الجمعة، ٢٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٣ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (142) بشرى الملائكة لإبراهيم بإسحاق -صلى الله عليهما وسلم- وبهلاك قوم لوط وجداله فيه (9)

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (142) بشرى الملائكة لإبراهيم بإسحاق -صلى الله عليهما وسلم- وبهلاك قوم لوط وجداله فيه (9)
الأربعاء ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - ٠٨:٥٨ ص
54

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (142) بشرى الملائكة لإبراهيم بإسحاق -صلى الله عليهما وسلم- وبهلاك قوم لوط وجداله فيه (9)

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

فقال الله -تعالى-: (‌وَلَقَدْ ‌جَاءَتْ ‌رُسُلُنَا ‌إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ . فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ . وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ . قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ . قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ . إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ . يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ(هود: 69-76).

في قوله -تعالى-: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ . إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) فوائد:

الأولى: جواز وقوع الروع والخوف على الأنبياء؛ وذلك للطبيعة البشرية، ثم إنهم يفوِّضون أمرهم إلى الله، ويحتسبون الأمر عنده ويتوكلون عليه فيذهب عنهم ذلك، أن يكونوا قدوة للمؤمنين عبر الزمان في ماذا يصنعون إذا أصابهم الروع.

الثانية: قوله -تعالى-: (وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى) فيه: استحباب الاستبشار بفضل الله -تبارك وتعالى-، ونعمه الدينية والدنيوية، فالدنيوية: في وجود الولد بعد حصول السؤال، والدينية: أنه غلام عليم، ونبي من الصالحين، وأنه يكون من أئمة الهدى هو وابنه يعقوب، وذلك في حياة إبراهيم، ولا شك أن القلب المؤمن يسعد بنعم الدِّين والدنيا والآخرة.

الثالثة: مجادلة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- في قوم لوط، قد ذكر المفسرون فيها: أنه سأل الملائكة: هل تعذبون قرية بها مائة من المؤمنين؟ وظل يتنزل معهم إلى أن قال: هل تهلكون قرية فيها واحد من المؤمنين، قالوا: لا، قال: إن فيها لوطًا؛ كل ذلك أنه يريد أن لا ينزل العذاب بهؤلاء القوم المجرمين الطغاة المفسدين، ومع أن هذا لم يكن مستجابًا عند الله -سبحانه وتعالى-؛ إلا أن الله مدح إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- بهذه الصفات أنه: "حليم، أواه، منيب".

وهذه الصفات الثلاثة يحبها الله، حتى ولو وقع الحلم فيمَن سبق من الله -عز وجل- عذابه وهلاكه، ولكن الله يحب مَن يحلم على عباده، وهو -عز وجل- الذي يفعل ما يشاء، وهو -سبحانه وتعالى- يحب المتضرع الدَّعَّاء، والله -عز وجل- يستجيب لمن شاء فيمن شاء، قد يقبل الله -عز وجل- دعاء نبي أو صالح في كافر فيهديه وقد لا يقبل، لعلمه بالمهتدين، وقد يقبل الله دعاء نبي أو صالح في هلاك قوم وقد لا يقبل؛ فإنه -سبحانه وتعالى- أعلم بمن ضلَّ عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين.

فلذلك وجود الصفات القلبية هو الأمر المقصود الذي ننتفع به في هذه المواقف، وأعمال القلوب دائمًا مقدمة على أعمال البدن، والصفات الخُلُقية التي اتصف بها الأنبياء ليكونوا قدوة للعالمين.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة