الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

القواعد العشر الحسان لاغتنام شهر رمضان (3)

القواعد العشر الحسان لاغتنام شهر رمضان (3)
السبت ٠١ أبريل ٢٠٢٣ - ١٠:٤٣ ص
125

 

القواعد العشر الحسان لاغتنام شهر رمضان (3)

كتبه/ أحمد يحيى وزير

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

القاعدة الخامسة:

الحرص على ما يحبه الله من العبادات، لا ما يوافق ما نهواه ونشتهيه: فالله -سبحانه- يقول: (‌لَنْ ‌تَنَالُوا ‌الْبِرَّ ‌حَتَّى ‌تُنْفِقُوا ‌مِمَّا ‌تُحِبُّونَ) <آل عمران: 92)، فالإنفاق بالمال لا تريده النفوس، لكن الله -عز وجل- يريده، بل هو من أحب الأعمال إليه، وكلما كان المال محبَّبًا لنفوسنا ويصعب علينا مفارقته، كان الإنفاق فيه أقرب وأرجى للقبول، وهنا نهمس في آذان المقتدرين على الإنفاق، ونقول لهم: اعلموا أنه كلما كان المال الذي تريدون أن تتقرَّبوا فيه إلى الله محببًا إلى قلوبكم؛ فهو مِن أرضى العبادات وأقربها إلى المولى؛ خاصة في هذا الشهر الكريم، وكذلك من الصور في تطبيق مثل هذه القاعدة: أنه ينبغي تقديم الإنفاق بالمال على من كان أشد حاجة وما كان أكثر نفعًا للمسلمين؛ ولهذا يظهر غلط بعض مَن ينفق بشكل معتاد على مَن يعرفهم، ولكن لتعوده ولمحبته لهؤلاء ولموافقته لما يريده ينفق عليهم مع استغنائهم، والواجب البحث عن أكثر الناس حاجة.

إن الإنفاق على مجالات الدعوة والإصلاح التي ينتفع بها المئات من المسلمين وغير المسلمين أولى بالدعم والإنفاق على ما كان نفعه خاصًّا بشخص أو أفراد معدودين.

ومن الصور كذلك: أن بعض الناس يحجم عن العمرة في رمضان؛ لئلا يتعب، ولم ينظر إلى عظيم الأجر الوارد فيها؛ حيث إن عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-).

القاعدة السادسة:

تتفاضل العبادات بحسب الأحوال والحوادث، والأزمان والأماكن؛ فتقدَّم العبادة المفضولة التي هي أرضى لله في ذلك الوقت على العبادة الفاضلة في غيره، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- على كثرة ما ورد من فضل الصيام، وأنه من أسباب دخول الجنة، ولكنه لما جاءه ظرف طارئ وهو الجهاد في سبيل الله، رأى أن الأقربَ لله في هذا الموطن هو التقرب إلى الله بجهاد الكفار، وحفظ بيضة المسلمين والدفاع عن حرماتهم؛ ففي غزوة بدر أفطر ليتقوى على قتال الكفار، وكذلك في فتح مكة قام وشرب أمام الناس بعد العصر حتى يقتدوا به، وهذا إمام الفقهاء شيخ الإسلام لما غزا التتار بلاد الشام قام وجمع الناس والعلماء والأمراء، وحثَّهم على الجهاد، ثم قام وشرب في نهار رمضان أمام الجند وحثهم على القتال، وبيَّن لهم أن هذا أقرب إلى الله في هذا الموطن.

ومن الصور التي يمكن أن يمثَّل بها: تُقدَّم العبادات التي قد يفوت وقتها على التي وقتها موسع، مثاله: يقدَّم الدعاء عند الفطر على قراءة القرآن مع أن قراءة القرآن أفضل، ولكن في ذلك الوقت نقدِّم المفضول على الفاضل؛ لأنه أرضى لله في هذا الوقت وأنفع للعبد؛ لما ورد أن للصائم دعوة لا ترد عند فطره.

القاعدة السابعة:

فهم مصطلح العبادة فهمًا صحيحًا، فمَن كان مفهوم العبادة لديه واسعًا، اغتنم فرصًا كثيرة، وكثر من حسناته، وزاد رصيده عند ربه بخلاف مَن كان مفهوم العبادة عنده ضيقًا، وهذا من الفقه في التعبد، فالعبادة تشمل كل الأعمال الظاهرة والباطنة التي يتقرَّب بها إلى الله حتى تبسمك في وجه أخيك، وحمل متاعه معه وإعانته عليه، فإنها من الصدقات التي تكتب لك، والكلمة الطيبة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، وحتى مَن نوى نية طيبة في جماع أهله، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌وَفِي ‌بُضْعِ ‌أَحَدِكُمْ ‌صَدَقَةٌ) <رواه مسلم)، ومما يفوت على الناس من العبادات العظيمة في هذا الشهر حُسْن الخُلُق الذي أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، بأنه أثقل شيء في الميزان، وكما صَحَّ عنه أن الرجل يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم. 

القاعدة الثامنة:

تنظيم الوقت وتقسيمه تقسيمًا دقيقًا محكمًا: بحيث يجعل جزءًا منه لتدبير شؤون معاشه التي لا بد له منها، وجزءًا آخر لأوراده اليومية، وأذكاره الصباحية والمسائية؛ فإن ذلك مما يحفظ على المرء وقته بإذن الله -تعالى-.

وجزءًا منه لنوافل عبادته الأخرى من صلاة وذكر ودعاء، وصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجزءًا أكبر من وقته لتلاوة كتاب الله -تعالى- وتدبر معانيه، فإن بين هذا الشهر وبين القرآن علاقة وارتباطًا قويًّا يلحظ ذلك في حديث القرآن عن رمضان، وفي هديه -صلى الله عليه وسلم- فيه.

القاعدة التاسعة:

الصحبة الصالحة التي تعين المرء على الخير وتبعده عن الشر، قال -تعالى-: (‌الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) <الزخرف: 67).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية