الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

دفء اليد!

دفء اليد!
السبت ٠١ أبريل ٢٠٢٣ - ١٠:٤٤ ص
51

 

دفء اليد!

كتبه/ عصام زهران 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

 

فإن الأحاسيسَ المرهفة والرحمة المتدفقة من قلب المؤمن ؛ليعبر بها أحياناً - بالقول أو بالفعل 

فإن يد المؤمن الحانية الدافئة لا تتمالك إذا رأت منكسرا إلا وتتلقاه بالرحمة وجبر الخاطر.. فعن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "إذا كفى أحدَكُم خادِمُهُ طعامَهُ حَرَّهُ ودخانَهُ، فليأخُذْ بيدِهِ فليُقعِدهُ معَهُ، فإن أبى فليأخُذْ لقمةً فليُطعِمها إيّاهُ". 

أي: إذا أتى أحَدَكُمْ خادِمُهُ بطَعامِهِ، فإنْ لَمْ يُجْلِسْهُ معهُ، فَليُناوِلْهُ لُقْمَةً أوْ لُقْمَتَيْنِ، أوْ أُكْلَةً أوْ أُكْلَتَيْنِ؛ فإنَّه ولِيَ عِلاجَهُ. رواه البخاري.

واليد الحانية تبحث عن الضعيف المنكسر الذي فقد أباه في صغره ؛ فتحتويه بالرعاية والدفء 

إنْ أردْتَ تَلْيِينَ قلبِكَ، فَأَطْعِمْ المِسْكِينَ، و امْسَحْ رَأْسَ اليَتِيمِ".

ولا شك أن اليتيم من الذين يحتاجون إلى هذه العناية، ويفتقرون إلى هذه الرعاية واللفتة الكريمة من المجتمع؛ فاليتيم إنسان ضعيف فقدَ قوَّةَ الأُبوّة، فأين تلك اليد الحانية التي تنتشله من ضعفه، وتنقذه من عجزه، وتغرس في نفسه: إنكَ لستَ وحدك بعد أبيك، بل نحن معك كأبيك، فلا تهِن ولا تضعف.

واليتيم بعد فراق أبيه مستوحش، فأين ذلك الحضن الدافئ الذي يضمه ليؤنسه من وحشته، ويسعده في وحدته؟

واليتيم بعد موت أبيه فقير ذهب عنه العائل السخي، الذي يعطي بلا حساب ولا منٍّ، بل يبذل بفرحٍ وحرص، فأين تلك الكف السخية التي تنسيه فقر اليتم وحاجته، فتعطيه ما يكفيه، وتضمه وتؤويه، وتنفق عليه غير مانّة عليه..

واليد الدافئة الحانية؛ تعطف حتى على العصاة لهدايتهم والنهي عما اقترفوه ..عن أبي أمامة الباهلي: أنّ فتًى من قريشٍ أتى النَّبيَّ ? فقال: يا رسولَ اللهِ ائذَنْ لي في الزِّنا. فأقبَل القومُ عليه وزجَروه فقالوا: مَهْ مَهْ. فقال: ادنُهْ. فدنا منه قريبًا فقال: أتُحِبُّه لأمِّك؟ قال: لا واللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحبُّونَه لأمَّهاتِهم. قال: أفتُحِبُّه لابنتِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونَه لبناتِهم. قال: أفتُحِبُّه لأختِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونه لأخواتِهم. قال: أتُحِبُّه لعمَّتِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونَه لعمّاتِهم. قال: أتُحِبُّه لخالتِك؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعَلني اللهُ فداك. قال: ولا النّاسُ يُحِبُّونَه لخالاتِهم. قال: فوضَع يدَه عليه وقال: اللَّهمَّ اغفِرْ ذنبَه وطهِّرْ قلبَه وحصِّنْ فرجَه. قال: فلم يكُنْ بعدَ ذلك الفتى يلتَفِتُ إلى شيءٍ.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة