الأحد، ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

من أسباب علاج الهموم (1)

من أسباب علاج الهموم (1)
الخميس ٠٥ أكتوبر ٢٠٢٣ - ٠٨:٠٠ ص
75

 

من أسباب علاج الهموم (1)

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فكثيرة هي مشاكل الناس وهمومهم وأحزانهم؛ قد تكون بسبب ولد عاق، يسيء الأدب مع والده، يرجو منه والده وهو لا يحقق رجائه، وقد تكون بسبب والد يشتد على ابنه، أو زوجة تنغص على زوجها حياته، أو زوج يسيء عشرة زوجته ولا يعطيها حقها، أو بسبب عمل شاق يجهد الإنسان وربما راتبه لا تكفي، أو جيران يتمنى الإنسان الخلاص من شرهم، أو قد يكون بسبب فقر أو مرض، وقد يكون لسبب من هذا أو أكثر، أو غير ذلك من أسباب.

ويتساءل الإنسان دائمًا عن علاج ودواء للتخلص من هذه الهموم والأحزان، وهناك خمس مقدمات تغني عن كثير من التفصيل، وإن كان التفصيل يأتي بعدها -إن شاء الله-:

الأولى: أن الحزن ما جاء في الشرع إلا مذمومًا أو منهيًّا عنه، قال -تعالى-: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 139)، وقال -تعالى-: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة: 40)، وقال -تعالى-: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) (مريم: 24)، (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي) (القصص: 7)، وكان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ) (رواه البخاري).

الثانية: ستكتشف بعد زوال الشدة أن كثيرًا من المشاكل والمخاوف أعطيتها أكبر من حجمها، وأن أكثرها لم تكن تستحق كل هذا التعب والهم، وأنه ما أصابك من ورائها كان يمكن تفاديه؛ فهذا رجل اهتم لقَرارٍ في حياته أكثر من أسبوعين، وأصابه الأرق والهم والتعب، وتنغصت عليه حياته هذين الأسبوعين، ثم ألهمه الله بصلاة الاستخارة، فسكن جأشه وزال همه، وعلم أنه لو فكر في تفويض الأمر لله ما أصابه ما أصابه.

الثالثة: أن كل شيء بقدر، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن قدر الله بحكمة وعلم، فمن رضي فله الرضا والفوز، ومن سخط فله السخط والخسران، واختيار الله لك خير من اختيارك لنفسك، فهل ترضى أو تصبر فيكون لك الفوز في الدنيا والآخرة أم تقنط فتبوء بالخسران؟!

الرابعة: أن كل ما يصيب المؤمن إنما هو تكفير لسيئاته أو رفع لدرجاته، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) (رواه البخاري)، وفي صحيح مسلم: (مَا مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ حَتَّى الشَّوْكَةِ تُصِيبُهُ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً أَوْ حُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ).

الخامسة: مَن عرف ربه بأسمائه وصفاته وأفعاله -تبارك وتعالى- استراح، وتنعم بالحياة الطيبة، فمَن يعرف أنه: رحمن رحيم، رؤوف ودود كريم، جواد محسن، غافر الذنب وقابل التوب، يجيب المضطر ويكشف الضر، ويعفو عن السيئات، وأمر هذا الكون بيده، يدبره وحده لا شريك له، وأن الكل في قبضته وتحت مشيئته وإرادته، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فكيف ييأس أو يحبط أو يحزن؟!

وفي الحديث: (ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عَبْادِهِ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه شيخ الإسلام)، أي: قرب تغييره للأحول، وتفريجه للكروب، وإزالته للهموم والأحزان

وقال -تعالى-: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن: 29)؛ يغفر ذنبًا، ويفرج همًّا، ويكشف كربًا، ويجبر كسيرًا، ويغني فقيرًا، ويعلِّم جاهلًا، ويهدي ضالًّا، ويرشد حيران، ويغيث لهفان، ويفك عانيًا، ويشبع جائعًا، ويكسو عاريًا، ويشفي مريضًا، ويعافي مبتلًى، ويقبل تائبًا، ويجزي محسنًا، وينصر مظلومًا، ويقصم جبارًا، ويقيل عثرة، ويستر عورة، ويؤمن روعة، ويرفع أقوامًا ويضع آخرين، إلى غير ذلك من أفعاله تبارك و-تعالى-.

وقال -تعالى-: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران: 140)، فلا تدوم الدنيا على حال.

وللحديث بقية إن شاء الله -تعالى-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة