الجمعة، ٢٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٣ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

مسائل في تحكيم الشريعة

مسائل في تحكيم الشريعة
الخميس ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٧ - ٢٠:٣٢ م
17

السؤال:

- الآيات المستدل بها في الحاكمية كلها في من حرم حلالاً أو أحل حرامًا، وأما آية المائدة فهي في اليهود، فهل لو زالت المواد التي تحل الحرام وبقيت المواد الأخرى مثل سجن السارق، وسجن الزاني، وقتل القاتل ولكن شنقـًا، فهل يكون ذلك كفرًا أكبر؟

- وإذا كان الإلزام أشد من الاستحلال فهب أن رجلاً قال لي: "إن لم تزنِ أو تسرق قتلتك"، وكان قادرًا على ذلك، وهو بهذا يكون قد ألزمني معصية ربى، ولكنه غير مستحل لذلك؛ فهل يكفر؟

- ثم نقطة أخرى، وهي أن الرجل الذي يبيح لابنته أن تكون متبرجة، فهذا قد حكم بغير ما أنزل الله، وهب أنه أمر ابنته ألا ترتدي غير تلك الملابس، فقد ألزمها بالمعصية، فهل يكفر كفرًا أكبر؟

وهناك أسطوانة فيها مقابلة مع الشيخ ابن باز وابن جبرين قال فيها الشيخ ابن باز: "إنه لا يكفر من بدل القوانين إلا أن يستحل"، فما الجواب رحمكم الله؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالإلزام في التشريع العام هو الإيجاب، ولا يشك عاقل أن من أوجب شيئًا على سبيل العموم فلابد أن يكون مستحلاً له ضمنـًا، فالإيجاب يتضمن الإباحة ويزيد عليها، والذي قال ما ذكرتُ هو الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- وكذا الشيخ العثيمين في كتابه "القول المفيد شرح كتاب التوحيد".

وهناك فرق بين من يبيح الزنا عمومًا ولا يعتبره جريمة، ومَن يُكره غيره عليه في واقعة بعينها -لغرض حقير له في ذلك مع جريمته العظيمة-، ونحن لا نقول أن كل حكم بغير ما أنزل الله -كمن يترك ابنته متبرجة- يكون كفرًا أكبر؛ ولكنه يشمل النوعين، فإن اعتقد جواز التبرج بعد قيام الحجة عليه كما ذكرت في سؤالك مِن كونه يبيح لابنته أن تكون متبرجة كان كافرًا كفرًا أكبر، أما إذا تركها تتبرج وهو يعتقد أنه حرام فهي معصية.

وتغيير حكم السارق والزاني هو من جنس ما فعله اليهود كما في سبب نزول قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة: 41).

والشريط المنسوب للشيخ ابن باز إن صح فأظن أنه كان حوله جماعة يخشى عليهم من الغلو، فكان قوله تحذيرًا لهم من الغلو، وإلا فكل يؤخذ من قوله ويترك، وليس كلام أحد من العلماء حجة بنفسه، بل هو يحتاج إلى حجة.

وهذا الذي ذكرناه في مسألة التكفير إنما هو في الحكم العام، أما الشخص المعين فلابد من استيفاء الشروط وانتفاء الموانع، وإنما يقوم بالتكفير للمعين أهل العلم وأهل القضاء الشرعي.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية