الجمعة، ٢٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٣ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي

رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي
الخميس ٢٨ أغسطس ٢٠٠٨ - ١٣:٥٦ م
12

رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي

كتبه/ هيثم توفيق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فالحمد الله الذي يسر إخراج كتابي: "حوار هادئ حول كتاب قراءة نقدية"، والذي أسأل الله أن يكون لي لا علي، وفي ميزان حسناتي لا في ميزان السيئات، إنه على كل شيء قدير.

وأحب في هذه العجالة أن أسطر استجابتي لنصائح إخواني ومشايخي، وكذلك بعض من شانئي ممن رأيت في كلامهم حقا -لا يعكره إلا ما حفه من شدة الألفاظ والطعن-، سائلا الله للجميع خير الجزاء على ما نفعوني به، مستغفرا لذنبي وذنوب من نصح على اختلاف مشاربهم، اللهم آمين.

وقد تركزت تلك النصائح كلها -حتى الآن- على الباب الأول والذي اشتمل على التعريف بالشيخ ياسر برهامي -حفظه الله-، مما أصابني بالعجب والحيرة من شأن القارئ الناصح، حيث أن هذا الجزء إنما هو بمثابة مدخل إلى موضع البحث، وليس هو مبحثه الأساسي، مما جعلني أظن أن النزاع القائم حول مسألة جنس العمل -في هذه الآونة- إنما هو حول شخص الشيخ، لا حول موقفه من قضية ولا اجتهاده في مسألة، وإنما ذلك كله بمثابة المحلل للطعن واللمز، والله حسبنا وهو نعم الوكيل.

وإليك أخي القارئ العزيز هذه النصائح:

1- أنه لا يجوز المدح ما دام الممدوح على قيد الحياة؛ فضلا عما يسببه المدح من فساد قلب الممدوح وعمله؛ وقد سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- قطعا للعنق، فقال للمادح: (ويحك قطعت عنق صاحبك) متفق عليه، وأمر أن يحثى في وجوه المداحين التراب، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب) رواه مسلم؛ لما في المدح من الضرر.

وهذه كانت نصيحة الشيخ ياسر -حفظه الله- لي، والذي كان من أكثر الخلق استياءً بهذا الجزء من الكتاب، وقد قتلني لوما وأغلظ لي العبارة وضجر عليه وعلى عدم عرضه عليه، للمشورة قبل طبعه في شيء يمسه، ورغم ما عندي من استشكال كبير على هذا الحكم، يعضدني فيه فعل كثير من السلف، إلا أني ألتزم اتباع نصيحة الشيخ حتى يستبين لي فيه قولا فصلا أتبعه -إن شاء الله تعالى-.

2- أن المدح للموافق في الرأي يصد المخالف عن سماع الحجة فضلا عن قبولها والعمل بها، وهذه كانت نصيحة كثير من إخواني -حفظهم الله تعالى-، ولي عليها أيضا استشكالات منها:

- أن الشريحة القارئة التي قصدت توجيه الخطاب إليها ليس المخالف منها بحال -بما فيهم مصنفي الكتب التي أجبت عليها، فليس قول مثلي عندهم بمعتبر- وإنما كان قصدي هو تثبيت قلوب هؤلاء الذين عرفوا وأحبوا ثم زلزلت تلك المصنفات قلوبهم.

ومنها: أنه قد سبقني من أهل العلم والفضل ممن أتأسى بهم من فعل كفعلي، ولا أعلم من أنكره عليهم.

3- وقع في الكتاب نسبة بعض الكتب التي لم يقم الشيخ بشرحها فعلا إليه، وقد راجعت الشيخ بالفعل في بعض هذا فأفادني بأنه لم يقم بشرح كتاب "نيل الأوطار"، وإنما كان يجيب بعض طلابه عما أشكل عليهم، وكذلك كتاب "روضة الطالبين"، وإنما شرح من بعض الأجزاء أثناء شرح كتاب سبل السلام، فأعتذر عن هذا الخطأ، وجزى الله من دلني عليه خيرا.

4- وكذلك ما وقع في هذه المقدمة من القول بأن الشيخ ياسر قرين لعلماء اللجنة الدائمة، وهذا مما أنكره الشيخ وقال لي: إن كل علماء اللجنة أكبر منه بكثير وإن منهم من كان شيخا مفتيا في  اللجنة وهو لم يزل في المرحلة الثانوية، بل هو ليس قرينا لفضيلة الدكتور سفر الحوالي، إذ يكبره بنحو البضعة عشر عاما، وإن كان ذلك لا يلزم منه عدم جواز الرد على ما قاله الكبير أو المتقدم إذا خالف الدليل.

5- فتح الكتاب الباب أمام زيادة الهجمات على الدعوة والتحريش ضدها، وهذا بالفعل باب شر ما كنت أحب أن يكون لي فيه يد فأتوب إلى الله منه، وأعتذر عنه بأني انتهيت من الكتاب قبل بدء هذه الحملة بشهور عدة، لكن قدَّر الله عدم إخراجه حتى تزامن مع تلك الهجمة.

وعموما فإن قدر الله وأذن للكتاب بالطبع مجددا فسوف أسقط هذا الجزء، وأضع بدله تلك التنبيهات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وقد جاء هذا المقال بعد عزم أكيد، تبعه تردد طويل في نشر استجابتي لهذه النصائح؛ خوفا مما سيشاع من أني قد تراجعت عما في الكتاب برمته -لا عن مجرد نشر جزء منه ليس من البحث العلمي الذي في الكتاب-، إلا أني لم ألبث أن نقضت عزمي وقطعت ترددي هذا لما تكررت مطالبة الشيخ لي بهذا الاعتذار، ثم استياءه الشديد لتأخري وترددي في إجابة ما طلب، خاصة مع ازدياد الحاجة إليه، وها هو بين يديك قارئي الكريم، أسأل الله أن ينفعني وإياك به.

وختاماً: فإن هذا هو ما بلغني من النصح فجزى الله الناصحين عني خيرا، ومازلت في انتظار المزيد من نصائحكم الغالية. والله الهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة