الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مصر والشام وعز الإسلام (8) شمس الإسلام تشرق على مصر

مصر والشام وعز الإسلام (8) شمس الإسلام تشرق على مصر
أحمد حرفوش
السبت ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٠ - ١٠:١٥ ص
480

مصر والشام وعز الإسلام (8) شمس الإسلام تشرق على مصر

كتبه/ أحمد حرفوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد سافر عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إلى مصر في الجاهلية للتجارة، فوقف على معالمها وعلى أوضاعها الداخلية، وبخاصة النزاع الديني بين البيزنطيين الحاكمين وبين الشعب المصري الذي يخالفهم في المذهب، وظن أن المصريين سوف يمتنعون عن مساعدة الحاميات العسكرية البيزنطية المنتشرة في مصر إذا هاجمها المسلمون، ومما زاده اقتناعًا بذلك ما تناهى إلى أسماع المصريين عن سياسة المسلمين المتسامحة في الشام.

وقد اجتمع عمرو بن العاص بعمر بن الخطَاب -رضي الله عنه- في الجابية حين جاء إلى الشام ليتفقد أحوالها بعد طاعون عمواس، وعرض عليه فتح مصر، وطلب منه السماح بالمسير إليها؛ خاصة أن مصر تمثِّل امتدادًا طبيعيًّا للشام التي فتح المسلمون أغلبها، وقد انسحب إليها الأرطبون صاحب بيت المقدس لإعادة تنظيم صفوفه واسترجاع الشام مرة أخرى، لكن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يتخوف من مُتابعة الزحف قبل أن يرسِّخ المسلمون أقدامهم في المناطق التي فتحوها في العراق والشام، خاصة بعد عام الرمادة وطاعون عمواس حيث قضى على عشرات الألوف من الجوع والوباء، لكن أمير المؤمنين وبعد مشورة الصحابة -رضوان الله عليهم- اقتنع بفكرة عمرو بن العاص بِضرورة الزحف من الشام إلى مصر.

وأرسل معه جيشًا قوامه أربعة آلاف جندي تقريبًا، وطلب منه أن يجعل ذلك سرًّا، وأن يسير بجنده سيرًا هينًا؛ فسار عمرو بن العاص إلى مصر مُخترقًا صحراء سيناء ومُتخذًا الطريق الساحلي، ومع ذلك بقي عمر بن الخطاب مترددًا، ويبدو أنه عدل عن موقفه فأرسل كتابًا إلى عمرو بن العاص وهو برفح فلم يستلمه ويقرأه إلا بعد أن دخل حدود مصر، وفي الكتاب: "من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، أما بعد: فإنك سرت إلى مصر ومَن معك، وبها جموع الروم، وإنما معك نفر يسير، فإن لم تكن بلغت مصر فارجع"، فقال عمرو: الحمد لله، أية أرض هذه؟ قالوا: من مصر، فتقدم كما هو".

فتح العريش:

وصل الجيش الإسلامي إلى العريش في عيد الأضحى سنة (18هـ - 639م)؛ فوجدها خالية من قوات الروم فدخلها، وشجَّع ذلك الأمر عمرو بن العاص على استئناف التقدم، فغادر العريش حتى وصل إلى الفرما، وهي مدينة تبعد عن بورسعيد ثلاثين كيلومتر، وكانت أنباء زحف المسلمين قد وصلت إلى مسامع المقوقس فاستعد للتصدي لهم، ولكنه آثر ألا يصطدم بهم في العريش أو الفرما، وتحصن وراء حصن بابليون -مكانه الآن حيَّ مصر القديمة-، فضرب عمرو الحصار على الفرما، وتحصنت حاميتها وراء الأسوار، وجرت مناوشات بين الطرفين استمرت مدة شهر ثم فتحها المسلمون في أول سنة (19هـ - 640م).

 كان أهلُ الفرما عربًا مسيحيين من موالي الروم، وكانوا يؤدون الأموال إلى المقوقس، وقد رحَّبوا بالمسلمين من واقع صلة الرحم، كما أن المصريين من أبناء المدينة ساعدوا عمرو بن العاص ضد الروم، أما بطريرك الإسكندرية فور علمه بقُدوم عمرو بن العاص على رأس الجند المسلمين إلى مصر، كتب إلى أهل مصر يُبشرهم بِقُرب زوال مُلك الروم، وانتهاء حُكمهم في مصر، وطلب من المصريين مُساعدة المُسلمين وقائدهم، كما قيل: إنه وجَّه رسالة إلى جميع الأساقفة يطلب إليهم أن يُناصروا الفاتحين الجُدد.

فتح بِلبيس:

تابع عمرو بن العاص السير بعد فتح الفرما، وسار حتى وصل مدينة بلبيس، وقد اختار هذا الطريق لخلوه من المستنقعات، ولم يلقَ في طريقه الطويل هذا مقاومةٌ تُذكر، وعند وصوله وَجَدَ الروم قد تحصَّنوا فيها بقيادة الأرطبون لا يريدون غير الحرب، فضرب عمرو الحصار على المدينة، وقاتل حاميتها الرومية مدة شهر تقريبًا؛ فقُتل من جيش الروم نحو ألف جُنديّ، وتم أسر ثلاثة آلاف وفر الباقون، كما قتل من الجيش المسلم  بعض الجند ودخل المسلمون المدينة.

ونكمل في المقال القادم -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة