الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

ودق ناقوس الخطر! التربية الجنسية (2)

وضعت شريعتنا الغراء ضوابط وأحكامًا لحماية الطفل مِن هذه الانحرافات الجنسية

ودق ناقوس الخطر! التربية الجنسية (2)
عصام حسنين
الاثنين ١١ نوفمبر ٢٠١٩ - ١٩:٣٠ م
1065

ودق ناقوس الخطر! التربية الجنسية (2)

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

5- جاءت شريعة الإسلام بما يهذِّب هذه الشهوة ويحفظها إلى أن تقضَى فيما أحله الله -تعالى- عن طريق الزواج الذي هو طريق التناسل المشروع، قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (المؤمنون:5-7).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي: والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم، وما ملكت أيمانهم من السراري، ومَن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج؛ ولهذا قال: (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ) أي: غير الأزواج والإماء (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) أي: المعتدون" (تفسير ابن كثير).

قال الشيخ سيد سابق -رحمه الله-:

- "ولم يشأ الله أن يجعل الإنسان كغيره مِن العوالم، فيدع غرائزه تنطلق دون وعي، ويترك اتصال الذكر بالأنثى فوضى لا ضابط له، بل وضع النظام الملائم لسيادته، والذي مِن شأنه أن يحفظ شرفه، ويصون كرامته.

فجعل اتصال الرجل بالمرأة اتصالًا كريمًا، مبنيًّا على رضاهما، وعلى إيجاب وقبول كمظهرين لهذا أيضًا، وعلى إشهاد على أن كلًا منهما قد أصبح للآخر، وبهذا وضع للغريزة سبلها المأمونة، وحمى النسل من الضياع، وصان المرأة عن أن تكون كلأً مباحًا لكل راتع.

ووضع نواة الأسرة التي تحوطها غريزة الأمومة وترعاها عاطفة الأبوة، فتنبت نباتًا حسنًا، وتثمر ثمارها اليانعة" (فقه السنة).

6- ولم تأمر الشريعة بالتبتل (الانقطاع عن الزواج)، ولا بتعذيب الجسد وحرمانه مما خلق الله فيه بالطريق المباح، قال الله - تعالى -: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) (الرعد:38)، وكان -صلى الله عليه وسلم- الذي هو خير ولد آدم أكثر الأمة نساءً، وقال: (وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) (متفق عليه).

7- وحرمت الشريعة قضاء الشهوة فيما حرَّمه الله -تعالى- من زنا ولواط وسحاق، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) (الإسراء:32).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "إن في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد؛ ولهذا تنوعت عقوبات فاعليه... فعلى الرجل حفظ ولده في حال صغره وبعد بلوغه، وأن يجنبه مخالطة هؤلاء الملاعين الذين لعنهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (البداية والنهاية).

فلا يتركه يلعب مع مَن يكبره في السن، ولا يغفل عنه، إنما يكون تحت عينيه، وكذلك الأم عليها مسئولية كبيرة؛ فلا تنشغل عن مراقبة أولادها بتلفاز أو جهاز، ونحو ذلك.

فالأمر جِد خطير لا يحتمل تهاونًا وغفلة، فكم مِن اعتداءاتٍ جنسيةٍ كانت من الأخ أو العم أو الخال أو أولادهما، والقصص كثيرة، بل وُجد اليوم بعض المنحرفين من الآباء!

فالحذر الحذر، والنجاءَ النجاء.         

8- هذا وقد وضعت شريعتنا الغراء ضوابط وأحكامًا لحماية الطفل مِن هذه الانحرافات الجنسية، وكذلك لتهذيب الشهوة عنده حتى ينشأ صالحًا مستقيمًا، ومن ذلك:

الاستئذان داخل البيت:

أمر الله -تعالى- بالاستئذان داخل البيت؛ حماية لأعين الأطفال البريئة أن تقع على مشهد ينطبع في أذهانهم لا يُمحى إلا أن يشاء الله، وقد يكون له أثر في فساد الولد، وكم مِن قصص سيئة في ذلك، وعليه فليتبع الأبوان هذا الأدب الإلهي العظيم، يقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النور:58).

وروي عن جابر -رضي الله عنه- قال: "يستأذن الرجل على ولده، وأمه وإن كانت عجوزًا، وأخيه وأخته وأبيه" (رواه البخاري في الأدب المفرد).

وهذه الأوقات هي: "حين الاستيقاظ من النوم، وحين إرادة النوم، وحين القائلة".   

وفي غير هذه الأوقات الثلاثة يحل للطفل المميز ابن السابعة أن يدخل على أهل البيت دون استئذان، ولكن يُستحب أيضًا إلقاء السلام؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لأنس -رضي الله عنه-: (يَا بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ يَكُونُ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ) (رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن لغيره).

- ولا يفتح بابًا مغلقًا إلا بإذنٍ.

- ويُعوّد على طرْق الباب دائمًا كلما أراد أن يدخل مكانًا مغلقًا، فإن لم يفعل أُمر بالعودة والطرق مِن جديدٍ.

يتبع -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً