الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

القدس قضية أمة (2)

القدس قضية أمة (2)
الاثنين ١٥ مايو ٢٠٢٣ - ١٠:٠١ ص
146

 

القدس قضية أمة (2)

كتبه/ سامح بسيوني

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فمِن أقوال بعض رؤوس شياطين اليهود في بيان حقيقة أمرهم بألسنتهم:

- قال الحاخام الأكبر للكيان اليهودي "إبراهام شابير" -في رسالة وجَّهها لمؤتمر شبابي صِهْيَوْني، عقد في "بروكلين" في الولايات المتحدة-: "نريد شبابًا يهوديًّا قويًّا أو شديدًا، نريد شبابًا يهوديًّا يدرك أن رسالته الوحيدة هي تطهير الأرض من المسلمين الذين يريدون منازعتنا في أرض الميعاد، يجب أن تُثبِتوا لهم أنكم قادرون على اجتثاثهم مِن الأرض، يجب أن نتخلَّص منهم كما يتم التخلص من الميكروبات والجراثيم".

- وصرَّح الحاخام "مردخاي إلياهو" -الحاخام الشرقي الأكبر للكيان الصِّهْيَوْني سابقًا- في خطاب أمام عددٍ من منتسبي المدارس الدينية العسكرية: "لنا أعداء كثيرون، وهناك مَن يتربَّص بنا وينتظر الفرصة للانقضاض علينا، وهؤلاء بإمكاننا -عبر الإجراءات العسكرية- أن نواجههم، لكن ما لا نستطيع مواجهته هو ذلك الكتاب الذي يسمونه: "قرآن"؛ هذا عدونا الأوحد، هذا العدو لا تستطيع وسائلنا العسكرية مواجهته".

- وقال الحاخام "إسحاق بيريتس" أمام عددٍ من المجندين الجدد: "إذا استمر ارتفاع الأذان الذي يدعو المسلمين للصلاة كل يوم خمس مرات في القاهرة وعمان والرباط، فلا تَتَحَدَّثُوا عن السلام".

فهذه هي حقيقتهم بألسنتهم، وهي كما أخبر الله -عز وجل- عنهم في كتابه من قبل وجودهم واحتلالهم لأراضي القدس الشريف، حيث قال -تعالى- في وصف اليهود: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (البقرة:6?).

فالمقصود أن اليهود ليسوا أهل سلام -كما يدَّعون!-، ولا يبحثون عن مجرد حق إقامة دولة لهم -كما يزعمون-؛ فلو كان ذلك كذلك لرضوا بما مُنِح لهم في سلام وأمان من وطنٍ منحهُ لهم (ستالين) في عشرينيات القرن العشرين؛ حيث منح اليهود وطنًا في أقصى الشرق الروسي، فأنشأ لهم رسميًّا مقاطعة يهودية تتمتع بحكم ذاتي، وعاصمتها مدينة بيروبيجان؛ حيث تعتبر بيروبيجان مقاطعة يهودية مهجورة الآن تقع على بعد 5000 كيلومتر شرق العاصمة الروسية موسكو، فهي أول أرض تجمَّع فيها اليهود من جميع أنحاء العالم في عام 1928م، أي: قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بحوالي 20 عامًا، لكنهم هجروها إلى أراضي الفلسطينيين.

وقصة هذه المقاطعة -كما جاءت في كتب التاريخ الحديث-: أن ستالين أرسل إلى الولايات المتحدة و أوروبا مبعوثين من طرفه، يحملون لليهود ولحكومات الدول التي يعيشون فيها رسالة واضحة ومحددة، وهي: أن ستالين -ولأول مرة في تاريخ الدولة البلشفية- يعترف بالوضع الخاص لليهود، وقد قرر منحهم جمهورية مستقلة ذاتيًا يبنون فيها كيانهم الذاتي وشخصيتهم المستقلة، مع السماح لهم بإنشاء مدارسهم الخاصة يتعلمون فيها لغة (البديتش)، وما جعل رسالة هؤلاء المبعوثين أكثر جدية وإقناعًا أنهم كانوا يحملون ألبومات من الصور يظهر فيها يهود بيروبيجان وهم يعملون فوق الجرارات الزراعية في حقولهم، وتظهر ابتسامات أطفالهم واسعة وهم يلهون في مدارس تحمل أسماء عبرية، وفوق كل هذا فقد أضاف ستالين "مكرمة" جديدة، وهي منح كل يهودي عند وصوله إلى بيروبيجان للاستقرار فيها مبلغ 600 روبل -وهو مبلغ كبير بمقاييس ذلك الزمان- يعينه على بناء حياته الجديدة في جمهوريته الذاتية، وبالفعل جاء إليها اليهود من جميع أنحاء العالم ليعيشوا فيها؛ فقد جاء يهود مِن: الأرجنتين، وفنزويلا، ومن سان فرانسيسكو بحثًا عن معيشة أفضل، لكن سرعان ما بدأت هجرة اليهود من بيروبيجان إلى فلسطين، حيث قامت أغنى المؤسسات في بيروبيجان، وهي: مؤسسة (سوكنوت) -وهي فرع من الوكالة اليهودية- بتوفير مساعدة سخية لتشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين المحتلة.

فظهر حينها جليًّا أن الحركة الصهيونية تلقَّت مشروع (بيروبيجان) بالقبول على أن يكون محطة وتجربة من أجل الوطن المستقل لهم، وهو فلسطين المنوي اغتصابها، ولا بديل عنها.

وقد عبر عن هذا الموقف -لحظة إعلان ستالين القرار- من رئيس المنظمة الصهيونية يومها (وايزمان) الذي قال: "نبارك هذا المشروع ونحييه؛ ليس بديلًا عن التفكير في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، بل باعتباره تجربة أولى لفكرة الوطن القومي اليهودي!".

فالخلاصة: أنهم ليسوا أهل سلام، والصراع معهم صراع قائم إلى قيام الساعة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (‌لَا ‌تَقُومُ ‌السَّاعَةُ ‌حَتَّى ‌يُقَاتِلَ ‌الْمُسْلِمُونَ ‌الْيَهُودَ ‌فَيَقْتُلُهُمُ ‌الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ) (رواه مسلم).

ولن ينتهي الصراع مع اليهود بالسلام، بل هو قائم الى قيام الساعة؛ فتكون لنا الدولة عليهم مرة فيصيبهم الذل والمهانة، وتكون لهم الدولة علينا مرة حينما نبتعد عن ديننا وشريعتنا، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، ‌سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ‌ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى ‌دِينِكُمْ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وهكذا الدولة لهم مرة والدولة لنا مرة -وليس شرطًا أن اليهود سيظلون محتلين للمسجد هذا الاحتلال الحالي إلى آخر الزمان، فقد يخرجون ونهزمهم ثم يعودون مرة أخرى حتى يأذن الله في قيام المعركة الكبرى مع وقوع ملاحم آخر الزمان، والتي ستكون الغلبة فيها للمسلمين، كما في الحديث السابق: (فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ).  

ولا بد أن نعي أيضًا: أن هذه العقود والاتفاقيات التي قد تُعقد هنا أو هناك مع يهود هي عقود مؤقتة -أو مطلقة بالتعبير الشرعي- مهما طالت، لن تغير من الأمر شيئًا؛ إلا ما تحققه مِن مراعاة مصالح المسلمين طبقًا لموازين القدرة والعجز، والقوة والضعف الحالية.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com