الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وانتصر المنهج

الحق يعلو ولا يعلى عليه، فالباطل لا يعلو على الحق أبدًا

وانتصر المنهج
سعيد السواح
السبت ١٩ ديسمبر ٢٠٢٠ - ١٤:٤٩ م
482

وانتصر المنهج

كتبه/ سعيد السواح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن الثبات على المنهج حتى الممات؛ لهو انتصار للمنهج وإن قل الأتباع، فغاية الذين كفروا إبعادك عن المنهج والانحراف عنه، فإن أثنوك عن منهج ربك فقد انتصروا، وإن استمسكت بالمنهج حتى الممات ولقاء الحق -سبحانه-؛ فقد انتصر المنهج؛ حتى لو قتلوك وسجنوك، وضربوك ونفوك؛ لأنهم لم يستطيعوا إبعادك عن المنهج، رغم ما معهم من قوةٍ ماديةٍ!

فغلام الأخدود انتصر للمنهج على الرغم من أنهم قتلوه، وقتلوا مَن آمن معه مشن الناس، ولكنه انتصر، وانتصر الأتباع للمنهج بثباتهم على الحق وعدم التفريط فيه حتى خرجت هذه الأرواح الطاهرة الزكية إلى بارئها، وهي مؤمنة لم تفرِّط في توحيدها.

فلتعلم علم اليقين:

أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فالباطل لا يعلو على الحق أبدًا، وإن كان أهل الباطل يعلون في وقتٍ ما على أهل الحق، وهذا كنتيجة لخذلان أهل الحق في نصرتهم للحق الذي معهم، وهذا لا يتم ولا يدوم متى رجع أهل الحق للحق الذي هم عليه، ونصروه بكل ما يملكون مِن أموالٍ وأنفسٍ.

- (كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:21).

- (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (الإسراء:81).

- (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء:18).

- (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ) (الشورى:16).

تساؤلات:

- هل يستطيع رجل واحد أن يُصلح أمة من الناس حادوا عن الطريق وانحرفوا عن صراط ربهم المستقيم؟

- وماذا سيصنع هذا الرجل مع هذا الكم الهائل من الفساد الذي قد أحاط بنا من كل جانب؟

نقول لك:

لا نحتاج إلى النظرة التشاؤمية ولا نحتاج إلى النفسية الانهزامية، فنفسية المؤمن نفسية تفاؤلية، نفسية مستعلية: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139).

في بداية الكلام والحوار أروي لك رواية عن عائشة -رضي الله عنها-: أنَّ رجلاً مِنْ أصْحابِ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جلسَ بينَ يديْهِ، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ يَكْذِبُونَنِي وَيَخُونُونَنِي وَيَعْصُونَنِي، وَأَضْرِبُهُمْ وَأَسُبُّهُمْ، فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَيُكَذِّبُونَكَ وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ دُونَ ذُنُوبِهِمْ كَانَ فَضْلًا لَكَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ كَانَ كَفَافًا، لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمْ، اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الْفَضْلُ الَّذِي بَقِيَ قِبَلَكَ) فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَبْكِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَهْتِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا لَهُ؟ مَا يَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء:47)، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَجِدُ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ فِرَاقِ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي عَبِيدَهُ- إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ كُلُّهُمْ. (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

انظر كيف أرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لو نظر وتأمل في كتاب ربه لرأى إجابة ما يسأل عنه؛ لنتعلم مِن ذلك: ألا نفرِّط في كتاب ربنا العلي العظيم، فكل ما نحتاج إليه كإجابات على أسئلتنا وكتشخيص لواقعنا، وحل لمشكلاتنا؛ نجده في كتاب الله -تعالى-، ونجد الإجابة الشافية الكافية جلية واضحة في كتاب ربنا.

إجابة التساؤلات:

- نقول: وهل رُسل الله إلى قومهم ما هم إلا رجال أُرسلوا فرادى إلى قومهم: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل:36).

- (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْـرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) (الأعراف:65).

- (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (الأعراف:73).

- (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (الأعراف:85).

فهل كان هود  أو صالح أو شعيب -عليهم السلام- إلا أفرادًا فرادى أُرسلوا إلى قومهم في دعوة للإصلاح ومحاربة الفساد والقضاء عليه؟

وانظر إلى ثمود قوم صالح -عليه السلام- ماذا قالوا له في مقابلة دعواه لهم لعبادة الله الواحد وترك ما هم عليه من فساد؟! (فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ . أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ . سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ) (القمر:24-26).

نموذج لرجل واجه قومه بمفرده:

إبراهيم -عليه السلام- الذي قال الله عنه آمرًا إيانا أن نتبع نهجه ومنهجه: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ . ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) (النحل:120-123).

- إبراهيم -عليه السلام- كان إمامًا في الخير، ولكنه معه مقومات المواجهة: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (الأنبياء:73).

- (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيـْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (الأنبياء:90).

- إبراهيم -عليه السلام- في مواجهة أبيه وقومه وعبادتهم للأصنام، وكيف صدع بالحق لا يخاف في الله لومة لائم: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الأنعام:74).

- وكيف ناقشهم ابراهيم -عليه السلام- بالمنطق العقلي المنضبط؟

وكيف استدرجهم إلى ما أراد بالحجة والبيان؛ ليبين لهم عوار هذه الآلهة التي اتخذوها من دون الله: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ . فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام:75-79).

- إبراهيم -عليه السلام- تدرج معهم وبيَّن أنه لا يصلح أن يغيب الرب عن الكون وعن العباد، فإن غاب واختفى فلا يصلح أن يكون ربًّا، كيف يتـرك الكون يتحرك بنفسه؟! وكيف يتخلى عن خلقه؟ فأسقط بذلك آلهتهم، ثم وجَّه لهم الخطاب بعبادة مَن خلق السماوات والأرض، فبدأ بنفسه ببـراءته من هذه الكواكب التي عبدونها من دون الله، ثم بيَّن أن الوجهة الصحيحة لخالق السماوات والأرض لا لغيره.

جلد أهل الباطل:

أهل الباطل لا يسلمون للحق وإن كان ساطعًا، ولكنهم يجادلون بباطلهم لمحاولة إخفاء الحق وإبطاله، وكذلك يستخدمون سياسة الترويع والتخويف وبث الرعب في النفوس، ولكنها سياسة لا تنفع مع من آمن بربه وأقبل على عبادته، فكانت هذه المواجهة؟! (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ . وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:80-82).

سياسة أهل الباطل (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ):

دعوة إبراهيم -عليه السلام- وتعريف المشركين بربهم، وأنه متفرد بصفات لا يجدونها في آلهتهم التي عبدوها لتكون مقارنة حية يحيي بها النفوس، ويجلي لهم الحقائق في تعريفهم (هذا ربي الذي أعبده): (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ . إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ . قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ . قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ . أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ . قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) (الشعراء:69-74).

- إبراهيم -عليه السلام- طرح عليهم أسئلة ليبين لهم سفاهة عقولهم وسفاهة ما يعبدون من دون الله، فقال لهم: هل يسمعونكم إذا أنتم دعوتموهم؟

فكانت الإجابة الضمنية: لا.

فكان السؤال الثاني: هل يملكون لكم ضرًّا أو نفعًا؟

قالوا: لا.

فلماذا إذًا تعبدونها من دون الله؟!

فكانت الإجابة: إنه ميـراث الآباء.

فصدع إبراهيم -عليه السلام- بالحق متحديًا إياهم وما يعبدون من دون الله، وفي المقابل: واصفًا لهم ربهم الذي يستحق أن يُعبد، ولا يُشرك به شيئًا: (قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ . أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ . فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ . الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ . وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ . وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ . وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ . وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (الشعراء:75-82).

- عبودية إبراهيم عليه السلام لربه: (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ . وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ . وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ . وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ . وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ . يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:83-89).

قائل يقول: هؤلاء أنبياء ورسل فأين نحن منهم؟!

- نقول لك كما اتفقنا عُد إلى كتاب ربك تجد الإجابة: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ) (الأنعام:90)، (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) (النساء:125).

المطلوب بصراحة ووضوح:

أن يكون لك دور تؤديه، ولا تعيش عالة ومتطفلًا على حساب مكاسب الآخرين، مكاسب ما كان لك فيها مشاركة ولا نصيب، لا تعيش متطفلًا على الحياة أو على هامش الحياة، ولا تعيش تائهًا تافهًا في الحياة، تقتطف من ثمار جهد الآخرين.

اختر لنفسك دورًا تؤديه ولا تنقطع عنه إلا بالرحيل ومفارقة الدنيا: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ . الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ . وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:94-99).

كن من أهل هذه الآية:

اجتهد وابذل أن تكون مِن أهل هذه الآية، واعلم أن المعونة من السماء تنـزل بقدر المؤنة، وكذا الصبر ينزل على قدر المصيبة، فبقدر همة العبد ونيته يعطيه الله -تعالى-: (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب:23)، فكن متهيأ أن تكون ملبيًّا إذا نادى المنادي: (الرحيل الرحيل)، فقد أزفت الآزفة، فإنه لن ينتظر!

همسة أخيرة في أذنك: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139).

أظن أن الرسالة قد وصلت!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً