الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مصر والشام وعز الإسلام (12) عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في الحكم

اتخذ عثمان -رضي الله عن في دولته مجلسًا للشورى يتألف من كبار أصحاب رسول الله

مصر والشام وعز الإسلام (12) عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في الحكم
أحمد حرفوش
الأحد ٠٦ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٠:٤٥ ص
327

مصر والشام وعز الإسلام (12) عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في الحكم

كتبه/ أحمد حرفوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد تولَّى الخلافة أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه-، وكان حريصًا على الحفاظ على كيان الأمة، وألا يفرِّق شملها، واجتهد في الحفاظ على ما ورثه مِن الخليفتين: أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، وعندما بويع عثمان -رضي الله عنه- بالخلافة قام في الناس خطيبًا فأعلن عن منهجه السياسي، مبينًا أنه سيتقيد بالكتاب والسُّنة وسيرة الشيخين، كما أشار في خطبته إلى أنه سيسوس الناس بالحلم والحكمة؛ إلا فيما استوجبوه من الحدود، ثم حذرهم من الركون إلى الدنيا والتنافس عليها.

قواعد الدولة الإسلامية التي اعتمدها عثمان -رضي الله عنه-:

مبدأ الشورى:

اتخذ عثمان -رضي الله عن في دولته مجلسًا للشورى يتألف من كبار أصحاب رسول الله -صلى الله علَيه وسلم- من المهاجرين والأنصار، وقد طلب عثمان -رضي الله عنه- من العمال والقادة قائلًا: "أما بعد، فقوموا على ما فارقتم عليه عمر ولا تبدلوا، ومهما أُشكل عليكم فردوه إلينا نُجمع عليه الأمة ثم نرده عليكم"، فأخذ قادته بذلك، فكانوا إذا هموا بالغزو والتقدم في الفتوحات الإسلامية استأذنوه واستشاروه، فيقوم هو بدوره بجمع الصحابة واستشارتهم للإعداد والإقرار، والتنفيذ ووضع الخطط المناسبة لذلك.

العدل والمساواة:

كتب ذو النورين -رضي الله عنه- إلى الناس في الأمصار: "أن ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، ولا يذل المؤمن نفسه، فإني مع الضعيف على القوي ما دام مظلومًا -إن شاء الله-، فقد كانت سياسته تقوم على العدل بأسمى صورة؛ فقد أقام الحد على والي الكوفة الوليد بن عقبة (وهو أخوه لأمه) عندما شهد عليه الشهود بأنه شرب الخمر.

معركة ذات الصوارى والتعاون العسكري بين مصر والشام (34هـ -655م):

كانت بين المسلمين في الشام بقيادة معاوية ابن أبي سفيان وإمبراطور الروم "قسطنطين بن هرقل"، وكان أسطول الروم يتكون من خمسمائة قطعة بحرية تقريبًا، ولم يكن لدى المسلمين في الشام أسطول بحري لمواجهة أسطول الروم، وفي هذه المعركة انطلق عبد الله بن سعد بن أبي السرح أمير مصر لمساندة أهل الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان، وكان الأسطول المصري مائتي قطعة بحرية تقريبًا يضم مع الجنود المسلمين جنودًا معاونين لهم من أقباط مصر، وظهرت السفن بسارياتها العالية الكثيرة؛ ولذلك سميت هذه المعركة "ذات الصواري"، أو: على اسم المكان الذي كان فيه المعركة.

وقد بدأ القتال في هذه المعركة بين الأسطولين بالتراشق بالسهام والحجارة عندما كانت المسافة بينهما في مرمى السهام، وبعد أن نفدت الحجارة قام المسلمون بربط سفنهم بعضها ببعض، وقذفوا خطاطيف في البحر جذبوا بها سفن الروم إليهم، ثم اتخذوا من ظهور السفن جميعًا ميادين للقتال كالحروب البرية التي يجيدها المسلمون، واشتد الصراع وكُثر عدد القتلى من الفريقين، ولكن لشجاعة المسلمين وبسالتهم في القتال تمكنوا من إحراز النصر؛ بالرغم مِن تفوق عدد الروم وسفنهم، وكان لهذا التعاون بين مصر والشام أكبر الأثر في إحراز هذا النصر.

لقد كانت الدولة الإسلامية في عهد أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه- في أزهى صورها، لكن أَطَلَّت فتنة عمياء أدَّت إلى مقتله -رضي الله عنه-.

ونكمل في المقال القادم -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة