الأربعاء، ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠١ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

شريعة الإسلام كاملة وكفيلة بالسياسة العادلة (5) ماهية السياسة الشرعية وضوابطها التي تميزها عن غيرها من السياسات (١)

شريعة الإسلام كاملة وكفيلة بالسياسة العادلة (5) ماهية السياسة الشرعية وضوابطها التي تميزها عن غيرها من السياسات (١)
الأربعاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٣ - ١٦:٤٨ م
54

شريعة الإسلام كاملة وكفيلة بالسياسة العادلة (5) ماهية السياسة الشرعية وضوابطها التي تميزها عن غيرها من السياسات (١)

كتبه/ طارق علي السيد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد عرف المقريزي السياسة بأنها: (القانون الموضوع لرعاية الآداب والمصالح وانتظام الأحوال) (الخطط).

وعرف طاشكبري زاده علم السياسة بأنه: (علم يعرف منه أنواع الرياسات والسياسات والاجتماعات المدنية) (مفتاح السعادة ومصباح السيادة).

وقد ذكر أبو البقاء في (الكليات)، والتهانوي في (كشف اصطلاحات الفنون) كلامًا يتضح لنا منه أن أنواع السياسات كالتالي:

السياسة المطلقة: إصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في العاجل والآجل على الخاصة والعامة في ظواهرهم وبواطنهم، وهي إنما تكون من الأنبياء، وتسمي سياسة مطلقة؛ لأنها في جميع الخلق وفي جميع الأحوال، أو لأنها مطلقة أي: كاملة من غير إفراط وتفريط.

السياسة المدنية: إصلاح معاملة عامة الناس فيما بينهم، ونظمهم في أمور معاشهم، وهي من السلاطين وأمرائهم على الخاصة والعامة، ولكن في ظواهرهم فقط؛ لذا فهي لا تكون إلا منجية في العاجل فقط، وهو ما يطلق عليه في عصرنا باسم السياسة الوضعية، أي: إنها من وضع البشر، وكان عمادهم فيها العرف والعادة، والتجارب والأوضاع الموروثة.

السياسة النفسية: تهذيب نفوس الناس واستصلاح بواطنهم، وهي من العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، على الخاصة في بواطنهم لا غير، أي: لا تكون على العامة؛ لأن إصلاحهم مبني على الشوكة الظاهرة والسلطنة القاهرة، وأيضًا لا تكون على الخاصة في ظواهرهم؛ لأنها أيضًا منوطة بالجبر والقهر.

السياسة البدنية: تدبير المعاش بإصلاح أحوال الجماعة خاصة أو عامة على سنن العدل والاستقامة، وهي داخلة في السياسة المدنية.

وعلى هذا فإنه يتبين من التعريفات السابقة للسياسة أن أي قانون يوضع لرعاية الآداب والمصالح في المجتمع فهو سياسة؛ سواء أكان من وحي الله أو من وضع البشر، وسواء أكان من سلطة الأنبياء أو السلاطين أو العلماء، وسواء أكان وضع للناس عامة أو لجماعة منهم خاصة، وسواء أكان قانونًا ظالمًا أو عادلًا؛ ولهذا قسَّم المقريزي السياسة بعد أن عرفها إلى قسمين، فقال: "والسياسة قسمان: سياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر، فهي من الأحكام الشرعية، والنوع الآخر: سياسة ظالمة؛ فالشريعة تُحَرِّمها" (الخطط).

ونجد كثيرًا من متقدمي الفقهاء يسمون السياسة العادلة التي هي من الأحكام الشرعية بالسياسة الشرعية، وقد تبعهم في ذلك الفقهاء المعاصرون، وهنا سؤال مهم: ما حقيقة السياسة الشرعية وكيف تتميز عن غيرها من السياسات؟

نستكمل الكلام عن ذلك في المقال القادم -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة