السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

بئس للظالمين بدلًا

بئس للظالمين بدلًا
الأحد ٠٧ يناير ٢٠٢٤ - ٠٩:٤٤ ص
72

بئس للظالمين بدلًا

كتبه/ وائل عبد القادر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فمن القضايا التي عالجها الإسلام معالجة مستفيضة، وأطال الاستدلال عليها من الكتاب والسنة، قضية (الولاء والبراء)؛ نظرًا لخطورتها وأهميتها البالغة، ورغم هذه الوفرة في الأدلة؛ إلا أنه كثر وقوع الخلل والقصور في فهمها، أو في تناولها وتأصيلها.

وقد فتح الله -تعالى- على علمائنا في تأصيل هذه القضية، وفهم النصوص فيها فهمًا نقيًّا صافيًا، بعيدًا عن طرفي النقيض، أي: دون غلو، ولا جفو.

وبعيدًا عن الخوض في هذا التأصيل، نتناول الموضوع من زاوية محددة يستعمل فيها القرآن لغة العقل مع المخالف؛ ليقيم عليه الحجة البالغة، والبرهان القاطع على ظلمه وغيه؛ قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ ‌فَإِنَّهُ ‌مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(المائدة: 51).

والآية صريحة جدًّا في نهي المؤمنين عن ولاية اليهود والنصارى، والسبب مصرَّح به في الآية، وهو أن بعضهم يوالي بعضًا، كذلك ما أخبر به القرآن عن العداوة الشديدة من اليهود للمسلمين حيث قال -تعالى-: (‌لَتَجِدَنَّ ‌أَشَدَّ ‌النَّاسِ ‌عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا(المائدة: 82).

فقد أخبرنا الله -تعالى- بعداوة اليهود الشديدة للمؤمنين، والعقل السديد يجزم أنه لا يصلح أبدًا، ولا يعقل البتة أن يتخذ الإنسان عدوه وليًّا يحبه أو يناصره في حربه ضد المسلمين، أو يرضى بما هو عليه من الكفر أو يطيعه، أو يتبعه في كفره... إلى غير ذلك.

فهذا من باب (وضع الشيء في غير موضعه)؛ لذا ختمت الآية بقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)؛ فهذا هو الظلم بعينه، وهو وضع الشيء في غير موضعه، حيث كان الواجب أن يتخذ الإنسان عدوه عدوًّا له، لا أن يتخذه وليًّا على نحو ما ذكرنا.

وذات المحاجة العقلية يستعملها القرآن عندما تكلَّم عن ولاية الإنسان للشيطان، قال -تعالى-: (‌وَإِذْ ‌قُلْنَا ‌لِلْمَلَائِكَةِ ‌اسْجُدُوا ‌لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا(الكهف: 50)، فالله -تعالى- قد أنبئنا في القرآن عن عداوة الشيطان، (‌إِنَّ ‌الشَّيْطَانَ ‌لَكُمْ ‌عَدُوٌّ ‌فَاتَّخِذُوهُ ‌عَدُوًّا(فاطر: 6)، وأمرنا أن نتخذه عدوًّا؛ لا أن نتخذه وليًّا، فكان من خبل العقول وخبث النفوس أن يتخذ الإنسان عدوه من الجن وليًّا له فيطيعه في معصية الله، ويتبعه فيما يوسوس له به من الشر، وغير ذلك؛ فهذا أيضًا من باب وضع الشيء في غير موضعه؛ لذا ختمت الآية بقوله -تعالى-: (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا).

فبئس القوم الظالمين الذين اتخذوا اليهود أولياء في حربهم مع المسلمين، فهؤلاء على الحقيقة قد اتخذوا أيضًا الشياطين أولياء بدلًا من ولاية الولي الحميد -جل وعلا-، فنعوذ بالله -تعالى- من موالاة أعدائه، ومن بغض ومحاربة أوليائه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة