الأحد، ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الإصرار على المعاصي

الإصرار على المعاصي
الأربعاء ٠٥ سبتمبر ٢٠٠٧ - ١٧:٢٣ م
13

الإصرار على المعاصي

كتبه/ أحمد شكري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فإن أعظم الثمار المترتبة على الصيام وغيره من العبادات هي تحصيل معني التقـــــــــوى في القلب قــال -تعــالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)

فإذا الإنسان أصر على معصيته فإنه يحرم نفسه من هذه الثمرة، فقد قرر الله -عز وجل- أن من صفات المتقين عدم الإصرار على المعاصي قال -تعالى-: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:133-134)

إن المؤمن ليصل بتقواه وخوفه من ربه ومراقبته له، وبعده عن المعاصي إلى أعلى مقامات العبودية، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اجتنب محارم الله تكن أعبد الناس)، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "من سره أن يسبق الدائب المجتهد فليترك ما حرم الله عليه"، وليست الذنوب والمعاصي إلا كالسرطان في قلب الإنسان لابد من إزالته بالكلية، أما التوبة من بعض الذنوب مع العزم على فعل بعضها والإصرار على عدم التوبة منها فإنه كإزالة جزء من الورم السرطاني وترك الباقي، فما يلبث أن يكبر ويهلك صاحبه، والعياذ بالله.

ولذلك كان من برنامج فضيلة الشيخ / محمد بن إسماعيل -حفظه الله- في الاستعداد لرمضان الكلام على موضوعين الأول: هو خطورة التليفزيون، والثاني: هو خطورة اللسان، مشيراً بذلك إلى أن أهم ما يستقبل العبد به رمضان هو التوبة النصوح، والإقلاع الكامل عن الذنوب والمعاصي.

وإفراغ القلب من الإصرار على أي منها فإنه بذلك ينتفع بطاعته وعبادته، أما المصر فإن الذنوب تغلف قلبه، فلا تنفذ إليه الطاعة ولا تغيره، كما قال -تعالى-: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)، ولذلك نحتاج على عتبات رمضان لوقفة محاسبة نكتشف فيها عيوب أنفسنا، ونعرض أعمالنا على ميزان الكتاب والسنة، ونتبعها توبة عامة شاملة، وندعو بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله أوله وأخره صغيره وكبيرة)

وينبغي التنبيه هنا  أن لبعض الذنوب أثر أكبر من بعض في طمث البصيرة، ومنع ثمرة العبادة، فمثلاً الذنوب المتعلقة بالشهوات -أعني شهوة النساء-، فالصيام إنما شرع لكسر الشهوة، فلو صام عبد وهو مصر على ذنب من هذه الذنوب، فإنما يحرم نفسه من هذه الثمرة، وكذلك اللسان فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جعل معاصي اللسان خاصة من موانع الاستفادة من عبادة الصيام فقال -صلى الله عليه وسلم-: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يضع طعامه وشرابه) ويدخل فيه دخولاً أولياً الغيبة، وأخطرها الوقوع في أعراض العلماء والدعاة إلى الله نسأل الله العافية.

وكذلك من أخطر المعاصي وأعظمها أثراً في منع ثمرة العبادة أكــــــــــل الحــــــــــرام

كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)، فمن أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى، ومن أكل الحرام عصى الله شاء أم أبى.

وبالجملة فإن معصية الله لها أثر ولا شك  في إبعاد الإنسان عن أهدافه، وتعطيل سيره في طريقه عن ربه -سبحانه وتعالى-.

ولذلك كان أبو هريرة -رضي الله عنه- وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد قالوا: "نحفظ صيامنا"، وقال أبو ذر -رضي الله عنه-: "إذا صمت فتَحَفََّظ ما استطعت".

نسأل الله العليّ القدير أن يتوب علينا لنتوب، كما نسأله -سبحانه- أن يعزنا بطاعته وأن لا يزلنا بمعصيته.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة