الأحد، ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ماذا يريدون بالإسلام والمسلمين؟!

ماذا يريدون بالإسلام والمسلمين؟!
الخميس ٢٧ مارس ٢٠٠٨ - ٢١:٢٥ م
12

ماذا يريدون بالإسلام والمسلمين؟!

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد حمل لنا شريط الأنباء في الأيام والأسابيع الماضية جملة مِن الأحداث الجسام يعجز المرء أن يقف أمامها ساكنًا:

- أحداث حصار غزة المستمر، وغطرسة اليهود فيها.

- زيارة الرئيس الأمريكي منذ أسابيع للمنطقة وكان مِن تفاصيلها: زيارته لأكبر قاعدة بحرية للأسطول الخامس الأمريكي في "الخليج العربي" في إحدى "دويلات" الخليج، وأكبر قاعدة أمريكية لمشاة البحرية الأمريكية وغيرها مِن أسلحتهم في "دويلة لها مجاورة" منها كان الانطلاق لغزو العراق واحتلاله، ثم رقصه -أي بوش- مع بعض أمراء العرب "بالسيف" في استقبالات حافلة يتبجح فيها بأنه حامي الحمى لهذه الدول، ولن يتركها أمام "البعبع" الإيراني المصنوع.

- ساركوزي، الرئيس الفرنسي يتفق على إقامة قاعدة عسكرية فرنسية في دولة خليجية أخرى لطمأنة دول الخليج على أمنها.

- بابا الفاتيكان يـُعمِّد صحفيًّا مصريًّا كان مسلمًا ثم ارتد، وهو -أي البابا- قد أهداه أحدهم -منذ أسابيع- "سيفًا" مرصعًا بالجواهر، وتماثيل ذهبية خالصة لجمل ونخيل.  

- تدشين أول كنيسة في قطر، وخامس كنيسة في الإمارات، وغير ذلك كثير مؤلم، ووالله فوق الاحتمال.

علمونا ونحن صغار في مادة كانت تسمى بـ"التربية القومية" ثم تحولت بعد سنوات إلى "التربية الوطنية" أن القواعد الأجنبية هي "رمز الاحتلال" وأن الدولة التي بها عسكري أجنبي واحد هي دولة محتلة؛ وذلك حتى يتولى أبناؤها الدفاع عنها بأنفسهم ويرحل آخر جندي أجنبي مِن على أرضها، ولهذا قامت الثورة، ثم رأينا ونحن كبار حقيقة أن تكون الدول مستقلة بالاسم محتلة بالفعل؛ حين توجد بها القواعد الأجنبية، وتنطلق منها القوات الجرارة الهائلة لغزو الدول المجاورة دون أدنى سلطان لأصحاب الدولة التي على أرضها القاعدة. وأنى تتكلم الشاة وسط الذئاب؟!

وأنى يكون لها رأي أو قرار وهي ترى زميلاتها تذبح وتمزق أمام أعينها والدور عليها آت لا محالة، لا بل قد أتى، بل قد أُكلت؟ لكن وهي سعيدة راضية تُنتهك حرمتها، وتدنس أرضها، وتؤخذ ثرواتها، وهي تصف السعادة وتتلذذ بالعذاب -سمي عذابًا مِن عذوبة طعمه-، إلى الله المشتكى.

ألا يوجد مَن يقول لهم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الشيخ أحمد شاكر)، وأن الأمصار التي مصَّرها المسلمون لا يجوز استحداث دور الشرك فيها بإجماع العلماء؟!

ألا يوجد مَن يقول لهؤلاء أن شرع الله -سبحانه- يمنع مِن موالاة الكافرين والاستنصار بهم والاستعانة بهم "لو كانت استعانة"؟! وهي والله ليست استعانة، بل تمكين للكفار مِن بلاد المسلمين، وغشهم للمسلمين ظاهر وطمعهم في ثرواتهم وأرضهم لا يخفى على ناظر، وحربهم للإسلام وطعنهم فيه وأذيتهم للمسلمين ليل نهار ومظاهرة بعضهم لبعض على المسلمين وسكوتهم، بل وتسويغهم لمذابح المسلمين وانتهاك حرماتهم في المشارق والمغارب - معلن بلا إسرار.

أين خروج صفوان بن أمية "وهو رجل واحد" في جيش المسلمين مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في اثني عشر ألف مسلم، مِن جيوش جرارة، وأسلحة هائلة، وقواعد لا يعرف أحد -ولا مِن حق أحد أن يعرف!- ما يجري في داخلها؟! وقرارات الحرب والسلم ليست بأيدي أحدٍ مِن المسلمين! عجبًا والله ممن يستدل بهذا على هذا! إنه لأشنع مِن قياس مَن قاس البيع على الربا وأراد إلحاقه به؛ فإلى الله المشتكى.

ألا مِن ناصح يبين للقوم أن إهداء رؤوس الكفر السيف له معنى ومغزى؟! فماذا تعني هدية السيف لعدو الله؟! وماذا يعني إهداء تماثيل الذهب له؟! أهذا هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإهداء للكفار مع طعنهم في الدين وإمامتهم للكفر؟!

أما آن لدول المسلمين أن تكون لها جيوش مِن أبنائها تحميها؟!

إن تعداد دولة إسرائيل هو نحو خمسة ملايين يهودي، ومع ذلك لها جيش مِن أقوى جيوش العالم، وعندنا مِن الأموال والأنفس أضعافهم... وما زالت أرضنا تتمتع بثروات يسيل لها لعاب "ثعالب العالم"، بل "وذئابه"؛ فلماذا بعد تكوُّن دولنا واستقلالها بعشرات السنين لا يوجد لها جيوش تحميها حتى نعتمد على أعدائنا في حمايتنا؟ أيحمي الذئب الغنم؟! ولو كان مِن حاجة إلى الاستعانة؛ أفليس في جيوش بلاد المسلمين ما يكفي لهذه الحماية؟! أم أنه لا بد أن يـُعلم أن للمنطقة مِن "بعبع" مصنوع يظل على الدوام يمثـِّل خطرًا على دول المنطقة لتظل في حاجة إلى مَن يحميها مع بقائها عاجزة عن حماية نفسها؟!  

كان بالأمس "صدام" وأغروه باقتحام الكويت واحتلالها ونهبها لإقناع الشعوب "قبْل القادة" أنه خطر حقيقي، ثم بعد ذلك تأتي القوات، وتُقام الحرب ويطرد شر طردة مع بقاء القوات الأجنبية، وانسحاب الدول العربية والإسلامية التي شاركت في "تأديب البعبع"، ثم بعد ذلك جاء دور "البعبع الإيراني" النووي أيضًا كما كان صدام حسين "نوويًّا"، ثم بعد الاحتلال تبيَّن أنها تقارير خاطئة ووهمية، ولكن بعد فوات الأوان!

مع أن إيران في تحالف أكيد مع الأمريكان "في أفغانستان أولاً، وفي العراق ثانيًا"؛ لا يخفى على عاقل مهما كانت أغراض كلٍ مِن أطراف التحالف وحساباته؛ إلا أنه تحالف أُكل فيه العراق وأُطعم لقمة سائغة للرافضة مع امتصاص الأمريكان واليهود لدم الشعب العراقي وثروته البترولية وغيرها، وإطلاق يد الشيعة يعبثون كما يريدون في أرضه كلها، ويفتكون بأهل السُّنة حتى يكون الأمريكان أحسن عندهم مِن الرافضة، وأكثر مراعاة لحقوق الإنسان والحيوان كذلك! فإلى الله المشتكى.

- مجمع إسلامي "هيئة مِن أكبر الهيئات الإسلامية" يقر بتجريم توثيق عقد الزواج قبل الثامنة عشرة، ويـُعرض عليه جملة مِن القرارات المطلوب إقرارها فيرفضها الآن، وإن كان مجرد عرضها ناقوس خطر، فكما رَفض بالأمس تغيير سن الزواج ثم قَبِله؛ فالخطر مِن قبول المعروض غدًا مِن مساواة الذكر بالأنثى في الميراث، وقرار آخر بعدم تعرض الآباء والأمهات للأبناء والبنات بعد السادسة عشرة، وعدم السؤال عن مواعيد دخول وخروج البنات، وآخر يعتبر معاشرة الزوجة بغير رضاها اغتصابًا! وإقرار معاقبة الأب والأم والطبيب في جريمة ختان الأنثى -في زعمهم!- وغير ذلك مِن المعروض.

ألا مِن ناصح لمشايخ المسلمين في مجمع بحوثهم يقول لهم: خالفتم الكتاب والسنة والإجماع بإقراركم تأخير سن الزواج؟ قال الله -تعالى-: (وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ) (الطلاق:4)، فدل على أنه يصح الزواج بمَن لم تحض، والدخول بها إذا كانت مطيقة للجماع بنص القرآن -بل والتوراة تنص على مثل ذلك-، والرسول -صلى الله عليه وسلم- تزوج عائشة وهي بنت تسع سنين وعقد عليها وهي بنت ست سنين، وأجمع العلماء على أن للأب تزويج ابنته الصغيرة دون البلوغ طالما كانت مصلحتها في ذلك، نقله النووي وغيره؛ فأين هذا مِن تجريم توثيق الزواج قبْل الثامنة عشرة؟!

فليس لولي الأمر تقييد المباح مطلقًا، وإنما له ذلك إذا استعمله الناس في الحرام، فهل في الزواج المبكر -خصوصًا أن عامة فتياتنا يبلغن قبْل الثامنة عشرة- وسيلة للحرام حتى يقيَّد؟! أم أن هذا موافقة لأعداء الإسلام في إغلاق أبواب الحلال مع فتح أبواب الحرام؟! ففي الوقت الذي يريدون فيه رفع سن الزواج يريدون منع الآباء والأمهات مِن التعرض للأبناء والفتيات بعد سن السادسة عشرة! ومعلوم أنواع الفتن في كل المجتمعات ووسائل الإعلام.

أما لنا عظة في إحصائيات القوم؟!

نشرتْ دراسة أمريكية نتائج بحثها عن الأمراض الجنسية المنتشرة بيْن فتيات أمريكا مِن سن 14 إلى سن 19 سنة، وفيها أن واحدة مِن كل أربع فتيات أمريكيات "25%" مصابة بمرض جنسي معدٍ؛ فكم يا ترى نسبة مَن مارست الجنس في هذا السن دون أن تصاب أو أنها أخذت احتياطيات صحية لمنع الانتقال؟!

- نُشرتْ هذه الدراسة في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، ونشر مركز إحصاء فرنسي أن أكثر مِن نصف مواليد فرنسا عام 2007م هم لآباء وأمهات غير متزوجين -لفظ مخفف لكلمة أولاد زنا!- وهذا بسبب قلق السلطات الفرنسية؛ لأن النشأة في بيئة غير أسرية مستقرة تسبب أمراضًا نفسية، وشخصيات غير سوية؛ مما يؤدي إلى مخاطر اجتماعية ومشكلات في المستقبل.

أما آن لنا أن نعلم ماذا يريدون بمجتمعات المسلمين وشبابهم وبناتهم! إلى الله المشتكى.

كلمات ضاق بها الصدر، وكان في القلم متنفسٌ... ولكن هل يكفي الزفير؟!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة