الجمعة، ٢٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٣ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

منظور الحرب في الإسلام (خطبة مقترحة)

منظور الحرب في الإسلام (خطبة مقترحة)
الأحد ١٤ يناير ٢٠٠٧ - ١٥:٥٦ م
22

منظور الحرب في الإسلام (خطبة مقترحة)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

مقدمة وتمهيد:

جاء الإسلام ينظم حياة البشر لا الملائكة، والبشر فيهم الخير والشر.

ولم يكن الإسلام داعيًا إلى الاستسلام للظلم والظالمين، ولم يكن داعيًا إلى الظلم والوحشية والانتقام.

اعترف الإسلام بالحرب؛ لأن طبيعة البشر فيها التنازع، ولابد من المدافعة: قال -تعالى-: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (البقرة:251)، وقال -تعالى-: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) (الحج:40).

قواعد وأصول يعتمد عليها الإسلام في منظوره للحرب

1- الحرب لا تكون إلا لأجل الغاية العظيمة النبيلة:

قال الله -تعالى-: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (الأنفال:39)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ على الله) (متفق عليه)، وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (متفق عليه).

2- الحرب في الإسلام وسيلة لا غاية:

قال الله -تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل:125)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) (متفق عليه).

تشريعات في الإسلام لمعالجة المرحلة التي بيْن الدعوة والحرب

ومِن ذلك:

أ- تشريع المصالحة والمسالمة والمناصحة لمصلحة راجحة:

- ومِن أمثلته: "صلح الحديبية": قال -صلى الله عليه وسلم- فيه: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا) (رواه البخاري).

- ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- حصن الطائف وقد حاصره أربعين يومًا: حيث إنه استشار أحد خبراء العرب في الحرب، فقال له: "يا رسول الله، ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لا يضرك"، فأمر النبي -صلى الله عليه سلم- بالرحيل والترك.

- تشريع الجزية: قال الله -تعالى-: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29).

3- الحرب في الإسلام عدل ورحمة وسماحة:

- عدل الإسلام في مقابلة كيد الكافرين: قال الله -تعالى-: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة:190).

- عدل الإسلام في الدفاع عن المظلومين: قال الله -تعالى-: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء:75).

- رحمة الإسلام في الحرب: كان -صلى الله عليه وسلم- يقول لقواده: (اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا... ) (رواه مسلم).

4- الإسلام والحرب النبيلة النظيفة:

- دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة، وموقف أهل مكة منه، وإجباره على الهجرة، ثم حربهم عليه في المدينة، كيف كان موقفه منهم لما فتح مكة؟!

- معاملة الإسلام للأسرى.

- قصة إسلام ثمامة بن أثال -رضي الله عنه-، وقد كان أسيرًا عند المسلمين.

صلاح الدين الأيوبي يفتح بيت المقدس، فيحسن في مائة ألف أسير ويترك أكثر، ويمن بالمال على الثكالى.

- محمد الفاتح يحسن إلى أهل القسطنطينية بعد فتحها، وينتخب لهم بطـْريقًا يحكم في شئونهم.

5- أعداء الإسلام والحرب القذرة:

- الصليبيون يقتلون مائة ألف مسلم في معرة النعمان في الشام بعد تأمينهم بالعهد، ومثلهم في المسجد الأقصى بعد ما أعطوا العهد.

- الجنود الروس يلقون بملابس النساء الأفغانيات من الطائرات على رؤوس المسلمين.

- الحرب الصليبية في البوسنة، وجرائم الحرب التي لا تعد.

- اليهود يدفنون آلاف الأسرى المصريين أحياءً في صحراء سيناء.

- اليهود يرتكبون المجازر المتتالية ضد المسلمين في فلسطين، ولبنان، وغير ذلك.

أمريكا وتدمير العرق وأفغانستان من خلال أبشع جرائم الحرب.

وحسبنا الله ونعم الوكيل.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة