الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الحوار الوطني والحريات وحقوق الإنسان (2)

الحوار الوطني والحريات وحقوق الإنسان (2)
الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠٢٣ - ١٢:١٨ م
67

 

الحوار الوطني والحريات وحقوق الإنسان (2)

كتبه/ طلعت مرزوق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلكي تُصبغ ممارستنا للحقوق والحريات بصبغة بيئتنا وثقافتنا العربية الإسلامية، بلا إفراط، ولا تفريط، حتى يتقبلها المجتمع، ويتفاعل معها؛ ينبغي مراعاة عناصر المقال السابق، ويُضاف إليها أيضًا ما يلي:

رابعًا: أن الدول الإسلامية تتحفظ على بعض ما يرد بالمواثيق والمعاهدات الدولية مما يخالف دينها وعقيدتها، وكلٌ يؤخذ مِن قوله ويُترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع ملاحظة أن حق الرفض والتحفظ والانسحاب مِن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، يقابله ضغوط ومصالح.

خامسًا: مِن أهم أوجه النقد الموجهة للمصادر الحقوقية الوضعية:

1- أنها -في مُعظمها- وُضِعت في وقتٍ كانت فيه غالبية دول العالم -وخاصة الدول العربية والإسلامية- مُحتلة عسكريًّا "كميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

2- عكست ثقافة المنتصر "العولمة".

3- لم تراعَ خصوصيات الأمم والثقافات الأخرى، وخاصة الإسلامية.

4- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يتضمن حق تقرير المصير، رغم أن الدول التي كتبته وأثرت في اعتماده كانت تحتل معظم الكرة الأرضية في نفس التوقيت.

ومِن أهم أوجه النقد الموجهة لبعض المنظمات الحقوقية:

1- الانتقائية والتباين في التطبيق والأولويات.

2- أنها أصبحت مطية لتحقيق أهداف الدول الكبرى البعيدة عن الحقوق والحريات "التعامي عن بعض الديكتاتوريات والمظالم، مع تضخيم بعض المخالفات الأخرى".

3- استخدامها كرأس حربة لخلخلة المجتمعات المستهدفة.

4- قضايا التمويل الأجنبي، وتوجيه المنظمات الممولَة ضد مجتمعاتهم وسلطات بلادهم كالمرتزقة.

سادسًا: تختلف الإعلانات بطبيعتها عن العهود والاتفاقيات في أنها لا تفرض التزاماتٍ قانونية على الدول، ولا تقرر مراكز قانونية، ولا يتطلب الدخول إليها نية الالتزام بها -الأدوات القانونية للدخول في المعاهدات "التوقيع، التصديق، الانضمام، الخلافة"- حيث ينحصر الالتزام بها في إطار التعاون والتفاعل الإيجابي من قِبَل الدول.

وتلتزم الدول العربية والإسلامية بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية من المبادئ التي تضمنتها تلك الإعلانات.

سابعًا: الدستور هو القانون الوضعي الأعلى في الدولة، ويُسمى بالقانون الأساسي؛ لأنه يضع الأسس التي تقوم عليها الدولة، وهو مصدر جميع السلطات: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.

والدستور يسمو على القانون العادي؛ فضلًا عن اللوائح، ويترتب على مبدأ سمو الدستور عدم تعارض القوانين واللوائح مع أحكام الدستور.

وإذا تأملنا المرتبة القانونية للمعاهدات والاتفاقيات الدولية في بعض الدساتير نجد أن الدستور الفرنسي نص في المادة الخامسة والخمسين على أن: "يكون للمعاهدات أو الاتفاقات التي يتم التصديق أو الموافقة عليها قانونًا منذ نشرها قوة تفوق القوانين شريطة أن يُطبق الطرف الأخر هذا الاتفاق أو هذه المعاهدة" .

بينما نص الدستور الأمريكي في الفقرة الثانية من المادة السادسة على أن: "هذا الدستور، وقوانين الولايات المتحدة التي تصدر تبعًا له، وجميع المعاهدات المعقودة أو التي تُعقد تحت سلطة الولايات المتحدة تكون القانون الأعلى للبلاد، ويكون القضاة في جميع الولايات مُلزمين بها، ولا يُعتد بأي نص في دستور أو قوانين أية ولاية يكون مُخالفاً لذلك".

أما الدستور المصري الصادر عام 2019 فنص في مادته الثانية والتسعين على أن: "تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة".

والمادة الحادية والخمسين بعد المائة: "يمثِّل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وَفْقًا لأحكام الدستور"، وهو نفس المستوي الوارد بمشروع دستور 1954 مادة 108، ودستور 1956 مادة 143، ودستور 1958 مادة 56، ودستور 1964 مادة 125، ودستور 1971 مادة 151، وكذا الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 بند 6 من المادة 56، ودستور 2012 مادة 45، والإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليه 2013 بند 3 من المادة 24، وتعديل عام 2014.

علمًا بأن دستوري: 1923، 1930 لم يحددا في المادة 46 مرتبة قانونية صريحة، وهذا المستوي ينبغي المحافظة عليه مستقبلًا؛ لأنه العرف الدستوري المستقر، والمناسب للوضع السياسي القائم بالبلاد من جهة قوة السلطة التنفيذية والتشريعية والمتعلقة بالسيادة، والمحافظة على الأمن القومي، وحتى لا تكون بابًا خلفيًّا للمساس بالاستقلال الوطني.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة