيان - ص 221).

وتعد هذه المرحلة من التمويل الأجنبي هي مرحلة مؤقتة إذ ترنو سياسات الأمم المتحدة والحركة النسوية إلى تنمية ثقافة (التمويل الذاتي) للأفكار والبرامج النسوية داخل دول العالم الثالث مستقبلًا من خلال تمويل حكومات تلك الدول ورجال الأعمال والأثرياء فيها، وجهود النخبة المثقفة التي تشربت القيم والمبادئ الغربية، بعد أن يتم اعتناق أيديولوجية الحركة النسوية وتطبيقها بدرجة كافية لدعمها ذاتيًّا والتبشير بها وحمل الناس عليها.

مِن أشهر مؤسسات التمويل لدعم الأجندة النسوية:

مؤسسة فورد فونديشن:

من أنشط المؤسسات التي تدعم الحركة النسوية في العالم العربي، وهي من أوثق المؤسسات التمويلية الدولية علاقة بالمخابرات المركزية الأمريكية، حيث تناوب على رئاستها مسئولون في المخابرات الأمريكية، وتستهدف تعزيز الهيمنة الثقافية الأمريكية، وقد أغدقت الأموال والمنح على العديد من المنظمات الثقافية ومنظمات حقوق الإنسان والفنانين والمثقفين لاستمالتهم، وقد لعبت أدوارًا ظاهرها المساعدة الإنسانية قامت من خلالها بإجراء بحوث ودراسات لصالح المخابرات الأمريكية، حيث قدمت على سبيل المثال في عام 1999 م منحًا وهبات قدرها 13 مليار دولار في الهند وحدها، و5و7 مليار دولار في عام 2000 م؛ لذا وُصفت بأنها أخطر مؤسسات التجسس في تاريخ أمريكا.

وقد تعاظم دورها في السبعينيات لمساعدة السياسة الأمريكية على دراسة وفهم التغيرات التي طرأت على مصر والشرق الأوسط، والتنبؤ بما يتعلق بها لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة، وتضع المؤسسة على رأس أهدافها الظاهرية في منطقة الشرق الأوسط: (الصحة الإنجابية)، في إطار إستراتيجية تحديد النسل، ومقاومة الزيادة السكانية (راجع: "الحركة النسوية"، ص 230 - 232).

اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للأطفال):

أنشئت للمساعدة في حماية أرواح الأطفال، وترقية تطورهم، وتتولى مشروعات نسوية عدة في الشرق الأوسط، وتدعمها بعشرات الملايين من الدولارات (المصدر السابق، ص 232 - 233).

اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة):

المنظمة مخصصة للاهتمام بتطوير مناهج التعليم في العالم العربي بما يتفق مع أجندة الأمم المتحدة النسوية وفقًا لإشارة وثائق الأمم المتحدة حول جهودها في هذا الشأن (المصدر السابق، ص 233).

الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية:

تأسست عام 1961م بقرارٍ من الكونجرس الأمريكي؛ لتقديم القروض والمنح للمشروعات في الدول العربية في مجالاتٍ عديدةٍ، منها: المرأة، وتضع مشروعاتها بعثة الوكالة بالتنسيق مع السفارة الأمريكية في الدولة المتلقية، ويجب إقرارها من رئاسة الوكالة في واشنطن، وتدار مِن خلال الحكومة المحلية، وهي مستودع ضخم لنقل المعلومات إلى أجهزة صنع القرار الأمريكي؛ لذا يصفها البعض بأنها (حكومة ظل) أمريكية في البلد المتلقي، وللوكالة علاقة بالكيان الإسرائيلي، وقد لعبت دورًا كبيرًا في مجال التطبيع بين مصر وإسرائيل من خلال الدعم المادي، والربط بين علماء مصر وإسرائيل في مجال الزراعة والبحث العلمي (المصدر السابق، ص 236 - 237، و"علماء وجواسيس: التغلغل الأمريكي - الإسرائيلي في مصر"،  ص 128).

البنك الدولي:

يقدم قروضه العديدة ذات الفوائد المركبة مصحوبة بأجندة نسوية تُفرَض على الدول المتلقية للقروض، كما يساهِم بحصصٍ ماليةٍ في مشروعات الأجندة، ووثائق البنك غير متاحة للحكومات والجمهور؛ خاصة وثائق مجلس إدارة البنك التي تمكنه من اتخاذ القرار بالموافقة أو عدم الموافقة على القروض، وعليه فدافعو الضرائب في الدول الأعضاء في البنك لا اطلاع لهم على أية معلومات عن البنك إلا مِن خلال ما يختاره البنك للنشر فقط (راجع المصدر السابق، ص 235).

منظمة فريدريتش إيبرت الألمانية:

تهتم بتمويل البرامج النسوية في العالم العربي، ولها نشاط ملحوظ مع الهيئات الإنجيلية في تطبيق أجندة الأمم المتحدة، ولها دور في الربط بين العلماء اليهود والعرب تحت دعوى التعاون العلمي والبحوث المشتركة الممولة (المصدر السابق، ص 235).

أمثلة لمشاريع نسوية مولتها مؤسسات دولية:

1- مشروع الدعم الفني والمؤسسي للمنظمات غير الحكومية لتنفيذ وثيقة (بكين - مصر):

حيث عقدت مصر واليونيسيف اتفاق تعاون عام 2000م في إطاره يقوم اليونيسيف بالتعاون مع المنظمات غير حكومية استرشادًا باتفاقية مكافحة أشكال التمييز ضد المرأة، بمقتضاه تعاون اليونيسيف مع (جمعية التنمية الصحية والبيئية) للقيام بتدريب منظمات غير حكومية بما يمكنها من تنفيذ وثيقة بكين، وهذا المشروع يصنف ضمن قضايا النوع الاجتماعي (الجندر) المتعلقة بالمرأة، وميزانيته تتجاوز المليونين دولار.

2- مشروع بناء القدرة في المنظمات غير الحكومية لاستمرار تنفيذ برنامج عمل (بكين - مصر):

وهو تابع للاتحاد الأوروبي للمساهمة في التوظيف الجيد لعمل المنظمات غير الحكومية، للتدخل والمشاركة في الوقت المناسب للتأثير على السياسات والتشريعات المتعلقة بزيادة المساواة بين الجنسين، وميزانية المشروع مليون وثلاثمائة وخمسة وثلاثون ألف يورو.

3- مشروع مناهضة ختان الإناث بمصر:

وهو ممول من (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)، من خلال حملة لمدة ثلاث سنوات، تطبق في صعيد مصر، بميزانية قدرها 6و2 مليون دولار.

4- مشروع القياس الإحصائي للمساواة بين الجنسين:

مشروع نفذه الاتحاد الأوروبي بهدف قياس المساواة بين الجنسين من خلال الإحصائيات لتعزيز وزيادة آليات المحاسبة في الدول العربية، عن طريق إدماج قضايا الجندر في حركة تيار المجتمع، وتعزيز قدرة العاملين في مجال الإحصاءات لإعداد إحصاءات خاصة بالمرأة العربية.

5- مشروع التيسير الخاص بعمل المرأة:

وهو تابع للاتحاد الأوروبي، يطبق في إحدى محافظات مصر لتقديم قروض للنساء وتدريبهن على ممارسة أدوارهن في المجتمع مِن وفق منظور (الجندر)، ومن خلاله تتم دراسات على نساء المحافظة، وترفع الجهات المنفذة للمشروع تقارير دورية دقيقة إلى الاتحاد الأوروبي.

6- برنامج الوكالة الكندية للتنمية الدولية (سيدا):

تهتم هذه الوكالة بالمساواة بين النوع الاجتماعي (الجندر) كمكون عام في برامج الوكالة، وقد بدأت برنامجها في مصر منذ عام 1976م بمعدل إنفاق سنوي 15 - 20 مليون دولار كندي، بإجمال نحو مليار دولار كندي لمساندة 450 مشروعًا، بمتوسط نحو 2 مليون دولار كندي للمشروع الواحد (راجع المصدر السابق، ص 245– 252).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة