الأحد، ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

اثبت... فإنك على الحق المُبِين (5)

اثبت... فإنك على الحق المُبِين (5)
الأربعاء ٢٣ أغسطس ٢٠٢٣ - ١٤:١٥ م
53

 

اثبت... فإنك على الحق المُبِين (5)

كتبه/ أحمد شهاب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنستكمل حديثنا حول كلام الأئمة في الحضِّ على تعظيم الدليل واتباعه، وترك أقوالهم إذا خالفت سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكرنا في المقال الماضي أقوال الأئمة الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، في ذلك.

وكان الإمامان: محمد بن الحسن، وأبو يوسف -رحمهما الله- قد خالفا شيخهما أبا حنيفة (في نحو ثلث المذهب)، وكتب الفروع كفيلة ببيان ذلك، ونحو هذا يقال في الإمام المزني، وغيره من أتباع الشافعي وغيره.

وهذا عصام بن يوسف البلخي -من أصحاب الإمام محمد، ومن الملازمين للإمام أبي يوسف- كان يفتي بخلاف قول الإمام أبي حنيفة كثيرا؛ لأنه لم يعلم الدليل، وكان يظهر له دليل غيره فيفتي به.

وجمع المحقق ابن دقيق العيد -رحمه الله- المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث الصحيح فيها -انفرادًا، واجتماعًا- في مجلد ضخم؛ قال في أوله: "إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام، وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها؛ لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم"، وعلى هذا فقِس.

فهكذا وبكل سهولة ويسر، ما أن أثار أهل البدعة شبهة إلا وجدتَ الحق واضحًا، وأنا لم أذكر أدلة المسائل، بل ولم أحرص على جمع كل الأقوال، وإنما الغرض ضرب المثال.

فكلمة من كلمات هذه الأجيال الأُوَل كفيلة بمحق أكوام من ركام شبهات أهل البدع وخبطهم وزيفهم؛ فقد تجد عندهم شبهات وتشويشات مع تَكَثُّر ببعض الكلمات عن بعض الخَلَف مما خالفوا فيه الحق والدين تأويلًا أو تحريفًا بحسب حال القائل.

لكن أنى يقف ذلك أمام صواعق الأدلة وجيوش الحق من السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؟!

لا تخش من كيد العدو ومكرهم               فـقـتـالهم بالكـذب والـبــهـتـان

فـجنـود أتبـاع الـرسول مـلائـك               وجـنـودهم فـعـساكر الشيـطان

شتان بين العسكرين فمن يـكن               مـتـحـيـرًا فـلـيـنـظر الـفـئـتــان

أخي هل بين الكفتين تقارب حتى نحتاج إلى تفكير: أيهما يرجح؟!

فبدراستك الأدلة من الوحيين، وبمثل هذه النصوص عن أهل العلم في كل مسألة من مسائل الفرقان بين الحق والبطلان، هل يروج عليك شبهة محرف أو تزييف مخرف أو حتى كلمة عالم متأول؟!

فحسبكمُ هذا التفاوتُ بينهم          وكـل إناءٍ بالذي فيه ينضَح

وتذكر نصيحة ابن القيم -رحمه الله- في الكافية الشافية:

يـا أيـهــا الــرجـل الـمـريـد نجـاتـه           اسـمـع مقالـة ناصح مـعـــوان

كـن فــي أمـورك كـلـهـا متـمسـكـًا            بالوحي لا بـزخـارف الهـذيـان

وانـصـر كتـاب الله والسـنـن الـتـي           جاءت عن المبـعــوث بالفرقان

واثبت بـصـبرك تحت ألوية الهدى           فإذا أصبت ففي رضا الـرحمـن

واجـعــل كتـاب الله والسنـن الـتـي            ثبتت سلاحك ثم صـح بـجـنـان

واصدع بما قال الرسول ولا تخف            مـن قـلـة الأنـصـار والأعــوان

فـالـلـه نـــاصــر ديـنـــه وكــتـابـه            والـلـه كـــافٍ عــبــده بــأمــان

ويبقى الدعاء والتضرع والالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى- هو سبيل النجاة، والتوفيق بيد الله.

اللهم ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السَّماوات والأرض، عالم الغيب والشَّهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك، إنَّك تهدي مَن تشاء إلى صراطٍ مُستقيمٍ.

هذا والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة