الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الرد على مَن يزعم لزوم العفو ومسامحة مَن يَسُبُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن هذه سنته فيمَن سَبَّه!

السؤال: 1- ما الرد على مَن يقول بالنسبة للإساءة للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت سنته العفو عمَن أساء إليه، فلا يلزم عقوبة مَن أساء إليه، بل يُعامَل هذا الساب بالصفح والعفو؟ 2- هل صحيح أن غير المسلم غير مؤاخَذ على سبه للنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن البعض يقول إنه كافر أصلي أساسًا، ودينه هو تكذيب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أم أنه ليس هناك أي فروق في الحقيقة بين المسلم والكافر الأصلي في ذلك؟

الرد على مَن يزعم لزوم العفو ومسامحة مَن يَسُبُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن هذه سنته فيمَن سَبَّه!
الأربعاء ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٢١:٥٧ م
559

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛    

1- فإنما عفا النبي -صلى الله عليه وسلم- عمَن أساء إليه إذا أسلم، أما مَن كان يؤذيه وظلَّ على كفره؛ فقد أمر -صلى الله عليه وسلم- بقتله، كما أمر بقتل عقبة بن أبي معيط، وكعب بن الأشرف.

وأمر بقتل عدة أنفس لما دخل مكة فاتحًا، فعن مصعب بن سعد عن أبيه -رضي الله عنه- قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ، إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ: (اقْتُلُوهُمْ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ)، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ، فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا. فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِي مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا الْإِخْلَاصُ، لَا يُنَجِّينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا، إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، فَجَاءَ فَأَسْلَمَ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ، فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: (أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ) فَقَالُوا: وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، هَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: (إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ) (رواه النسائي، وصححه الألباني).

وعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا، وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَئِنْ كَانَ لَنَا يَوْمٌ مِثْلُ هَذَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَمِنَ الْأَسْوَدُ وَالْأَبْيَضُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا، نَاسًا سَمَّاهُمْ" (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).

وممَن استثناهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِن الأمان وأمر بقتلهم وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة: (عكرمة بن أبي جهل - عبد الله بن سعد بن أبي السرح -  مقيس بن صبابة - عبد الله بن خطل - الحويرث بن نقيذ - هبار بن الأسود - هند بنت عتبة - سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب - قينتان لابن خطل وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) (انظر: السيرة البنوية لابن هشام).

2- كلام باطل أن الكافر الأصلي -أو غيره- لا يُؤاخَذ على سبه واستهزائه بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ولو كان أصل دينه تكذيب الرسول؛ فالجهر بالسبِّ والاستهزاء كفرٌ زائدٌ، وضررٌ متعدٍّ؛ جزاؤه شرعًا نقض العهد والذمة والأمان.  

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com