السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

من أسباب علاج الهموم (2)

من أسباب علاج الهموم (2)
الخميس ١٩ أكتوبر ٢٠٢٣ - ١٠:٣٩ ص
58

 

من أسباب علاج الهموم (2) 

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فمِن أسباب علاج الهموم والأحزان:

(1) الدعاء: ففي الحديث عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، فما توجَّه عبد لله -تعالى- وخاب، وما لجأ عبد إلى ربه -عز وجل- وخسر، وفي سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمر مرفوعًا: (إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ) (رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن لغيره).

وأفضل الأدعية لزوال الهموم: ما جاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ، إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حُزْنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ بَصَرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا) (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني)، وأعجز الناس مَن عجز عن الدعاء.

وتعلَّم أن تشكو لربك -عز وجل- وحده ما أشغلك وأقلقك وأهمك، وتدبَّر قوله -تعالى-: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) (الزمر: 36)، وقوله -تعالى-: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (يوسف: 86).

(2) التفكر في نعم الله -تعالى- وما أعطاك من فضله: فإن ابتلاءات الإنسان قليلة في جنب نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، قال -تعالى-: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) (إبراهيم: 34)، وتدبَّر وتفكَّر جيدًا في قوله -تعالى-: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) (لقمان: 20)، فأكثر نعمه عليك وأتمَّها وأوسعها ونوَّعها، وغَمَرَك بها، بل لو وقفت لتعدد نعم الله عليك في ثانيةٍ واحدةٍ ما استعطت لكثرتها، فاللهم لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فالتفكير في كثرة النعم يقوِّي النفس، ويذهب وساوس الشيطان، ويحبط الهموم.

(3) لا تنشغل بغَدِك، وإنما يومك يومك: فالغَد والمستقبل يعلمه الله وحده، وهو بيد الله وحده، وعبادة حسن الظن بالله -وهو أهل الجود والكرم والإحسان والتقوى والمغفرة- تجعلك تتوقع الخير والجميل والإحسان من الله -تعالى-، وقد يكون ما هو آتٍ خيرًا مما تتخيل؛ فأحسن الظن بالله، وأحسن العبادة، وانشغل بواجبات يومك، فربما يأتي الغد وأنت في أول منازل الآخرة، فانشغالك بما لا تدري هل تدركه أم لا من وساوس الشيطان التي يجتهد بها أن يُحزنك؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ)، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ" (رواه البخاري).

(4) التوكل على الله -تعالى-: قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق: 3)، وقال -سبحانه-: (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) (النساء: 81)، وقال -تعالى-: (فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (التوبة: 129)، وقال -تعالى-: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) (هود: 56)، فعلِّق قلبك بالله وحده، واعلم أنه وحده الذي يدبِّر أمرك وأمر الكون، وكن على كامل الثقة واليقين فيه -سبحانه وتعالى-.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة