الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

هذا ما حدث معي بحق في غرفة أشعة الرنين

إن كان هذا أمري الآن ... فكيف بيوم العرض الأكبر أمام رب العالمين؟؟

هذا ما حدث معي بحق في غرفة أشعة الرنين
فتحي مصطفى
الخميس ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٢١:١٨ م
1048

هذا ما حدث معي بحق في غرفة أشعة الرنين*

كتبه/ فتحي مصطفى

‏جهاز الرنين المغناطيسي المغلق تجربة حياتية لن تخرج بعدها كما دخلت .. قلباً وشعوراً :

 

٤٠ دقيقة وأنت مستلقٍ على ظهرك ، مكان مظلم ضيق بارد ... لا يتحرك منك أي شيء ، صمت لا يقطعه إلا ضجيج الآلات ...

لا تفتأ حينها تستحضر فكرة المآل الأخير ، وتستشعر شيئاً من تفاصيله ...

كنت أعاني من آلام مفصل الحوض وطلب مني عمل اشعه بالرنين، وقام الشيخ الحبيب /محمد عبدالله حسب حفظه الله ورعاه وشفاه بالحجز لي وكنت أظن الأمر سهلاً لا يستحق التهويل والمبالغة ،

فاستلقيت على ظهري وطلب مني عدم الحركة تماما.

فدخلت

... ولم يمض من الوقت إلا شيء يسير أظنه ١٠ دقائق ، إلا وأنا بوحشة شديدة تجتاحني ما شعرت بها في عمري كله ،

نفد صبري ، وضاقت نفسي التي بين جنبيّ وأنا أواجهها ، أفكر في عملي وما قدّمت لحياتي.

=   فعزمت أن أقرأ ما يتيسر لي من محفوظي وأُهدئ روعي بالقرآن ، وأنا مستلقٍ لا أسمع ولا أرى أي شيء

فبدأت مستعيناً باللّه بالفاتحة ثم البقرة ،

وصلت لمنتصف الجزء الثاني ، وإذا بحفظي يتهاوى ويتداخل ، وأُنسيت الآيات ...

حيلتي عاجزة ... لا مصحف أعود إليه ولا سبيل لمراجعة محفوظي أبداً !

=‏ اعتراني خوف شديد لا يعلم به إلا اللّه

وما استشعرت حينها شيئاً كلحظة الموت ومآلي إلى القبر ، وتخيلت نسياني لمحفوظي هناك ...

حفرة ضيقة أكثر ، بقائي فيها مضاعف دهراً طويلاً إلى أن يشاء اللّه ... لا أنيس لي فيها ولا سعة إلا بعملي ... ولا عودة لتصحيح ما مضى !

=‏ أخذت أتأمل :

إن كان هذا أمري الآن ... فكيف بيوم العرض الأكبر أمام رب العالمين؟؟

كيف لي أن أقف في مصافّ الحفاظ ، يقرؤون ويرتلون ويرتقون في مراتب الجنة ... بينما أنا غافلٌ لاهٍ قد وهبني اللّه القرآن ثم فرّطت فيه في حياتي أيما تفريط وأهملت

 معاهدته وتفلّت ؟؟

يا حسرة تساوي العمر أجمع !

=‏ خرجت من هناك وركبت سيارتي عجلاً أبحث عن المصحف ، احتضنته وأنا أدافع العبرات ... وأتحسس ملمسه ككنز ثمين فقدته طويلاً

 

استشعرت حينها أن مرضي ، والتشخيص ، والفحوصات ، والأشعة ... كلها ما كانت إلا لأعيش تلك اللحظة.

أيقنت أنها البداية الحقيقية ... وأن عمري محسوبٌ بما بعدها.

وصية ودّ لو تصل ويُسمعها الناس :

 

العمر فرصة لا ضمان لبقائها ... تزوّدوا من العمل ، ثبّتوا محفوظكم ، أتقنوا القرآن واجمعوه في صدوركم قبل أن ترفع المصاحف أو تخرج الروح ... ولا ينفع حينها ندم.

 

اللهم قلباً حياً ، وخاتمةً حسنة ، وعملاً صالحاً ترضاه ...

____________

* كتبه على حسابه الشخصي على موقع فيسبوك بتاريخ 20 من سبتمبر 2020

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة