الاثنين، ١٣ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

حكم استخدام بعض أساليب البرمجة العصبية في حفظ القرآن

حكم استخدام بعض أساليب البرمجة العصبية في حفظ القرآن
الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٠٨ - ١٦:١٦ م
17

السؤال:

انتشر مؤخرًا ما يُسمى بالحفظ السريع للقرآن أي في مدة زمنية قصيرة كشهر أو 45 يوم أو ثلاثة أشهر باستخدام بعض علوم النفس الغربية، مثل البرمجة اللغوية العصبية، والعلاج بخط الزمن والإيحاء، وغيرها من هذه العلوم، وهذه المدارس لها أشخاص جربوا هذا ونجحوا فيه، فما هو حكم الدين في الحفظ بهذه الطرق؟ علمًا بأن أساليب البرمجة اللغوية العصبية قد أفتى الكثير من العلماء بتحريمها؛ لأنها تعتمد على فلسفات غريبة، منها فلسفة وحدة الوجود.

وهذا مثال لسيدة حفظته في 45 يوم، وهذا تلخيص سريع لقصة نجاح "أم الهدى الربيعي" في حفظ كتاب الله في 45 يومًا، وقد كان الهدف من هذا التلخيص هو شحذ همتي وهمم إخوتي؛ للبدء فعليًّا على خطا مَن وفقهم المولى لحفظ كتابه، ونسأل الله العلي القدير أن يكتب لنا التوفيق لحفظ كتابه وتجويده والعمل به، وأن يكون حجة لنا لا علينا يوم نلقاه، وأنوه أن هذا التلخيص جهد بشري غير منزه عن الخطأ أو النقصان؛ فإن أحسنت فمن الله، وإن أسأت فمن نفسي والشيطان.

في البداية كان مما أشعل حماسها لحفظ كتاب الله عدة عوامل، كان من أهمها: رغبتها الأكيدة في حفظ كتاب الله، ومنها: سماعها للقصص التي تستنهض الهمم في شريط الدكتور "يحيى الغوثاني"، وخصوصًا قصة الشاب الذي حفظ القرآن في 55 يومًا، ومنها: قراءاتها في علوم التنمية البشرية، ومعرفتها لحجم الطاقات العظيمة التي وهبها الله -عز وجل- للإنسان، وانطلاقًا من ذلك آمنت بأنه ما دام ذلك الشاب استطاع حفظ كتاب الله في 55 يومًا فإنها تستطيع عمل ذلك أيضًا، وقد تم تحقيق هدفها من خلال مخطط أُلخصه في النقاط الآتية حسب ما فهمته من خلال قراءتي لردودها :

أ- قامت بوضع هدف واضح ومحدد، وهو: حفظ القرآن الكريم كاملاً في مدة زمنية أقل من 55 يومًا.

ب- قامت بوضع خطة شاملة لتحقيق هدفها وتتمثل في الآتي:

- تحديد الكمية التي ستحفظها من كتاب الله بحيث تتناسب مع المدة الزمنية التي حددتها في هدفها، وكانت النتيجة هي وجوب حفظها لعدد ثمانية صفحات من كتاب الله كل يوم .

- تحديد الأوقات المناسبة للحفظ، وكانت النتيجة هي اختيار قبل الفجر وبعده.

- تحديد المدة التي ستقضيها في الحفظ يوميًّا، وكانت النتيجة: ثلاث ساعات للحفظ يوميًّا مقسمه إلى جزأين: ساعة ونصف قبل الفجر يتم حفظ أربع صفحات مع المراجعة خلالها. وساعة ونصف بعد الفجر يتم حفظ أربع صفحات مع المراجعة خلالها.

- تحديد وقت العصر للتفسير.

- تحديد وقت المغرب للمراجعة الشاملة للحفظ السابق.

- اعتمدت خطة معينة لتهيئة جو الحفظ وذلك باعتمادها على خطة التاءات الخمس وهي :

أولاً: التهيئة النفسية:

1- التخلص من كل ما يشغل التفكير أو يكدره، وهذا يحتاج إلى قوة الإرادة.

2- تهيئة الطبعة المحببة إليك.

3– تهيئة المكان المناسب الذي لا ضجة فيه ولا ملهيات.

ثانيًا: التسخين: قبل الحفظ اقرئي لعدة دقائق في نفس الكتاب الذي يراد حفظه أو من المحفوظ، وذلك يساعد على أن تكوني نشيطة ومستعدة أكثر.

ثالثًا: التركيز: يجب أن تنسي كل ما حولك، وتركزي على حفظك تركيزًا كاملاً وهذه النقطة من أهم النقاط، وتختصر كثيرًا من الوقت؛ فقراءة مرة بتركيز لا يعدلها ولا حتى 20 مرة بغير تركيز.

رابعًا: التكرار: وهذه لها أهمية كبيرة بعد التركيز، والتكرار من أهم العوامل التي تقوي الذاكرة؛ فإذا حفظت وتيقنت من إتقانك للمحفوظ فعليك بالتكرار ثم التكرار؛ ليحفظ لك ما حفظتِ لفترة أطول؛ لا سيما وإن كان حفظك مبنيًّا على دورة مكثفة.

خامسًا: الترابط: محاولة ربط الأفكار والكلمات بعضها ببعض، وأفضل معين على ذلك الاستعانة بالمعاني والتفسير، وهذه النقطة ستختصر من وقت الحفظ وتساعد كثيرًا على استذكار المحفوظ في أي وقت، ومن أي موضع كما أن لها دورًا أساسيًّا في إتقان الحفظ، ولا ننسَ أولاً وأخيرًا الاستغفار والدعاء قبل البدء، فإن ذلك مما يصفي الروح ويذهب سواد الذنوب من القلب فيتفتح الذهن ويذهب الهم والغم .

- حددت الشخص الذي سيتم التسميع عليه وكان زوجها.

- حددت الطريقة المناسبة للحفظ، وكانت الطريقة الجزئية لأنها تتميز بـ :

1- سرعة الحفظ. 2- اختصار الوقت. 3- الشعور بالثقة. 4- الشعور بالراحة والسهولة. 5- زيادة الحفظ .

أما طريقة المراجعة فكانت الطريقة الشاملة.

- وأخيرًا: قامت بتحديد تاريخ بدء الحفظ.

ج- برمجة العقل الباطن نحو تحقيق الهدف: اعتمدت على حقيقة كون العقل الباطن لا يفرق بين الواقع والخيال في برمجة عقلها الباطن نحو تحقيق هدفها بأن بدأت في تخيّل نفسها، وهي تطبق الخطة بنجاح، وعاشت بخيالها تفاصيل تنفيذ الخطة بنجاح، ثم تخيلت نفسها وقد حفظت القرآن الكريم كاملاً، وعاشت ذلك الموقف بكل تفاصيله الوقت والمكان، والمشاعر والأصوات، وعندما وصلت إلى قمة تلك المشاعر الرائعة عملت لها رابطًا أو مرساة "من الممكن عمل المرساة بالضغط بأصبع السبابة مع الإبهام على شكل حلقة لمدة 10 ثواني ثم تتركهما، وتستطيع استجلاب هذه المشاعر لاحقًا عن طريق الضغط بأصبع الإبهام مع السبابة بنفس الكيفية السابقة".

ثم بدأت تتصرف في كل يوم كأنها نجحت في حفظ كتاب الله كاملاً لتعمق هذه المشاعر، وتزيد ثقتها بنفسها، وتسمو بعزمها وهمتها، كما اعتمدت على الرسائل الإيجابية لجذب الهدف الذي تود تحقيقه، وذلك عن طريق ترديد عبارة: "أنا الآن حافظة للقرآن الكريم كاملاً" ووضعها على شكل ملصقات في أي مكان قريب من نظرها لتحقيق نفس الهدف، وترديد هذه العبارة ورؤيتها مهم نفسيًّا؛ لأن علماء النفس يقولون: إن الإنسان حتى يتبرمج على مسألة معينة أو سلوك مختار ينبغي عليه ترديده أو تكراره من 6 إلى 21 مرة.

د- البدء في التنفيذ: ثم بدأت في تنفيذ المخطط الذي رسمته حتى حققت -بفضل الله- هدفها، هذا ونسأل الله العلي القدير لأختنا الحافظة التوفيق والسداد، وأن يجعل القرآن الكريم حجة لها لا عليها يوم تلقاه، وبما أنها استطاعت تحقيق ذلك فبمشيئة الله سوف أحقق ذلك وأنتم أيضًا تستطيعون.

فبرغم أنها زوجة أي عندها مسؤوليات البيت والزوج والأولاد؛ إلا إنها استطاعت حفظ كتاب الله بتنظيم وقتها، والتصميم على تحقيق هدفها، فلنحاول أن نفعل مثلها، ولحبي الشديد لإخواني وأخواتي في الله أدعوكم لمشاركتي في تحقيق هذا الخير -إن شاء الله-؛ كي نعين ونشجع بعضنا البعض. أسأل الله لي ولكم التوفيق .

أرجو الإفادة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأما أن البرمجة العصبية محرمة مطلقًا؛ لأنها تنبني على وحدة الوجود فكلام عار من الدليل، وفيه تعميم منكر.

وأما ما ذكرت من المخطط في (أ) و(ب) بتفاصيلها أمور تجريبية حسنة لا بأس بها.

أما (ج) فهي التي فيها المخالفات: من ادعاء عدم التفرقة في العقل الباطن بين الحقيقة والخيال، فهذا ادعاء باطل وكاذب، وأحلام اليقظة بالتحليل تضر أكثر مما تنفع.

ثم عمل المرساة أو الرابط  بهذه الطريقة جهالة وبدعة، وترديد عبارة: "أنا الآن حافظة لكتاب الله" قبل الحفظ كذب وبهتان.

وما يذكرونه عن علماء النفس من التكرار من 21:6 ليس أمرًا تجريبيًّا، بل آراء محضة، ليست عِلمًا بل خَرْصٌ وتخمين، وليس هذا كلام علماء، بل أقرب إلى أحوال الشعوذة والجهالة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية