الأحد، ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

اثبت... فإنك على الحق المُبِين (4)

اثبت... فإنك على الحق المُبِين (4)
الجمعة ١٨ أغسطس ٢٠٢٣ - ١٨:٤٧ م
117

 

اثبت... فإنك على الحق المُبِين (4)

كتبه/ أحمد شهاب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما زال حديثنا موصولًا حول الشبهات المتعددة التي تتحطم -بفضل الله ومِنَّتِه- على صخرات الوحي، وبنور كلمات الأجيال الأُوَل تضمحل وتنقشع هذه الظلمات، التي يثيرها ويشغِّب بها أهل البدع والضلال على مَن يتبعون الدليل في الحلال والحرام!

ومع أنك تأخذ بأقوال أهل العلم والأئمة الكبار مع معرفة قدرهم وعدم مخالفة إجماعهم، لكن إذا استبانت السنة في خلاف قول أحدهم أخذت بقول مَن وافق قوله الدليل، ومع التزامك بقواعد الشرع في الذي يلزمك فيما تدين الله به بحسب درجتك من الاجتهاد والتقليد؛ رغم كل ذلك فإن أهل البدع مستمرون في تشغيبهم!

فقد يهتز مَن يهتز تحت ضغطهم، فيثبته الله بقول الأئمة أنفسِهم -والحمد لله-.

قال أبو حنيفة -رحمه الله-: "إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي"، "لا يحل لأحدٍ أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه"، "حرام على مَن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي"، "إننا بشر؛ نقول القول اليوم ونرجع عنه غدًا"، "ويحك يا يعقوب! -وهو أبو يوسف- لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى الرأي اليوم، وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا، وأتركه بعد غدٍ".

ونقل ابن عابدين عن بعض الحنفية: "إذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب؛ عمل بالحديث، ويكون ذلك مذهبه، ولا يخرج مقلده عن كونه حنفيًّا بالعمل به؛ فقد صح عن أبي حنيفة أنه قال: إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي".

وكذا قال مالك بن أنس -رحمه الله-: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب؛ فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه"، "ليس أحد -بعد النبي صلى الله عليه وسلم- إلا ويؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي -صلى الله عليه وسلم-".

وأما الشافعي -رحمه الله- فنقل الإجماع فقال: "أجمع المسلمون على أن مَن استبانت له سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لم يحل له أن يدعها لقول أحدٍ من الناس"، "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعزب عنه، فمهما قلتُ من قول أو أصَّلت من أصل، فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلاف ما قلتُ؛ فالقول ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو قولي"، "إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقولوا بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعوا ما قلت"، "فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى قول أحدٍ"، "كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أهل النقل بخلاف ما قلت؛ فأنا راجع عنها في حياتي، وبعد موتي"، "إذا رأيتموني أقول قولًا، وقد صَحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلافه؛ فاعلموا أن عقلي قد ذهب!"، "كل ما قلتُ، فكان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف قولي مما يصح؛ فحديث النبي أولى، فلا تقلدوني"، "كل حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني"، "إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي".

ولذا قال النووي -رحمه الله- ما مختصره: "وكان جماعة من متقدمي أصحابنا إذا رأوا مسألة فيها حديث، ومذهب الشافعي خلافه؛ عملوا بالحديث، وأفتوا به قائلين: مذهب الشافعي ما وافق الحديث".

وأما أحمد بن حنبل -رحمه الله- فقال: "لا تقلدني، ولا تقلد مالكًا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا"، "لا تقلد دينك أحدًا من هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه؛ فخذ به، ثم التابعين بعد؛ الرجل فيه مخير"، "الاتباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه، ثم هو من بعد التابعين مخير"، "رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة؛ كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار"، "مَن رَدَّ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو على شفا هلكة".

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة