الثلاثاء، ٢٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٧ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

عقيدة السلف في الصفات ... شرح المنة (11)

عقيدة السلف في الصفات ... شرح المنة (11)
الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠٠٧ - ١٤:٥٤ م
12

عقيدة السلف في الصفات ... شرح المنة (11)

التعبد لله باسمه الباطن والظاهر

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

قال ابن القيم -رحمه الله- في كلامه عن التعبد لله -سبحانه- باسمه الظاهر:

وأما التعبد باسمه الباطن فإذا شهدت إحاطته بالعوالم وقربَ البعيد منه وظهورَ البواطن له وبدوَّ السرائر له وأنه لاشيء بينه وبينها فعامله بمقتضى هذا الشهود ، وطهر له سريرتك فإنها عنده علانية وأصلح له غيبك فإنه عنده شهادة ، وزَكِّ له باطنك فإنه عنده ظاهر ... » ا.هـ ([1]<1>)

وقال ـ رحمه الله ـ : « فمن شهد مشهد علو الله على خلقه وفوقيته لعباده واستوائه على عرشه كما أخبر به أعرف الخلق وأعلمهم به الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- ، وتعبد بمقتضى هذه الصفة بحيث يصير لقلبه صمد يعرج القلب إليه مناجياً له مطرقاً واقفاً بين يديه ، وقوف العبد الذليل بين يدي الملك العزيز ، فيشعر بأن كلمه وعمله صاعد إليه معروض عليه مع أوفى خاصته وأوليائه ، فيستحى أن يصعد إليه من كلمه ما يخزيه ويفضحه هناك ، ويشهد نزول الأمر والمراسيم الإلهية إلى أقطار العوالم كل وقت بأنواع التدبير والتصريف ـ من الإماتة والإحياء والتولية والعزل والخفض والرفع والعطاء والمنع وكشف البلاء ، وإرساله وتقلب الدول ومداولة الأيام بين الناس ـ إلى غير ذلك من التصرفات في المملكة التي لا يتصرف فيها سواه ، فمراسمه نافذة كما يشاء (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (السجدة:5)، فمن أعطى هذا المشهد حقه معرفة وعبودية استغنى به .

وكذلك من شهد مشهد العلم المحيط الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السموات ولا في قرار البحار ولا تحت أطباق الجبال ، بل أحاط بذلك علمه علماً تفصيلياً ثم تعبد بمقتضى هذا الشهود من حراسة خواطره وإرادته وجميع أحواله وعزماته وجوارحه ، علم أن حركاته الظاهرة والباطنة وخواطره وإرادته وجميع أحواله ظاهرة مكشوفة لديه علانية له بادية لا يخفى عليه منها شيء .



([1]<1>) طريق الهجرتين (1/47-49).


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة