الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الأحزاب الديمقراطية المسيحية

فكرة \"المملكة المسيحية الموحدة\" متجذرة في الثقافة الغربية

الأحزاب الديمقراطية المسيحية
طلعت مرزوق
السبت ١٣ مارس ٢٠٢١ - ١٠:٤٩ ص
269

الأحزاب الديمقراطية المسيحية

كتبه/ طلعت مرزوق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

للدين دور رئيسي في تاريخ وحياة الدول والشعوب المسيحية، ويبدو ذلك في دساتيرها، وبعض أناشيدها الوطنية، التي تتضمن كلمات ومصطلحات دينية: كنشيد الإيطاليين، إيل كانتو ديلي إيتالياني IL CANTO DEGLI ITALIANI، ونشيد اليونان وقبرص، وغيرهم.

كما أن أعلام بعضها تحمل رموزًا وإشارات دينية أيضًا: كالصليب.

و        .

والشعار الرسمي الخاص بولاية فلوريدا، والمطبوع على علمها: IN GOD WE TRUST، وفي عام 1956 تم اختيار هذا الشعار كشعار رسمي للولايات المتحدة الأمريكية، وهو مطبوع على الدولار الأمريكي، وقد رفضت المحكمة الأمريكية العليا النظر في قضية حذف هذا الشعار مِن الدولار.

وختم ولاية كولورادو "لا شيء مِن دون العناية الإلهية".

كما أن عهد الولاء للحصول على الجنسية الأمريكية THE PLEDGE OF ALLEGIANCE يتضمن القَسَم على عبارة: "أمة واحدة في رعاية الله، لا تقبل التجزئة".

وفي بريطانيا تأخذ صيغة إقرار القوانين النص التالي: "نحن جلالة الملكة، بناءً على مشورة وموافقة رؤساء الأساقفة، وأعضاء مجلس اللوردات، وأعضاء مجلس العموم في هذا البرلمان المنعقد، واستنادًا إلى سلطاتهم، نقر القانون الآتي نصه".

Be it enacted by the Queen\'s most Excellent Majesty، by and with the advice and consent of the Lords Spiritual and Temporal، and Commons، in this present Parliament assembled، and by the authority of the same، as follows\'.

https: //erskinemay. parliament. uk/section/4978/enacting-formula/

Royal Assent Act 1967

https: //www. legislationline. org/documents/action/popup/id/7236Prison Security Act 1992

وقد نشأت الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا؛ للدفاع عن القِيَم الكاثوليكية ضد النفوذ المتزايد للدولة العلمانية، وتدخلها في نشاطين أساسيين للكنيسة هما: التعليم والأسرة.

فالديمقراطية المسيحية أيديولوجية سياسية تهدف لتطبيق القِيَم المسيحية في السياسة العامة، ولكنها في نظر البعض تطورت حتى لم تعد أحزابًا دينية بالمفهوم العربي.

وعندما ظهرت الأحزاب الديمقراطية المسيحية بعد الحرب العالمية الثانية، كان الفاتيكان ينظر إليها نظرة ارتياب؛ على إعتبار أن المشاركة في الانتخابات والمساومات البرلمانية تُشكِّل ميلًا إلى الحداثة، لكن المفكرين الكاثوليك اتفقوا على حتمية هذا المسار في العالم الحديث.

وكان الفاتيكان قبل ظهور الحزب الشعبي الإيطالي عام 1919 بزعامة ليوجي ستورزو يفرض حظرًا على الكاثوليك الإيطاليين مِن المشاركة في الحياة السياسية لإيطاليا الموحدة لمدة تقرب مِن الستين عامًّا، ثم رفع هذا الحظر بعد ذلك. وقد شكَّلت الأحزاب ذات التوجه الديمقراطي المسيحي الأغلبية في البرلمان الأوروبي منذ عام 1999.

وعندما سألتُ رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي بالنرويج أثناء زيارتي لأوسلو في نوفمبر عام 2012 عن الفارق بين حزبه وحزب المحافظين من حيث العلاقة بالدين، قال لي: "إن حزبي مرتبط أكثر بالكنيسة البروتستانتية، وقائم على قِيَم العائلة، ويهتم بالتقاليد".

وتتبنى الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا، وأحزاب المحافظين، في برامجها وسياستها قضايا دينية مسيحية، ومنها على سبيل المثال:

- إلغاء عقوبة الإعدام.

- رفض الإجهاض.

- المحافظة على التقاليد والقيم المسيحية.

- رفض زواج الشواذ "المثليين".

- تقييد الخمور.

- رفض الهندسة الوراثية في الجينات البشرية.

ومما لا شك فيه أن طبيعة المسيحية تختلف عن الدين الاسلامي من حيث كونها عقيدة بلا شريعة شاملة "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، فالفصل بين الدِّين والسياسة عندهم يتفق وطبيعة دينهم.

أما الذين ينادون بذلك ممَّن ينتسبون للإسلام، فيمكن تقسيمهم لفريقين:

- فريق يجهل طبيعة الإسلام كدين، وقد يكون حسن النية.

- وفريق معادي له -باطنًا لا ظاهرًا- يتستر بهذه الدعاوى الباطلة.

والإسلام دين الله الحق الذى دعا إليه جميع الأنبياء والمرسلين، مِن آدم -عليه السلام- إلى محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، لا يُقبل مِن أحدٍ سواه، (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) (آل عمران:19)، (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85).

وهو دينٌ كامل شامل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة:3)، (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162).

وما سوى دين الإسلام؛ إما شرائع منسوخة: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) (الأنعام:48)، وإما أديان باطلة، (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون:6).

إن دعوى فصل الإسلام عن السياسة في الأساس هدف استعماري، وثمرة مِن ثمرات التغريب الفكري للمسلمين، رغم أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية "الثيوقراطية" في المفهوم الغربي.

وقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ)، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى قَالَ: (فَمَنْ) (متفق عليه).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً