الخميس، ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من الفقْرِ والقِلَّةِ والذِّلَّةِ

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من الفقْرِ والقِلَّةِ والذِّلَّةِ
الأربعاء ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣ - ٢٢:١٦ م
55

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من الفقْرِ والقِلَّةِ والذِّلَّةِ

كتبه/ وائل رمضان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فالفقر في نظر الإسلام مصيبة وبلاء؛ لذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- دائم الاستعاذة منه، بل كان من سُنَّته -عليه الصلاة والسلام- أن يقرن معه الاستعاذة من الكفر، فكان يقولُ في دُبُرِ الصَّلاةِ: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِنَ الكفرِ، والفقرِ، وعذابِ القبرِ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني)، كما استعاذ النبي -صلى الله عليه وسلم-، من الفقر في أدعية أخرى، فكان مِن دعائه: (اللّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَالْقِلَّةِ، وَالذِّلَّةِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

(أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ) هو: خلوّ ذات اليد من المال؛ سواء عنده بعض كفايته، أو لم يجد كفايته، فيدعو الَله: أعذني من عدم كفايتي من المال الذي أقوت به نفسي، وأهلي وأولادي، وأخاف من أن يؤدي بي إلى عدم الصبر، وإلى التسخط وعدم القناعة، وتسلط الشيطان عليَّ بذكر نعم الأغنياء، وأعذني يا إلهي من شدة الحاجة إلى الخلق، والتعرض لهم بالسؤال والطلب والاحتياج إلى غيرك؛ لأنه قد يفضي إلى نقصانٍ في الدين والمروءة.

وأعوذ بك من (الْقِلَّةِ): المراد بها قلة المال التي يخاف منها قلة الصبر. وقيل: المراد قلة أبواب الخير والبر، أو قلة العدد أو المدد، أو قلة الأنصار. والراجح: القلة في أبواب البر وخصال الخير؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يؤثر الإقلال في الدنيا، ويكره الاستكثار من الأعراض الفانية.

وأعوذ بك من (الذِّلَّةِ) هي: الصغار والهوان، مثل انحطاط القدر عند الناس، فاستعاذ -صلى الله عليه وسلم- من أن يكون ذليلًا في أعين الناس. وقيل: إنها استعاذة من كل أنواع الذِّلَّةِ، وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها نبينا -عليه الصلاة والسلام-.

إن للفقر مخاطر جمَّة، وآفات كثيرة؛ لذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، يستعيذ بالله منه، ويسأل ربه الغنى، ويقول: (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الهُدَى والتُّقَى، والعَفافَ والغِنَى) (رواه مسلم).

فمن مخاطر الْفَقْرِ: أنه مدعاة لانتشار بعض المنكرات من سرقة ونهب، وما أشبه ذلك، وقد يؤدي إلى الكفر، وذلك بأن يبيع دينه بالدينار والدرهم، فقد روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)، فبَيْعُ الدِّينِ هنا كان بعَرَضٍ من الدنيا. وقيل: هذا في حقِّ الفقراء.

ومن مخاطر الْفَقْرِ: أنَّ الإنسان قد يصبح عبدًا للمال؛ فلربما قدَّم المال على كل شيء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌تَعِسَ ‌عَبْدُ ‌الدِّينَارِ ‌وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ) (رواه البخاري).

وإن أنين بيوت الفقراء وأصحاب الحاجة والعوز، لا يقلُّ إيلامًا عن أنين المرضى والمعذَّبين؛ فكثير من الأسر الفقيرة والعائلات لا تجد قوت يومها، وقد ضاقت عليها الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، بعد أن تسلل غول الفقر إلى أجسادهم فأقعدهم وأوجعهم.

إن المطلوب منا في هذه الأوقات الصعبة أن نلجأ إلى الله -تعالى- أن يرفع عنا الغلاء والبلاء، وأن يتحمل كل إنسان مسؤوليته تجاه هؤلاء الذين يخنقهم الجوع، في ظل الظروف الراهنة التي نعيشها، وهذا من أبرز صور الرفق والرحمة والتكافل بين المسلمين التي أمر بها الإسلام وحث عليها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة