الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفساد (76) سلبيات أبرزتها أزمة كورونا (4) إسراف للأثرياء يتنافى مع رفع البلاء (1-2)

فالابتلاء بمثابة إنذار للناس ليراجعوا أنفسهم، ويراجعوا علاقتهم بربهم، ويظهروا عبوديتهم وتضرعهم إليه

الفساد (76) سلبيات أبرزتها أزمة كورونا (4) إسراف للأثرياء يتنافى مع رفع البلاء (1-2)
علاء بكر
الاثنين ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٠ - ١٣:٢٤ م
562

الفساد (76) سلبيات أبرزتها أزمة كورونا (4) إسراف للأثرياء يتنافى مع رفع البلاء (1-2)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن من سنة الله -تعالى- في خلقه أن يبتليهم ببعض الابتلاءات من وقتٍ لآخر؛ ليختبر إيمانهم به وصدق توكلهم عليه، وقوة صبرهم وتحملهم، وليرى تمسكهم بأحكام دينهم وثباتهم عليها، ومدى إحسان بعضهم إلى بعض في السراء والضراء، قال -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31)، وقال -تعالى-: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء:35).

فالابتلاء بمثابة إنذار للناس ليراجعوا أنفسهم، ويراجعوا علاقتهم بربهم، ويظهروا عبوديتهم وتضرعهم إليه، وليقووا علاقة بعضهم ببعض، أي: يرتبوا أولوياتهم مِن جديد، قال -تعالى-: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الأعراف:168)، وقال -تعالى-: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41)، وقال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) (الأعراف:94).

وقد جاءت أزمة الحمة التاجية الحالية -أو أزمة فيروس كورونا المستجد- لتكون ابتلاءً عامًّا لم تعرف البشرية مثله من قريب؛ أصاب الحياة على وجه الأرض بشلل عطَّل حركة حياة نصف البشر تقريبًا، فتوقفت معظم الأنشطة المختلفة عن العمل لشهور، وأصاب المرض أكثر من 15 مليون شخص ليجبرهم على الاعتزال التام للحياة لحين الشفاء التام، وأودى بحياة نحو مليون آخرين في شتى بقاع العالم، وتسبب في خسائر مالية فادحة غير مسبوقة أضرت بالاقتصاد العالمي بشكل مفاجئ وسريع، وعصف باقتصاديات دول كثيرة، وأطاح بنموها الاقتصادي، مهددًا الكثير منها بالانهيار وسقوط أنظمتها الحاكمة.

ورغم جهود السياسيين واجتهادات الاقتصاديين وأطروحات المنظمات الدولية ومعوناتها، فما زالت الأزمة في شدتها، ورغم الجهود العلمية الحثيثة للدول المتقدمة علميًّا لتصنيع لقاح أو مصل فعَّال ضد الفيروس المستجد فما زالت الصورة غير واضحة في القدرة على التصدي الناجع للمرض والسيطرة عليه، باستثناء استخدام بلازما المتعافين من المرض على نتائجه المبدئية. ولا شك أن هناك علاجًا فعالًا قادمًا -إن شاء الله-، فلكل داء دواء كما أخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.

معاني لغوية وطبية:

كلمة (فيروس) في اللغة العربية تعني: (الحُمَة) بميم مفتوحة غير مشددة. وكلمة (كورونا) تعني: التاجي، نسبة إلى التاج، حيث إن فيروس كورونا المستجد يبدو من خارجه على شكل تاج. ففيروس كورونا ترجمته بالعربية (الحمة التاجية). أما مصطلح (كوفيد 19) فهو مِن مقطعين: مقطع (كو) مأخوذ من التاج، ومقطع (فيد) مأخوذ من الفيروس، ورقم 19 يشير إلى عام 2019م، الذي ظهر فيه المرض واكتشف فيه هذا الفيروس المستجد، وذلك في مقاطعة (يوهان) بالصين قبل انتشاره في جميع أنحاء العالم.

وعلم الفيروسات أو: (الفيرولوجي) هو مبحث الحُمَات، بفتح الميم، أي: دراسة الفيروسات. وقد تم إثبات وجود الفيروسات في عام 1892م على يد عالم النبات الروسي د. إيفانوفسكي، الذي وَجَد أن العامل المسبب لمرض فسيفساء التبغ قد ينتقل عبر فلتر الصيني الذي لا يسمح بنفوذ البكتيريا. وكان لظهور المجهر الإلكتروني في أربعينيات القرن العشرين دور في المساعدة على رؤية الفيروسات.

والفيروس: حزمة كيميائية معدية، وتختلف الفيروسات في حجمها من 10 إلى 300 نانومتر، وتحتوي فقط على المواد الوراثية في شكل الحمض النووي (دي إن إيه) أو الحمض النووي الريبي (آر إن إيه).

والفيروسات غير قادرة على العيش المستقل؛ فهي لا تتكاثر إلا عندما تدخل خلية أخرى، مثل: البكتيريا أو الخلية الحيوانية؛ لأنها تفتقر إلى وظائف إصدار الطاقة وتركيب البروتينات، وعندما تدخل الفيروسات الخلية فإنها تخرب استقلاب المضيف ليصبح التكاثر الفيروسي محبذًا لديه.

وضبط الفيروسات عسير؛ لأنه يتطلب اتخاذ إجراءات صارمة للقضاء عليها، ومع ذلك فإن جسم الحيوان استطاع تطوير بعض إجراءات الحماية، مثل: إنتاج الإنترفيرون (مثبط لنمو الفيروسات) والأجسام المضادة الموجهة ضد فيروسات معينة. عندما يصبح عزل العامل المحدد ممكنًا فإنه يمكن تطوير اللقاحات اللازمة له، ولكن بعض الفيروسات تتغير بسرعة هائلة مما يجعل اللقاحات غير فعالة معها) (راجع: "دليل جسم الإنسان" تأليف: ريشارد ووكر، ترجمة: د. عدنان جرجس ط. مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ط أولى 2012 م: ص 185- 186).

والطاعون: داء وبائي سببه مكروب يصيب الفئران، وتنقله البراغيث إلى فئران أخرى وإلى الإنسان، وجمعه: طواعين (انظر المعجم الوجيز). وهذا هو تفسير الأطباء المعاصرين للطاعون (انظر المعجم الوسيط)، وراجع: (دليل جسم الإنسان، ص 166).

ويرى البعض أن الطاعون يرادف الوباء فجعلوه دالًّا على الموت العام كالوباء، فالطاعون يعني الموت بسبب الوباء، راجع:  (مختار الصحاح، ولسان العرب).

وفي الموسوعة البريطانية: (الطاعون: مصطلح كان يُطلق قديمًا على أي مرض واسع الانتشار مسببًا الموت الجماعي، لكنه الآن محصور في حمى معدية من نوع خاص تسببه البكتيريا العصوية التي ينقلها برغوث الفئران) (راجع رسالة: "منهج السنة النبوية في مواجهة الأوبئة"، هدية مجلة الأزهر عدد المحرم 1442 هجريا - أغسطس / سبتمبر2020م، ص 15 - 16). (والتحقيق: أن أصل الطاعون هو القروح الخارجة في الجسد، والوباء: عموم الأمراض، فسميت طاعونًا لشبهها بالهلاك بذلك، وإلا فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعون) (المصدر السابق، ص 16).

الجائحة: المصيبة تحل بالرجل في ماله فتجتاحه كله، ويقال سنة جائحة: جدبة، والجمع: جوائح (انظر المعجم الوجيز).

من حكم الابتلاء في القرآن الكريم:

(إن من حكمة تقدير البلاء: أن يعود المخلوق إلى خالقه، وأن يتضرع إلى ربه ومولاه، وأن يراجع نفسه وينظر فيما قدمته يداه من ذنوب وآثام، وسيئات واعتداءات. فالوباء امتحان للناس كي يرجعوا إلى خالقهم ويراجعوا أعمالهم، ولنتأمل قول الله -تعالى-: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41).

فقد يقدِّر الله -تعالى- بعض البلاء على الإنسان ليعود ويرجع ويتوب ويئوب، قال -تعالى-: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ . وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) (الزمر:53-55). إن الله -تعالى- يبتلي الناس بالسراء والضراء؛ لينظر -وهو أعلم- شكرهم وصبرهم، وإيمانهم وكفرهم، ورضاهم وجزعهم، واستسلامهم ورفضهم، فالمحن والبلايا تستخرج مكنون القوى وما عند العبد من طاقة، وتفتح للقلوب منافذ من الخير ما كان لها أن تظهر إلا تحت مطارق الشدائد وسندان المحن.

ومن أسرار البلاء كذلك: الالتجاء إلى الله وحده، حين تضطرب الأوتاد والأسناد كلها، وتتوارى الأوهام وهي شتى، ويخلو القلب إلى الله وحده، فلا يجد سندًا إلا سنده، ولا مخرج ولا فرج إلا من عنده -جلَّ وعلا-.

وتلك وربنا تربية للنفوس في زمن الشدائد لا يعقلها إلا مَن صبر ورجع إلى ربه، أولئك يبشرون بالجزاء الحسن والموعود الجميل في الدنيا قبل الآخرة، قال -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة: 155-157).

فاللائق بحال المؤمن مع ما يعايشه العالَم مِن وباء مخيف، وبلاء مرعب، وقلق مسيطر؛ الالتجاء إلى الله -تعالى- والتضرع إليه والفزع إليه في كشف الضراء، قال -سبحانه-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:42-43).

ولا يجدر بالمؤمن في حال الوباء والكرب أن يكون مثل حال مَن لا يؤمن بالآخرة، الذي أخبر عنه القرآن في قوله -تعالى-: (وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ . وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ . وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ . حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (المؤمنون:74-77) (راجع رسالة: "منهج السنة النبوية في مواجهة الأوبئة"، ص 8 -10).

منهج الإسلام في مواجهة الوباء:

كما أن سنة الله -تعالى- في خلقه أن يبتليهم بالأوبئة، فقد جاء الشرع بمنهج شامل متكامل يتضمن ما ينبغي أن يتحلى به المسلم من عقائد وعبادات وأحكام، وآداب وأخلاق في زمن الأوبئة والابتلاءات، ومنها:

1- التأدب مع الله -تعالى- عند البلاء من خلال الإكثار من الدعاء والتضرع وطلب تفريج الكرب وكشف الغمة، مع القنوت في الصلوات، قال -تعالى-: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) (الأنعام:63-64).

وقد كان من هديه -صلى الله عليه وسلم- القنوت في الصلوات الخمس المكتوبة عند حلول النوازل والشدائد من بلاء أو وباء أو قحط، قال النووي في صحيح مسلم (5/176): (الصحيح المشهور أنه إذا نزلت نازلة كعدو وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر في المسلمين، ونحو ذلك، قنتوا في جميع الصلوات المكتوبة)؛ هذا مع الاستكانة وصدق اللجوء إلي الله والتوكل عليه؛ اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام في أوقات الشدة والابتلاء.

وفي السُّنة الكثير من الأدعية التي ينبغي المداومة والحرص عليها، فمن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَسَيِّئِ الْأَسْقَامِ) (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني). وقوله -صلى الله عليه وسلم- في أذكار المساء: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) يكررها ثلاثًا. (رواه الترمذي، وصححه الألباني). وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو عند الكرب: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (متفق عليه).

 وقد ذمَّ القرآن الكريم مَن كان حاله على نقيض ذلك، وعدَّ ذلك من قسوة القلوب، قال -تعالى-: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:43).

2- التقرب إلى الله -تعالى- بالإكثار من العبادات؛ خاصة صلاة النوافل وقيام الليل والاجتهاد في قراءة القرآن وصيام التطوع وبذل الصدقات.

3- المشاركة في التكافل والتضامن مع أفراد المجتمع، وتقديم العون للمحتاجين، ففي حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المرفوع: (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ)، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ. (رواه مسلم). ولا شك أن هذا في الشدائد أوجب وأوكد.

4- التحلي بخُلُق الإيثار، والابتعاد عن الأثرة، ومِن أسوأ صور الأثرة والأنانية المسارعة في شراء السلع الأساسية والأدوية المهمة التي تساعد في علاج الوباء، والإكثار من تخزينها بدون حاجة ملحة مما يؤدي إلى رفع أسعارها، وحرمان الفقير من الحصول عليها إذا احتاج إليها، ففي الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- في مدح الأشعريين: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ) (رواه مسلم).

5- مواساة المصابين وأهل البلاء بالتألم لألمهم وإظهار التعاطف معهم، والمساهمة في التخفيف عنهم؛ فلا بد هنا من الإيجابية والتعاون في مواجهة التحديات، والمشاركة في تجاوز العقبات، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (متفق عليه).

6- تجنب الإسراف والتبذير "خاصة في الطعام والشراب وأنواع المباحات"؛ فضلًا عن الوقوع في تناول المحرمات من الأطعمة والأشربة، فكلها تجلب غضب الرب ونقمته، قال -تعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف:31)، وقال -تعالى-: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى) (طه:81).

وفي الحديث المرفوع: (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) (رواه الترمذي، وصحححه الألباني)، وهذا خُلُق بلا شك مطلوب في كل وقت، ولكن في الشدائد والمحن وأزمات الأمة، أوكد وأشد.

7- مراجعة أحوال النفس ومحاسبتها على أعمالها؛ فالمحن مدعاة لتذكر الآخرة والمبادرة إلى التوبة وكثرة الاستغفار، والكف عن المعاصي والمحرمات، ومن أقوال السلف في ذلك: "لا ينزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة".

8- اتباع التدابير والإرشادات الوقائية والأخذ بإجراءات السلامة لمواجهة الأوبئة ومنع انتشارها، طبقًا لما يرشد إليه أهل الاختصاص والمسئولين، فهذه من المواطن التي تنبغي فيها الطاعة لهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ) (متفق عليه)، وقد وردت في السُّنة النبوية الكثير من الأحاديث في الوقاية من الأمراض والأوبئة، ومنها:

أ- تجنب المخالطة اللصيقة لمَن تظهر عليه أعراض الوباء، وقد ذكر أهل الاختصاص أن الوباء ينتشر أكثر في أماكن التجمعات: كالأسواق، ووسائل المواصلات الجماعية، والمدارس والجامعات، وفي الحديث المرفوع: (لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ) (رواه البخاري).

ب- تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ" (رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن صحيح").

ج- تجنب البصق في أماكن جلوس أو مرور الناس، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا) (متفق عليه).

د- تجنب التنفس أو النفث في الشراب والطعام وأوانيهما، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ) (رواه البخاري).

هـ- تجنب الشرب من فم السقاء إذا كان هناك مَن يشارك المرء في هذا السقاء، فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الشرب من فم القربة أو السقاء. (رواه البخاري).

ومن أعظم ما جاءت به السنة النبوية وسبقت به الطب الوقائي الحديث بقرون طويلة ما جاء في:

أ- شأن الحجر الصحي: حيث جاءت السنة النبوية بمنع الناس على مستوى الجماعة من الدخول إلى البلدة المصابة بالطاعون -أو الوباء-، ومنع أهل البلدة من الخروج منها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ -أي: الطاعون- بِأَرْضٍ، فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ) (متفق عليه). وهذا أيسر وأقوي السبل لمنع انتشار الوباء في البلاد، كما ذهب إليه الطب الوقائي حديثًا.

وفي الحثِّ على القيام بذلك والصبر عليه قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ) (رواه البخاري). وفي الحديث المرفوع: (لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: (يَتَعَرَّضُ مِنَ البَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيق(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

كما جاءت السُّنة بعزل المريض بالوباء ومَن ظهرت عليه أعراضه عزلًا فرديًّا على المستوى الفردي، واعتزاله جماعيًّا:

ففي الحديث المرفوع: (وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ) (رواه البخاري)، وفي الحديث أنه كان في وفد لثقيف جاء لمبايعة النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل مجذوم فأرسل إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ) (رواه مسلم).

وقد مرَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بامرأة مجذومة، وهي تطوف بالبيت فقال لها: "أمة الله لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك"، فجلست في بيتها، فمر بها رجل بعد ذلك، فقال: "إن الذي نهاك قد مات فاخرجي، فقالت: والله ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتًا" (أخرجه مالك في الموطأ).

 ب- علاج المرضى ورعايتهم والعناية بشئونهم عن طريق الأطباء المدربين والتمريض المتخصص لحين التماثل للشفاء مع أخذ التدابير الوقائية: وقد رد في فضل ذلك أن النبي *صلى الله عليه وسلم- أذِن لعثمان بن عفان -رضي الله عنه- في التخلف عن غزوة بدر للعناية بزوجته وكانت مريضة اشتد بها المرض، وقال له: (إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَسَهْمَهُ) (رواه البخاري).

ج- الدعم المادي والنفسي للمرضى والمبتلين، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (متفق عليه). وفي الحديث المرفوع: (لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمَجْذُومِينَ) (رواه ابن ماجه، وقال الألباني: "حسن صحيح")، فلا يطيل المرء النظر إلى المجذوم أو يكرر النظر لمواضع مرضه كي لا يتسبب في إيذائه نفسيًّا بنظراته ومراعاة لمشاعره.

وهذا يبين وبوضوح كيف سبقت الشريعة الإسلامية -وعلى أرقى مستوى- ما توصل إليه الطب الوقائي الحديث، وهذه الإجراءات بالطبع ليست من باب تقييد حرية المريض، بل هي في الحقيقة تقييد لانتشار الوباء أو المرض، ولا شك أن في هذا الحجر وقت الوباء صيانة لحياة الناس وبقائهم.

9- تعهد عبادات القلب من صبر ويقين وتوكل على الله، مع الأخذ بالأسباب التي تحمي المرء من البلاء.

10- بث السكينة والطمأنينة بين الناس، والابتعاد عن إثارة الخوف والهلع فيهم، مع التثبت من صحة الأخبار قبل تداولها، وترك الترويج للشائعات والآراء المغلوطة، قال -تعالى-: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15)، وقال -تعالى-: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا . مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا . سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) (الأحزاب:60-62). وفي الحديث المرفوع: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).

ومِن نعم الله على عباده أن ينعم عليهم بالسكينة والطمأنينة وقت الشدائد، فهي مِن معية الله -تعالى- لعباده المؤمنين، وهي علامة على اليقين في الله -تعالى-، قال -تعالى-: (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (التوبة:26)، وفي الحديث المرفوع: (يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا) (متفق عليه).

11- الأخذ بالأسباب، ومنها: التداوي. والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، فالتوكل عمل القلب، والأخذ بالأسباب عمل الجوارح. وقد أمر الشرع بالأخذ بالأسباب قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) (النساء:71)، وقال -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) (الأنفال:60)، وأمر -تعالى- بالسعي للرزق قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك:15). وقال -تعالى-: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) (الجمعة:10)، ولم يرضَ النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته بالتواكل وترك الأخذ بالأسباب، فعندما قال -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ -رضي الله عنه-: (وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ، قَالَ: (لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا) (متفق عليه).

12- حسن التوكل على الله -تعالى- بتفويض الأمر كله لله -تعالى-، وهو من أجلِّ العبادات القلبية التي بتمامها يكتمل إيمان العبد. والتوكل على الله من وسطية الإسلام، فالتوكل وسط بين طرفين مذمومين، فهو بعد عن اللامبالاة والتواكل، وهو بعد عن الاعتقاد في الأسباب والاكتفاء بها، قال -تعالى-: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) (الأحزاب:3)، وقال -تعالى-: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران:173)، وقال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ . الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (العنكبوت:58-59).

ومِن ثمرات التوكل على الله حق توكله: جلب الرزق للعبد من الله -تعالى-، فإن الله -تعالى- لا يضيع عبدًا حقق التوكل عليه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني). كما أن التوكل الحق على الله حري بجبر الخلل في الأسباب ونيل العون والتأييد من الله -تعالى-، وهو أمر واضح في سير الأنبياء والمرسلين؛ فهذا موسى -عليه السلام- قد أدركه فرعون بجنوده فينجيه ربه من فرعون، قال -تعالى-: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء:61-62). وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غار ثور وحوله المشركون يتعقبونه، بل كادوا أن يصلوا إليه، يقول لأبي بكر -رضي الله عنه-: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة:40).

13- الرضا بقضاء الله -تعالى- وقَدَره، واحتساب أجر ذلك عند الله -تعالى- وحسن الظن به، وفي الحديث المرفوع: (مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) (رواه البخاري).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة