الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

القراءة الإيجابية للمحن والنوازل والابتلاءات

القراءة الإيجابية للمحن والنوازل والابتلاءات
سعيد السواح
الخميس ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٠ - ١٣:٥٩ م
496

القراءة الإيجابية للمحن والنوازل والابتلاءات

كتبه/ سعيد محمد السواح

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد..

إذا حلت بالإنسان نازلة أو كارثة أو مصيبة رأينا أثر ذلك على وجهه بعبوس في الوجه وأصابه ضيق شديد وأظلمت الدنيا في وجهه، نقول لهذا المبتلى انظر دوماً إلى الجانب المشرق في الابتلاءات والمحن ولا تنظر إلى الجانب المظلم، انظر إلى المنح والرحمات التي تحملها هذه الابتلاءات.

مالمنح التي نجدها مع الابتلاءات؟

تطهير للإنسان من الآثام والذنوب.

ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(مَايَزَال الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمؤمِنَةِ في نَفْسِهِ وَولَدِهِ ومَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّه تَعَالَى وَمَاعَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) الترمذي.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

(مَثَلُ المُؤْمِنِ كَالخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ،تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً،وتَعْدِلُهَا مَرَّةً،ومَثَلُ المُنَافِقِ كَالأرْزَةِ،لاتَزَالُ حتَّى يكونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً واحِدَةً)البخاري.

فالمؤمن بين ابتلاء وعافية ويعلم أن الابتلاء ينقيه من الذنوب والآثام ويرفعه في الدرجات لذا تراه صابراً محتسباً لا يجزع ولا يسخط.

إرادة الخير بة

لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(مَن يُرِدِاللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه) البخاري.

 

فالمصائب يُكفر بها من ذنوب المؤمن ومعاصيه.

(مايُصِيبُ المُسْلِمَ،مِن نَصَبٍ ولَاوصَبٍ،ولَاهَمٍّ ولَاحُزْنٍ ولَاأذًى ولَاغَمٍّ،حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا،إلَّاكَفَّرَاللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ)البخاري.

فمهما عظم عليه البلاء والأذى والأسقام والأمراض والمصائب والنوازل فإذا تذكر هذا الأجر لهانت عليه المصيبة ففيها تسلية للمسلم مما يعينه على الصبر والتحمل.

بيان لدرجاته الإيمانية.

فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:

(قلتُ يا رسولَ اللهِ أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً قالَ الأَنبياءُ ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ؛ يُبتلَى الرَّجلُ علَى حسَبِ دينِهِ، فإن كانَ في دينِهِ صلبًا اشتدّ َبلاؤُهُ، وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ ابتليَ علَى قدرِ دينِهِ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي علَى الأرضِ وما علَيهِ خطيئةٌ) الترمذي.

فالله تعالى إذا أحب عبداً ابتلاه ليغفر له ذنوبه حتى إذا لقي ربه لم يكن عليه خطيئة، وانظر إلى هذا البيان الشافي من النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه تسلية وتسرية لمن ابتلاه الله سواء في نفسه أو ماله أو ولده أو زوجه أو أحبابه وكلما شدد عليه البلاء كان دلالة على تمكن الإيمان في قلبه ورسوخه، فكل امرئ يبتلى على قدر دينه وليس معنى ذلك تمني البلاء بل سلوا الله العافية لكن تتعلم تقييمك لإيمانك بقدر ابتلاءاتك.

الابتلاء والطريق للوصول لمرتبة الصابرين.

قال الله تعالى.

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) البقرة/155-157.

 (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) آل عمران/186.

فالبشرى للصابرين على الابتلاءات والمصائب في دنياهم وأخراهم لعلمهم أن كل شيء بقدر وأن المرجع والمآل إلى رب العالمين ويكفي لهم ثناء الله عليهم ورحمته بهم، هؤلاء الذين هداهم الله إلى طاعته وإلى طريقه المستقيم.

إظهار وإحياء لمقامي الشكر والصبر

عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْه ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له) مسلم.

فالمؤمن يتنقل بين مقامين مقام الشكر إن ابتلي بسراء، مقام الصبر إن ابتلي بضراء.

إنك ستبتلى

 (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت/1-3.

 (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة/214.

 (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ) آل عمران/179.

استمع إلى قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

(مَا أُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحْتُ، عَلَى مَا أُحِبُّ أَوْ عَلَى مَا أَكْرَهُ، وَذَلِكَ لأَنِّي لا أَدْرِي الْخَيْـرَ فِي مَا أُحِبُّ أَوْ فِي مَا أَكْرَهُ)

فليكن شعارك الذي لا تفقده في أي لحظة من لحظات حياتك ولا تغفل عنه في السراء والضراء.

(رضيتُ باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دِينًا، وبمحمدٍ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ نبيًّا ورسولاً)

فمن رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً دخل الجنة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً