السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

لماذا غضب الإخوان من مظاهرات دعم فلسطين؟

لماذا غضب الإخوان من مظاهرات دعم فلسطين؟
الأحد ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٣ - ١٥:١٦ م
141

 

لماذا غضب الإخوان من مظاهرات دعم فلسطين؟

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد امتعضت جماعة الإخوان المسلمين من مظاهرات دعم المصريين للقضية الفلسطينية، وأنت تدرك ذلك عندما تتابع إعلام الإخوان بنوعيه؛ سواء "المأجور" أو "المنتمي".

وتلمح أيضًا سخط الإخوان من هجوم "لجان الإخوان المسلمين" صاحبة القاموس الفريد في البذاءة، والتي تتناوب بين الألفاظ النابية وبين استخدام الآيات في السبِّ؛ بإيقاع الآيات التي تصف حال الكفار والمنافقين على خصومهم السياسيين المسلمين، المعارضين لهم ولمنهجهم ولمواقفهم، التي تنتقل من فشل لآخر ببراعة تعجزك عن فهم عقلية مَن يقود الجماعة؛ فتجده يمر بحقل الألغام فلا تقع قدمه إلا على لغم! وكلما انفجر فيه لغم ودميت قدماه وأقدام أتباعه صرخ وحمَّل الجميع نتيجة فشله إلا نفسه، وهذا طبيعي من كلِّ قيادة انتهازية لا يهمها إلا صورتها، وما سيكتب التاريخ عنها يومًا ما.

ولكن العجيب هو أولئك الأتباع الذين لم يقفوا لمرة واحدة ويتساءلوا: لماذا ننتقل من فشل إلى فشل؟ فشلوا في سؤال أنفسهم فبالتالي لن يُسائلوا قادتهم يومًا! وبسهولة تحوِّل جماعة الإخوان إصبع الاتهام لغيرها، فيسير خلفها الأتباع دون وعي.

فلماذا تغضب جماعة الإخوان من المظاهرات الداعمة لفلسطين؟

الإجابة يسيرة على كلِّ متابع لمنطلقات الإخوان الفكرية؛ حيث تنطلق جماعة الإخوان من كونها المسؤول الحصري عن الإسلام، والمتحدث الأوحد عن المسلمين، بل كما يقول "حسن البنا": "إن إسلام الإخوان ليس كإسلام غيرهم!". ثم جاء "سيد قطب" وردد: أن المجتمع حولهم هو مجتمع جاهلي، الكلام فيه عن "الأحكام" قبل "العقيدة" كالبذر في الهواء!

هذا المنطلق الفكري يجعل جماعة الإخوان لا ترى الصواب إلا فيما تصنع، ولا ترى الخير إلا فيما تفعل، ولو فعل غيرها الخير والصواب فلن يقبلوا به، فهو إما جاهل أو خائن أو عميل! تمامًا مثل ما قال عصام تليمة: "إن الدستور لو احتوى على البخاري ومسلم فإنه يرفضه!".

لقد ظلت جماعة الإخوان لعقودٍ تتخذ القضية الفلسطينية قضيتها الأساسية وعمود خيمة أنشطتها الطلابية والدعوية والسياسية، وكانت القضية الفلسطينية تجمع للإخوان المحبين والداعمين والمتعاطفين، وكانت الجماعة تستغل القضية الفلسطينية في الهجوم على السلطة وعلى الحكام العرب، وعلى جامعة الدول العربية، وعلى كل قرار يصدر ولم تشارك فيه جماعة الإخوان، فكانت تضرب الجمع من العصافير بالحجر الواحد؛ فتروج لنفسها وتجمع الدعم والأتباع، وفي نفس الوقت تشوه الأنظمة والقيادات، وتزيد الفجوة بين الحكام والشعوب؛ تمهيدًا أن تنتظر الشعوب جماعة الإخوان، والتي صورت نفسها أنها وحدها من تملك الحل للأزمات الاقتصادية والسياسية.

إن المظاهرات الأخيرة الداعمة لفلسطين وأهل غزة، والتي خرجت لها جموع الشعب المصري لم تدعُ لها جماعة الإخوان، ولن تعود عليها بالتعاطف أو الدعم، وليس هذا فحسب، بل سمحت بها ودعمتها السلطات المصرية، فهي بذلك لن تُستغل في تشويه السلطة، بل ستساهم في تحسين صورة السلطة عند الشعب، وأنها تعزف على نفس الأوتار التي يحبها الشعب وتستجيب لنداءاته.

لذلك كان خيار الإخوان في التعامل مع تلك المظاهرات هو التقليل من شأنها، واتهام مَن قام بها بالعمالة والخيانة، في محاولة لتقليل المصالح المترتبة عليها للشعب وللقوى الداعية لها وللسلطة كذلك، وفجأة بعد أن كان النزول لمظاهرات "الاتحادية" إبان حكمهم، ولمسيراتهم ولرابعة وللمظاهرات التي تلتها = واجبًا، ومَن لم يشارك فيه فقد خان دينه وأمته! أصبحت المشاركة في مظاهرات دعم فلسطين بلا فائدة وليست ذات جدوى، بل والداعون لها عملاء لليهود!

ثم وجدت جماعة الإخوان ضالتها في عشرات ممن هتفوا بهتافات غير التي خرجت المظاهرات من أجلها، فنست جماعة الإخوان فلسطين والقضية الفلسطينية وغزة والعدوان الإسرائيلي المجرم، وأمسكت في هتافات وبعض الصور للقبض على متظاهرين حاولوا الانحراف بالهدف من المظاهرات، وركَّز إعلام الإخوان عليها لتحقيق نصر سياسي رخيص في وقت تئن فيه الأمة.

إن موقف الإخوان هذا فشل ينضم لقائمة الفشل التي امتلأ بها كتاب قيادات الإخوان، فكل محب لدينه وبلده سيترسخ عنده: أن الإخوان جماعة منغلقة على أفرادها وفكرها، ضيقة الأفق يصعب التعاون معها؛ إما أن توافقها فستدافع عنك وستذكرك بالخير على المنابر، ولو كنتَ "حسن نصر الله"! وإما أن تخالفها فستكون عميلًا خائنًا، ولو كنت عضوًا سابقًا في مكتب الإرشاد، وما "أبو الفتوح" منا ببعيد!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 


الكلمات الدلالية