الجمعة، ١٠ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ١٧ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

حول أزمة المسجد الأحمر في باكستان

حول أزمة المسجد الأحمر في باكستان
الأربعاء ١٢ ديسمبر ٢٠٠٧ - ١٩:٤١ م
14

السؤال:

نرجو من فضيلتكم التعليق على أزمة المسجد الأحمر؟ وهل ما فعله "عبد الرشيد غازي" في الخروج على "برويز مشرف" كان صحيحًا وجائزًا؟ وهل ما فعلته الحكومة في قتالهم في المسجد وقتلهم لغازي وتلاميذه يعتبر من باب قتال الخارجين على الإمام؟ نرجو التفصيل في هذه المسألة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأولاً لا بد مِن النظر في مثل هذه الأمور إلى عدة مسائل، منها: "أمر المصلحة والمفسدة"، ومنها: "أمر القدرة والعجز"، ومنها: "اعتبار الضرر الخاص والضرر المتعدي"، فلو وجد منكر؛ فلا يجوز إزالته بمنكر أعظم؛ وذلك لأن المقصود إزالة منكرات الشرع كلها، والله -عز وجل- لا يحب الفساد، ولا يحب المفسدين.

فإذا ترتب على إنكار منكر فساد أعظم كان ذلك مما لا يحبه الله-عز وجل-، والموازنة بين المصالح والمفاسد إنما تكون بميزان الشريعة، ولا شك أن سفك الدماء المعصومة مع بقاء المنكرات كما هي؛ فيه عدم تقدير للمصالح والمفاسد، والقدرة والعجز، فليس كل ما نتمناه نقدر عليه، فإذا كان الإنسان سيؤدي بعمله إلى ضرر متعدٍ؛ فذلك لا يجوز له، والله أعلى وأعلم.

ثم إذا كان الخارج على الحاكم المسلم ينقم أمرًا معينًا فلا يجوز له الخروج لمجرد وجود المعاصي والمنكرات طالما كان الحاكم قائمًا بأمر الله -سبحانه وتعالى- ولو خالفه في بعض المعاصي، لكن قتال الحاكم للخارج عليه لا بد أن يكون بعد إزالة ما نقمه إذا كان مخالفًا للشرع، فلا يجوز أن يقاتله مع بقائه على ظلمه؛ فلا يعان في تلك الحالة، وإن كان الخارج الذي يفسد أكثر مما يصلح أيضًا مخطئًا، فقد سُئل الإمام مالك -رحمه الله- عمن يخرج على أئمة الجور والظلم، فقال: "دعه، ينتقم الله مِن ظالم بظالم، ثم ينتقم منهما جميعًا".

فلا يجوز لنا أن نغيِّر المنكر بمنكر أعظم، ولا يجوز لنا أن نغير المنكر بمنكرات متعدية على غيرنا مِن المسلمين آحادهم وعامتهم، وإن كان الحاكم الذي خرج عليه بعض الخارجين بغاة عليه، لا يجوز له أيضًا أن يقاتلهم حتى يزيل ما ينقمون عليه من مخالفة الشرع، فموقف المسلم في مثل هذا نصح المسلمين لمراعاة ما ذكرنا من القواعد، وضبط الأمور بميزان الشريعة بالرجوع إلى العلماء، والحرص على دماء المسلمين وعوراتهم وحرماتهم كلها.

وفي نفس الوقت ننصح كل مَن تولى أمرًا مِن أمور المسلمين بالالتزام بالشرع في رعيته، وأن يتقي الله -سبحانه وتعالى- بإقامة الدين فيهم، وتولي أمرهم بالإصلاح، وليس بمجرد الملك والرياسة يتسلط عليهم بأنواع التسلط، مع التنبيه إلى أن الحكم بشرع الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يقي الأمة كل هذه المنكرات، وأن تحكيم غير شرع الله -عز وجل- مِن أعظم أسباب الفساد للأمة، ولكن لا يُغير منكر بمنكر أعظم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية