الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مجتمع متعاون

مجتمع متعاون
الأحد ٠٥ فبراير ٢٠٢٣ - ١٩:٣٨ م
45

 

مجتمع متعاون

كتبه/ عبد العزيز خير الدين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فالتعاون سلوك حضاري وإنساني، أكَّد عليه الإسلام ورغَّب فيه؛ فبه تنتشر المحبة والألفة والمودة، والترابط في المجتمع، وبناء الشعوب ونهضة الدول.

فالطبيب يحتاج إلى العامل، والعامل يحتاج إلى المهندس، والمهندس يحتاج إلى السباك، والقائد يحتاج إلى شعبه، والشعب يحتاج إلى قائده، والفقير يحتاج إلى مَن وَسَّع الله له في رزقه، والغني يحتاج إلى العالم الذي يوجهه إلى معرفة الحلال والحرام، والترغيب في الإنفاق؛ لذا أمرنا الله -عز وجل- بالتعاون، فقال -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة:2)؛ لكن أين روح التعاون في مجتمعاتنا الآن والموظَّف بكلِّ تهاون دون مبرر يقول للمواطن: "مُر علينا غدًا!"؟!

أين روح التعاون وأنت تأكل وتشرب وتلبس، وتستمتع بملذات الدنيا وزينتها، وبجوارك جارك جائع، وربما لا يجد ثمن الدواء؟!

أين التعاون حين يحتكر التاجر سلعته استغلالًا لظروف اقتصادية، فيرفع السعر على الفقراء والمحتاجين؟!

رغم أن هناك نوعًا من التعاون لا يكلِّف نقودًا أو تضحية، مثل: تقديم النصيحة للآخرين، والوقوف معهم في السراء والضراء، ونصرة المظلوم، والإصلاح بين الناس، وقضاء حوائجهم.

روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ).

أخي القارئ: العبادة ليست مقصورة على الصلاة والصيام، والزكاة والحج، أو أن تجلس في المسجد راكعًا وساجدًا لله وفقط، بل العبادة اسم جامع لكلِّ ما يحبه الله ويرضاه، ولا يدري المسلم بأي عمل سيكون دخوله الجنة، فقد دخل رجل الجنة؛ لأنه كان ينظر المعسر-أي: يصبر على دينه أو يتجاوز عنه-، ورجل آخر دخل الجنة؛ لأنه سقى كلبًا.

ولقد رغَّبنا وأرشدنا الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في التعاون وقضاء حوائج الناس، فقال كما في الطبراني وحسنه الألباني: (وَلَأَنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ، ‌أَحَبُّ ‌إِلَيَّ ‌مِنْ ‌أَنْ ‌أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا).

فلنقدِّم الخيرَ دائمًا للناس، وننشر روح التعاون بيننا؛ لعلنا نصل إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج: 77).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة