ابني يسائلني
كتبه/ عبد الرحمن العشماوي
ابني
يسائـلـنـي، والقــلب مكتـئبُ |
إلـى مــتـى هـذه الأحـوال
تـضـطــربُ؟ |
إلى
متى أمَّـتـي تبقـى
على جُـرُفٍ |
هــارٍ يحــاصـرهـا الإعــياء
والتـَّعَــبُ؟ |
إلى
متى يا أبـي تبـقـى مَـواجـعُـنا |
نـاراً مـن الحزن في الأعماق
تَلْتَهــِبُ؟ |
إذا
نـظـرتُ إلى التِّلفـاز أرْعـبـني |
طــوفـان ظـلمٍ، لـه فـي أرضـنا
صَـخَبُ |
وحين
أصغي إلى الأخبار يُلْجِمُني |
خـوفٌ، لـه فـي حنـايا مُـهجتـي
شُـعَـبُ |
فـلـسـت
أسـمـع إلا صـوتَ أمّـَتِـنا |
تَـئـِنُّ، والـمـعـتـدي
يـسـطـو ويـغـتصبُ |
ولـسـت
أُبـصـر إلاَّ وَجْـهَ طـاغـيةٍ |
لــكــلِّ فــعــلٍ مـن الـعــدوانِ
يـرتــكــبُ |
إذا
نَظَـرْتُ إلى الأقصى، رأيـتُ يداً |
لـلـمعـتـدي، بـدمـاءِ الـنَّـاس
تَـخْـتَضِـبُ |
وإنْ
نـظــرتُ إلـى آفــاقِ غــزَّتـنـا |
رأيـــتـُـهـا بـنـقــاب الـحــزنِ تَـنتْـتَـقِـبُ |
تَبيتُ
في ظلمات الحزنِ، يهجـرها |
فـي لـيلـهـا المـُدْلَـهِــمِّ
البدرُ والشـّـُهـُبُ |
وإنْ
نـظـرت إلى بغدادنا احـترقـتْ |
أوراقُ صـبـري وأَوْرى زَنْده الـغــَضـَبُ |
مـــاذا
أعــدِّد مــن أحــداث أمـتـنـا |
وكيف يَـروي الأسى مأساة مَنْ نُكِبُوا؟! |
إنــي
لأســألُ نفسي: كيف تنفعني |
هــذي الــدفــاتـرُ والأقـــلامُ
والـكـتـبُ؟! |
وكيـف
ينـفعـني تعـليمُ مَدْرستي |
وشـمس إِحسـاسـنا بالأمـنِ
تـحـتجـبُ؟ |
وكـيـف
أطـمـع فـي
تحقيق أمنيتي |
وأمـتي خَــلْـفَ بـاب الــذُّلِّ
تـنـتحــبُ؟! |
أبي
العزيزَ، أَجِبْني:
كيف تحملني |
رِجْلاي والدَّرْبُ فيه الخوفُ
والـرَّهَـبُ؟! |
أمــا
ترى يا
أبـي آفـاقَ أمَّـتـِنـا |
فيها الــدُّخــانُ، وفــي أوطـانها
الشَّغَبُ |
أمـوالُ
أمـتـنـا في
الأرض سـائحةٌ |
ونــحــن عــنـد فُـتــاتِ
الـحُـزْنِ نَحْتَرِبُ |
مستقبلي
أيُّها المحبوب
أرَّقني |
أخــاف ممـَّن بـنا فـي عــصـرنـا
لـَعِـبوا |
بُـنـيَّ
- مَهْلَك - فـالـدنيا
لها خُلـُقٌ |
مـــن التـلـوُّنِ، فــيـه
الـحــالُ تـنـقــلــبُ |
يـضيع
فيها مَنْ اغترُّوا
بزينتها |
ومـَنْ عـلى مـتـنـها نَـحْـوَ
الـرَّدَى ركبوا |
فـي
هـذه الأرض أسبابٌ
مَن انصـ |
رفوا عـنها فـلـيس لهـم فـي
نـَيْلـِها أَرَبُ |
فكم
تـَواثبَ قومٌ بعدما
عـثروا |
وكم تـعـثَّـر قـومٌ بـعـدمـا
وثـبـوا |
وكم
تمكـن قوم بعدما انهزموا |
وكـم تــضـعـضـع قـوم بـعــدما
غلبوا |
بُنيَّ
ما زال في الدنيا لذي خُلُقٍ |
مكانــةٌ تــتسـامى عـندهــا الرُّتَبُ |
ومـا
يليق بـنا يَأْسٌ ونحن عـلى |
هـــَدْيٍ مـــن الـملَّــةِ الـغـرَّاءِ
نـحـتسِــبُ |
خُذْ
يا بُنَيَّ بأسباب النجاح فكم |
نـال المجـدُّون ما رامـوا
وما طلـبوا |
صـوتُ
الهزيمةِ صوتٌ لا مكانَ له |
عنـد المـجـاهـدِ مهـما زادتِ الكُـرَبُ |
موقع أنا السلفي