الخميس، ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

أثر الدعاء في النصر على الأعداء (1)

أثر الدعاء في النصر على الأعداء (1)
الأربعاء ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣ - ٠٧:٤٢ ص
91

أثر الدعاء في النصر على الأعداء (1)

كتبه/ السيد مختار البنا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن للدعاء أثرًا ودورًا كبيرًا في النصر على الأعداء، ولا ينبغي لنا إهماله أو التغافل عنه؛ لا سيما إذا كان الإنسان لا يمتلك من الأسباب الشرعية إلا هو، وإليك -أخي الكريم- أمثلة من تاريخ المجاهدين التي تبرز لك أهمية الدعاء، وأثره البالغ في النصر على الأعداء.

1- فها هو طالوت وجنده قبل بداية المعركة؛ قال الله -تعالى- عنهم: (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين(البقرة:250)، وبعد هذا الدعاء، كان الجواب من الله: (‌فَهَزَمُوهُمْ ‌بِإِذْنِ ‌اللَّهِ ‌وَقَتَلَ ‌دَاوُودُ ‌جَالُوتَ(البقرة: 251)، وكان النصر حليفهم حين دعوا الله وتوكلوا عليه.

2- وها هو الغلام المؤمن صاحب الملك الكافر حين اكتشف أمره، وعلم أنه موحد، أراد أن يفتنه عن دينه، ويخيفه بجنده، ولكن هيهات فإنَّ مع الغلام سلاحًا لا ينفد، وكنزًا لن يفقد؛ إنه الدعاء، فحين أراد جنود هذا الطاغية أن يلقوه من فوق الجبل إلى هاويته، نطق الغلام بكل مسكنة وافتقار للملك القهار: "اللهم اكفنيهم بما شئت"، فسقط الجنود من فوق الجبل وكانوا في الهاوية، بل في القاع، ويمضي ذلك الغلام شامخًا بإيمانه إلى الملك الكافر، ليعلمه دروسًا في التوحيد مِن: التوكل على الله، والاستعانة به، وعدم الخوف إلا منه، إلى غير ذلك، لكن الطغاة متكبرون، ولا يسمعون داعي الإيمان، فما كان من ذلك الملك إلا أن أمر جنده بأن يذهبوا بذلك الغلام في إحدى السفن فإذا توسطت السفينة في البحر، ألقى الجنود ذلك الغلام ليتخلصوا منه، وحين أرادوا أن يفعلوا ذلك بعد أن توسطت بهم السفينة في البحر، إلا ويطلق الغلام سلاحه على أعدائه: "اللهم اكفنيهم بما شئت"، واستجاب الله الدعاء، وقلب السفينة بمن فيها من جند الطاغوت، ونجا ذلك الغلام المؤمن من مكر الكافرين، والقصَّة معروفة، ومن أراد المزيد فليقرأ تفاسير العلماء لسورة البروج.

3- وهذا المثنَّى بن حارثة الشيباني في وقعة البويب في السنة الثالثة عشرة من الهجرة يدعو له المسلمون، والجند المقاتلون، بأن ينصره الله على أعدائه، ويكفيه شرهم، وكان النصر له في آخر المطاف (انظر: معارك المسلمين في رمضان للدكتور: عبد العزيز العبيدي).

4- وتأمل قصة النعمان بن مقرن في سنة إحدى وعشرين، فبعد أن تحصن الفرس بخنادقهم، وطال حصار المسلمين لهم، استشار النعمان قادته، فأشاروا عليه باستدراج الفرس والتظاهر بالهروب حتَّى إذا ابتعد الجند عن حصونهم وخنادقهم نشبت المعركة، ووافق النعمان على الخطة، وقال لهم: إني مكبر ثلاثًا، فإذا كان الثالثة فابدؤوا بالقتال، وهنا لم ينس النعمان الاتصال الروحي مع الله، فقد ذهب النعمان إلى أحد الأمكنة ودعا الله قائلًا: "اللهم اعزز دينك، وانصر عبادك، اللهم إني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الإسلام، واقبضني شهيدًا"، وبكى الناس مع النعمان وابتهلوا إلى الله وتضرعوا، واستجاب الله دعاءهم فنصرهم على عدوهم نصرًا عظيمًا، واستجاب الله دعاء النعمان بن مقرن، فكان أول قتيل من المسلمين على أرض المعركة ـرضي الله عنه-. (البداية والنهاية).

5- واقرأ ما فعله حبيب بن مسلمة ـرضي الله عنهـ حين أمِّر على جيش، فلمَّا أتى العدو قال: سمعت رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ يقول: "لا يجتمع قوم فيدعو بعضهم ويؤمِّن بعضهم إلا أجابهم الله -تعالى-" ثمَّ إنَّه حمد الله وأثنى عليه، وقال: "اللهم احقن دماءنا، واجعل أجورنا أجور الشهداء"، فبينما هم كذلك إذ نزل أمير العدو، فدخل على حبيب بن مسلمة سُرَادقَه، وسلَّم إليه بدون حرب" (أخرجه البيهقي والطبراني).

6- وأنعم النظر في قصَّة قتيبة بن مسلم مع محمد بن واسع، فقد ذكر ابن الجوزي في (صفة الصفوة) أنَّه كان مع قتيبة بن مسلم في معركته الإمام محمد بن واسع، وقد كان قتيبة بن مسلم صاحب خراسان، وكانت الترك قد خرجت إليهم فبعث قتيبة إلى المسجد لينظر من فيه، فقيل له: ليس فيه إلا محمد بن واسع رافعًا إصبعه، فقال قتيبة: "إصبعه تلك أحبُّ إلي من ثلاثين ألف شاب طرير!".

وفي (سير أعلام النبلاء) قال قتيبة بن مسلم: "تلك الإصبع أحب إليَّ من مائة ألف سيف شهير، وشاب طرير!"؛ فتأمل دعاء الإمام محمد بن واسع وقت المعركة، وحب القائد قتيبة بن مسلم لدعائه ذاك، بل تفضيله لدعائه على وجود ألف شاب مقاتل!

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة