الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

قلم رصاص!

المشكلة الحقيقية لا تكمن في وقوع الخطأ؛ لأن الخطأ مِن طبع الإنسان

قلم رصاص!
بلال عبد الجواد ناجي
الثلاثاء ١٧ مارس ٢٠٢٠ - ١٠:١٠ ص
620

قلم رصاص!

كتبه/ بلال عبد الجواد ناجي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فالقلم الرصاص هو الأكثر استخدامًا؛ ليس لأنه الأجمل ولا الأدق، ولكن لأنك تستطيع أن تمسح الأخطاء التي كتبتها به، ونحن كبشرٍ كثيرًا ما نقع في الخطأ؛ لذلك يجب أن نكون مثل القلم الرصاص عندما نخطئ نصحح الخطأ ونتوب منه، وهذا ما بيَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني)، فالإنسان مهما علا شأنه وطال به زمانه؛ لا بد وأن يقع منه الخطأ؛ لأنها طبيعة البشر.

مَن ذا الذي ما ساء قط                   ومَن له الحـسـنى فـقـط

فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في وقوع الخطأ؛ لأن الخطأ مِن طبع الإنسان، ولكنها تكمن في:

- عدم تصحيح الخطأ وتبريره: قال أحد الحكماء: "تَصْحِيحُ الْخَطَأِ يَأْخُذُ مِنكَ وَقَتَا أَقَلُّ مِنْ حَديثكَ لِكُلُّ شَخْصٍ عَنْ سَبَبِ اِرْتِكَابِهِ"، فالعاقل هو الذي إذا وقع في خطأ سارع لتصحيحه وتعديله، والاعتراف به دون خوفٍ أو خجلٍ.

- الإصرار على الخطأ: أي عندما يتحول الخطأ إلى عادة مستقرة في النفس البشرية، أو المجتمع، عندها ينقلب الخطأ إلى مشكلة يجب البحث عن حلول لها؛ ولذلك وضَّح الرب -سبحانه وتعالى- أن من صفات المتقين عدم الإصرار على الخطأ، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:135).

- اليأس من تصحيح الخطأ: البعض مِن كثرة وقوعه في الأخطاء وإخفاقه في التخلص منها بعد عدة محاولات يصل إلى مرحلة اليأس والقنوط من نفسه، وهذا يكفيه قول الله -عز وجل-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53).

- عدم الاستفادة من الخطأ: لو لم تكن الأخطاء ذات فائدة لما أوجدها الله -سبحانه- في حياتنا؛ لذا فنحن لسنا في حاجة لمعرفة الأخطاء بقدر حاجتنا إلى الاستفادة منها، وإلا ما الفائدة من معرفتنا للأخطاء دون تصحيحها أو تحويلها إلى مكاسب، وقد قيل: "كُلُّ الْبُشْرِ يُخَطِّئُونَ، لَكُنَّ الْحكمَاءُ فَقَطُّ هُمْ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْ أَخِطَائِهِمْ".

فينبغي علينا أن نكون مثل القلم الرصاص؛ عندما نخطئ نتحمل خطايانا ونعترف بها، فنمسحها ونكتب مِن جديدٍ.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة